الخميس 28 مارس 2024
سياسة

بوشطارت: ضم الطوارق الأمازيغ إلى دولة الجزائر خطة استعمارية توسعية من إخراج فرنسي

بوشطارت: ضم الطوارق الأمازيغ إلى دولة الجزائر خطة استعمارية توسعية من إخراج فرنسي عبد الله بوشطارات
قال عبد الله بوشطارات، وهو دكتور باحث في تاريخ الطوارق، إن "النظام الجزائري الحالي هو وريث للسياسة الاستعمارية التوسعية لفرنسا في شمال أفريقيا والصحراء، ولا يوجد دليل آخر عن هذا الكلام بعد ما أكده تصريح رئيس الجمهورية الفرنسية مؤخرا بكون أن دولة الجزائر لم يكن لها وجود قبل الاحتلال الفرنسي".
 وبحسب إفادة الباحث بوشطارت لـموقع "أنفاس بريس" يتجلى هذا بوضوح في علاقة النظام الجزائري الحالي بشعب الطوارق في الجنوب، الذين خاضوا معارك ضارية وكثيرة ضد الاستعمار الفرنسي الذي لم يستطع احتلال بلاد الطوارق في الجنوب إلا بعد معركة تيط سنة 1902 أي بعد 70 سنة من احتلال الجزائر، وهذا يدل على وجود صعوبات كثيرة في الوصول إلى صحراء الهگار أهمها البعد الجغرافي عن الجزائر العاصمة حيث توجد الإدارة الاستعمارية الفرنسية، كما أن هذه الأخيرة كانت تراهن على ضم صحراء الطوارق إلى المناطق الشمالية لأهداف استعمارية وتوسعية للوصول إلى السودان وبناء مشروع السكة الحديدية لنقل الذهب والمواد التجارية الأساسية للامبريالية الفرنسية".
واعتبر أن "ضم الطوارق الأمازيغ إلى دولة الجزائر هو خطة استعمارية توسعية كانت تطمح فرنسا من ورائها في استغلال الثروات الطبيعية والمعدنية التي تزخر بها صحراء الطوارق خاصة بعد اكتشاف البترول في الهگار، والاورانيوم في شمال النيجر بعاصمة الطوارق مدينة أگاديز".
 وأكد بوشطارت "أنه لم تتمكن فرنسا من العبور إلى السودان أي الساحل حاليا واحتلال الطوارق، إلا عن طريق نهر النيجر عبر التسرب من السينغال وسان لوي، وبالتالي احتلال "تينبكتو" 1893-1894. ويظهر لنا أن ضم بلاد الطوارق لما يسمى حاليا دولة الجزائر في الشمال لم يكن له وجود ولا أثر تاريخي وواقعي قبل سنة 1902 أي بعد انهزام الطوارق في معركة تيط 1902 وتأسيس مركز استعماري اداري في" تامنراست".
 وشدد بوشطارت  على "أن طوارق الهگار ظلوا مستقلين في صحرائهم ولا تربطهم أية علاقة مع الشمال إلا فيما يخص التجارة التي يحصلون منها عن عائدات وحقوق المرور، ولهم علاقة وطيدة جدا بطوارق "إيفوغاس" بالجنوب أي بشمال مالي حاليا وهم الذين اعلنوا الاستقلال عن مالي سنة 2012 بتأسيس دولة أزواد بعد 60 سنة من النزاع المسلح مع دولة مالي. وكذلك مع طوارق الشرق "كْلْ أجير" و"كْلْ أيير" التي ألحقتها فرنسا إلى النيجر".
ونبه إلى أن "فرنسا كانت تخطط للبقاء فترات طويلة في الجزائر لذلك عملت على توسيع نفوذ ترابها بضم مناطق كثيرة وممتدة في الجنوب وكانت تسعى في بداية الأمر ضم حتى المناطق التابعة حاليا لشمال النيجر الغنية بالأورانيوم، وكان يقود هذه السياسة التوسعية في صحراء الطوارق الجنرال"هنري لابيري" Henri Laperrine الذي كان حاكما عسكريا في تامنراست".
وفي نهاية عقد الخمسينيات، يوضح بوشطارت، "أدركت فرنسا صعوبة تحكمها في الصحراء الوسطى، ورغبة منها في ضبط شعب الطوارق الذي ينتشر في مناطق صحراوية شاسعة وقاحلة، قامت (فرنسا) بتأسيس تنظيم اداري وسياسي جديد في بلاد الطوارق يسمى "المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية" عرفت اختصارا ب OCRS. وهي منظمة تابعة للجمهورية الفرنسية وتشمل كل المناطق التي ينتشر فيها الطوارق بجنوب الجزائر والنيجر وتشاد ومالي وموريتانيا".
