الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

أبو وائل: هل يرضى المحامون لأنفسهم وضعية امتيازية عن غيرهم من المواطنين؟

أبو وائل: هل يرضى المحامون لأنفسهم وضعية امتيازية عن غيرهم من المواطنين؟ من احتجاجات المحاميات والمحامين بالرباط علة فرض جواز التلقيح

في بوحه الجديد المنشور بموقع "شوف تيفي"، توقف أبو وائل الريفي عند الاحتجاجات التي يقودها المحامون ضد فرض جواز التلقيح وطرح تساؤلات حول من يقف وراء هذا التأجيج.

"أنفاس بريس" تنشر وجهة نظر أبو وائل الريفي

 

على وقع الإغلاقات الشاملة والجزئية والتقييدات على حركة المواطنين وارتفاع حالات الإصابة بالمتحور أوميكرون ومخاوف من انهيار المنظومة الصحية وخسارات اقتصادية كبيرة، يحتفل العالم بنهاية السنة لتتزايد المخاوف من انتشار موجة وبائية جديدة، وهذه مناسبة أخرى للتذكير بأننا لا نزال في منطقة الخطر ويلزمنا كمغاربة التعامل معها بحذر ويقظة والانخراط في حملة التلقيح التي تعتبر، إلى حد الآن، أحسن ضمانة لتفادي مضاعفات خطيرة في حالة الإصابة ولتجنب حجر صحي لم نخرج بعد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. لذلك لم يستسغ جزء مهم من الرأي العام تلك "الهلوسة" غير المبررة التي أصابت فئة من المحامين بشكل مفاجئ ضد اعتماد جواز التلقيح وانتهاجها لخطاب "غير مسؤول" وأشكال نضالية غير متحضرة كان أول المتضررين هو سمعة المحامين وهيبة المهنة، والتشبيه هنا لتقريب الفهم وليس للإسقاط الحرفي لأن للمحامين مكانة اعتبارية في كل مجتمع ودولة لا يمكن تجاهلها.

 

كان يمكن لهيآت المحامين التعبير عن موقف رافض لاعتماد جواز التلقيح كشرط لولوج المحاكم كما هو مكفول لها قانونيا وحقوقيا دون التعسف في اعتماد لغة غريبة عن هذه الفئة واستهداف ثلاث مؤسسات دستورية، لها مكانتها في الهرم المؤسساتي للدولة، ووصف مذكرتها بـ "العدوان الثلاثي". هل يتفق كل المحامين على هذا التوصيف؟! وهل يوافقون على تلك الشعارات الراديكالية التي رفعت أمام المحاكم من طرف فئة لها أجندة سياسية وتستغل كل حدث لتحقيق مصالحها وفق حسابات لا علاقة لها بجواز التلقيح نهائيا؟! وهل يرضى المحامون لأنفسهم وضعية امتيازية عن غيرهم من المواطنين وكأنهم من فصيلة بشرية تتمتع بمناعة استثنائية تجعلهم بمنآى عن حمل المرض أو نقله إلى الغير؟! يتحدث المحامون على أنهم ملقحون ويتوفرون على جواز التلقيح ويرفضون الإدلاء به. وهذا منطلق جيد لنقاش هادئ كفيل بالوصول إلى نتائج مُرضية إن توفرت النية الحسنة، ولكن هناك أقلية غير ملقحة وتريد فرض أمر واقع على الجميع بما يهدد الصحة العامة ويجعل المحاكم بؤرا وبائية. فهل وصلنا إلى مرحلة دكتاتورية أقلية تبيح لنفسها فرض رأيها بشعارات لا تحترم المؤسسات وتقتحم أبواب المحاكم كما هو منشور في فيديوهات كثيرة؟!

 

مع كامل التقدير للمحامين ومع كل الاحترام لهذه المهنة يمكن القول إن المحامين أخطأوا اختيار التوقيت والموضوع والشكل وقدموا صورة مسيئة للمهنة وأضروا بمحامين كبار بصموا تاريخا مشرفا حفظ لهذه المهنة "هيبتها" و"وقارها" ولم يفرطوا فيهما معا. والمحامون أدرى من غيرهم بأن لي ذراع السلطات العامة يضر بسيادة القانون ودولة المؤسسات، وهم أول متضرر من ذلك لأنهم جزء من منظومة العدالة.

 

والأيام القادمة كفيلة بكشف ما خفي حول خلفيات ودوافع هذه الاحتجاجات غير العقلانية، والتي لا تتناسب شعاراتها وأشكالها مع مطالبها المعلنة...