الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

الشاعر بوسريف: لغة غلاة الدين معطوبة وفكرهم معطوب، ويتصرفون كآلهة ينوبون عن الله

الشاعر بوسريف: لغة غلاة الدين معطوبة وفكرهم معطوب، ويتصرفون كآلهة ينوبون عن الله صلاح بوسريف

استضاف برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية من الرباط، ليلة الثلاثاء 14 دجنبر 2021، الشاعر والكاتب صلاح بوسريف، حيث حاوره الإعلامي عبد الإله التهاني حول جوانب من مساره الابداعي والفكري. وأثار معه عدة قضايا وأسئلة، ذات الصلة باهتماماته الشعرية وكتاباته النظرية والفكرية.

 

وأوضح معد ومقدم البرنامج، في ورقته التقديمية، إلى أن لصلاح بوسريف، إسهاما متميزا في عدة حقول معرفية، وأنه صنع لنفسه بجهد ومثابرة، مكانته الوازنة في المشهد الثقافي المغربي والعربي، وظل حريصا على إنتاج مقاربات فكرية نوعية، مسهما بالرأي والتحليل، في كل ما يتعلق بقضايا الثقافة والتربية والتعليم والابداع، وأسئلة الحداثة والتنوير، والقيم المدنية؛ مشيرا إلى أن رحلته الأدبية والفكرية أثمرت رصيدا غزيرا من الإصدارات داخل المغرب وخارجه، فاقت أربعين مؤلفا، تراوحت بين مجاميع شعرية، ودراسات أدبية ونقدية، ومساهمات فكرية.

 

وهو يستعرض طفولته والإرهاصات الأولى لاهتماماته الثقافية، كشف صلاح بوسريف  كيف أنه "كان تلميذا فاشلا؛ وأن علاقته بالمدرسة لم تكن جيدة، مبرزا أنه كان يميل  إلى أن يكون حرا في رؤيته للأشياء، وأن يختار ما يريد أن يفعله، وهو ما سينتهي به خارج المدرسة العمومية في سن مبكرة من طفولته، ليلتحق بعدها بالتعليم الحر، وينكب موازاة مع ذلك، على القراءة ومطالعة كتب التاريخ والسياسة والأدب بنوع من الإدمان، كتعويض عن تلك الخسارة .

 

واعتبر صلاح بوسريف أن "دار الشباب بوشنتوف" بالدار البيضاء، كانت منطلقا فعليا لمشواره الثقافي، إذ في مكتبتها سيقرأ الأعمال المسرحية الكاملة لشكسبير، وكذا مؤلفات الدكتور طه حسين التي أتاحت له أن يعرف معنى التراث، وكتابات عباس العقاد.. مشددا على أنه شعر أنه قريب جدا من هذا الأخير، كونه كون نفسه كون بنفسه، وأصبح العقاد يضاهي طه حسين". وخلص إلى القول بأن هؤلاء الرجال، هم الذين أتاحوا له أن يفتح شرفاته على شموس متعددة.

 

وفي سياق حديثه عن الحداثة، أوضح صلاح بوسريف أن الحداثة بدورها فيها أعطاب ومشكلات... وتحدث عن استلهامه للأدب الصوفي، وتفاعله مع بعض رموزه وأعلامه مثل جلال الدين الرومي، شارحا بتفصيل عودته في كتاباته للأسطورة، مثل ملحمة جلجاميش، كأول نص أدبي أنتجته الإنسانية، متوقفا كذلك عند هوميروس، ولافتا الانتباه إلى أنه لا يختبئ خلف أحد، بل إنه يسعى لكي يتماهى مع هؤلاء الرموز، محاولا أن يحاول أن يضاهي تجربته بتجاربهم.

 

وتحدث صلاح بوسريف عن رسالة المثقف، ودوره في المجتمع، معتبرا أن من واجب المثقف أن يكون منخرطا في قضايا المجتمع الذي يعيش فيه، ومواكبا لكل ما يجري من أفكار وتصورات وأطاريح، مشيرا إلى أننا "حين نغلق على أنفسنا، داخل غرفة مظلمة لها نافذة واحدة، لا نعرف ما يجري في الجهات الأربعة".

 

وفي نفس السياق، قال الكاتب صلاح بوسريف: "أنا ألتقط كل الإشارات، سواء في الدين أو الفكر أو السياسة، وأتفرغ للبحث فيها، ومعرفة الخلفيات التي تتأسس عليها، لأن الرؤى البديلة تقتضي أن تكون مبنية على منهج علمي".

 

ووجه صلاح بوسريف نقدا شديدا لدعاة الانغلاق والتشدد في الدين، رافضا كل مظاهر وأشكال التطرف الديني؛ متهما أصحابه بأنهم يتصرفون وكأنهم آلهة تنوب عن الله، ويتكلمون باسم الله، ويؤلون النصوص القرآنية ويصبحون هم الآلهة التي تتكلم".

 

وفي المقابل، أشاد بوسريف بسيرة العلماء المغاربة المتنورين الذين كانوا  يتفادون المغالاة والتطرف، وتعلمت منهم الأجيال منهم أشياء كثيرة، من أمثال العلامة أبي شعيب الدكالي، وعلال الفاسي، ومحمد المختار السوسي، وسواهم .

 

وفي هذا الصدد، طرح صلاح بوسريف سؤلا حارقا: "لماذا نترك هذه المساحة لرجال الدين وحدهم؟ لماذا لا يدخل إليها المفكر والفيلسوف والمثقف، على غرار ما فعله المفكر محمد عابد الجابري؟

 

تجدر الاشارة إلى أن هذه الحلقة من برنامج "مدارات"، تضمنت الجزء الأول فقط من اللقاء الذي سجله البرنامج مع الكاتب والشاعر صلاح بوسريف، في انتظار تقديم جزئه الثاني لاحقا...