يؤكد بوشطارت على أنه "لهذه الأسباب ظهرت توترات وتمردات مسلحة بين الطوارق والدول التي نشأها الاستعمار في المنطقة منذ الاستقلال، لأنها ليست لها أية شرعية سياسية ولا قانونية للتحكم في الطوارق، الذين كانوا يتمنعون باستقلالية إدارية وسياسية كاملة قبل الاحتلال الاستعماري لبلادهم الذي ألحقهم بشكل تعسفي لتلك الدول القطرية، وعلى رأسها الجزائر التي اعتنقت القومية الاشتراكية العربية ابان الاستقلال، وتحالف رئيسها الاشتراكي "احمد بن بلة" مع صديقه  رئيس جمهورية مالي "موديبو كيتا" الذي يعتبر زعيم الاشتراكية والقومية الافريقية، على تشريد الطوارق وقمعهم وتهجيرهم منذ ثورة كيدال 1963. وقد عبر الطوارق بصراحة منذ 1963 عن عدم رغبتهم في الانضمام إلى دول الشمال أي الجزائر وليبيا ولا دول الجنوب مالي والنيجر، وعبروا عن رغبتهم في الحفاظ على استقلالهم عن طريق تأسيس دولة خاصة بهم"
وأشار إلى أن "طوارق الهگار التابعين إداريا حاليا إلى ولايتي أدرار ولاية تامنراست يعانون من تهميش واقصاء اجتماعي واقتصادي كبير، ومن استنزاف لثرواتهم الطبيعية من غاز وبيترول من قبل النظام العسكري الجزائري، هم في صراع دائم مع الجيش المنتشر في المناطق الصحراوية، خاصة أحداث "تين زاوتين" الحدودية مع مالي. بالرغم من أن الجيش الجزائري قام ببناء سياج حديدي عازل في الحدود بدعوى محاربة التهريب وغيرها، إلا أن ذلك يستهدف تقويض حرية التنقل بين الطوارق خاصة بعد تأسيس دولة أزواد شمال مالي".
 وسار الباحث بوشطارت إلى أن ما "يفهم من ذلك أيضا من التعديل الدستوري الذي قام به النظام العسكري مؤخرا في الجزائر بالسماح للجيش بالتدخل في الأراضي التي تقع خارج الحدود الجزائرية، فهو تعديل يخص بالدرجة الأولى التدخل في أزواد شمال مالي، حيث يوجد تنسيق كبير بين الطوارق المنتمون إلى جنوب الجزائر ومع الذين انفصلوا عن دولة مالي. وأمام التصدعات الداخلية لدولة الجزائر واضطراب شرعيتها بعد الحراك وتورط الجيش في قمع المواطنين، وأمام انتشار الفقر والبطالة  والعطش والاقصاء والتهميش الذي طال الطوارق في الجنوب طيلة 60 سنة، واستمرار نهب الثروات والمعادن في الصحراء، فإنه من المحتمل جدا ظهور مطالب انفصال الطوارق عن الجزائر وانضمامهم إلى دولة أزواد خاصة في ظل التغيرات الاستراتيجية الحاصلة على المستوى الدولى".
وخلص الباحث بوشطارت إلى أن "فرنسا حرصت على تشتيت التوارگ/ الطوارق على كيانات سياسية متعددة تم تقسيمها بناء على المصالح الاقتصادية والسياسية للإدارة الاستعمارية، فنجد اليوم الطوارق منتشرون في المناطق الصحراوية على هوامش الدول الناشئة، وعلى المناطق الحدودية، في الجزائر ومالي والنيجر وليبيا ثم بوركينافاسو، فعواصم هذه الدول تقع بعيدة جغرافيا عن مناطق وجود الطوارق، مثلا عاصمة الجزائر تبعد عن تامنراست بمسافة 1981 كلم، ونفس الشيء فيما يخص ميدنة كيدال عاصمة ازواد تبعد بأكثر من 1000 كلم عن باماكو. فهذه المناطق تعيش في فقر وتهميش وعزلة بالرغم من الثروات الطبيعية المعدنية والطاقية التي تزخر بها.