السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

الخاسر والمستفيد من عودة ظاهرة البناء العشوائي بحي المسيرة بوادي زم... (مع فيديو)

الخاسر والمستفيد من عودة ظاهرة البناء العشوائي بحي المسيرة بوادي زم... (مع فيديو) ارتفاع عدد المنازل يتطلب اعتمادات إضافية مما يستحيل على أي مجلس جماعي منتخب
يعتبر البناء العشوائي إشكالية قديمة في مغرب ما بعد الاستقلال، فعلى الرغم من الجهود المبذولة لمحاربته، إلا أن وتيرة انتشاره في مختلف مناطق البلد في تزايد مستمر كلما حل موعد الانتخابات، كما هو الحال بحي المسيرة بمدينة وادي زم، الذي يعيش هذه الأيام على وقع عودة قوية للبناء العشوائي. 

وتتحمل المجالس الجماعية المتعاقبة والسلطات المحلية، كامل المسؤولية ولو بنسب متفاوتة، في ظهور وتنامي الظاهرة، مما سيزيد من صعوبة تنفيذ مشروع التسوية العقارية للحي وكهربة المنازل المتبقية وسيساهم في خلق بؤر خطيرة في المستقبل، ذلك أن ارتفاع عدد المنازل يتطلب اعتمادات إضافية مما يستحيل على أي مجلس جماعي منتخب توفيرها.

ولم يشفع التصويت الكثيف لساكنة حي المسيرة في الانتخابات الأخيرة ل 8 شتنبر 2021، بعدما أغرقوا صناديق الاقتراع بالأصوات،  بعد تسجيل نسبة عالية من التصويت بإعدادية صالح الورداني، في إيجاد حل آني لملف البناء والإصلاح والتسوية بهذا الحي الذي يندب حظه في التنمية المنشودة منذ عقود من الزمن. 

وحيث إن تأخر تنزيل مشروع التسوية العقارية عن موعده، وامتناع المجلس الجماعي عن تسليم رخص البناء والإصلاح، كلها عوامل ساهمت في عودة البناء العشوائي، مما يتطلب ابتكار حلول آنية من طرف السلطات المحلية والإقليمية والمجلس الجماعي عبر تسليم رخص التسوية والإصلاح كما جاء في المواد 3 و 5 من المرسوم رقم 2.18.475 المتعلق بتحديد إجراءات وكيفيات منح رخص الإصلاح والتسوية والهدم، وهو ما سيوفر اعتمادات مهمة للمجلس الجماعي ستسهل عملية تأهيل الحي ومعالجة المشاكل العالقة منذ عقود من الزمن. 

ويمكن أن نميز في هذا الصدد بين البناء العشوائي والتسوية والاصلاح، ذلك أن الأول يتعلق ببناء جديد دون الحصول على رخصة من طرف رئيس الجماعة، وما يعني ذلك من ترامي وغيرها، أما الثاني فحددتها المادة 40 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير "...وتسلم للبنايات في وضعية غير قانونية داخل المناطق الخاضعة لإلزامية الحصول على رخصة البناء..."، أما الإصلاح يراد به الأشغال الطفيفة على المباني القائمة حيث يسلم رئيس الجماعة رخصة إصلاح البناية القائمة المعنية. 

إن الامتناع عن تسليم رخص البناء، لا يشمل الأرض الموصولة بشبكة الصرف الصحي أو شبكة توزيع الماء الصالح للشرب،  ويمكن أن تسلم الرخصة في غياب هذا الشرط إذا كانت طريقة الصرف الصحي والتزويد بالماء تتوفر فيها الضمانات التي تستلزمها متطلبات النظافة والصحة وذلك بعد استطلاع رأي المصالح المختصة في هذا الميدان حسب المادة 47 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير. كما أن مبررات رفض رخص التسوية والإصلاح، غير مؤسسة قانونا، لاسيما مع استعداد الساكنة لأداء الرسوم المستحقة، الأمر الذي يدفعها إلى البحث عن كل السبل للإصلاح والبناء. 

وقد فرض هذا الوضع، ارتفاع مواد البناء واليد العاملة، بالإضافة إلى تبادل العنف والعنف المضاد بين أعوان السلطة ورجال السلطات المحلية والأمنية والساكنة موضوع البناء العشوائي والإصلاح، مما ساهم في تقويض كل المجهودات المبذولة في هذا الصدد. 

ونخلص في الأخير إلى أن  البناء العشوائي-البناء بدون رخصة- بحي المسيرة، ليس وليد اللحظة، بل موجود بشكل مستمر، لكنه تمدد في الآونة الأخيرة، كما أن معالجته باعتماد المقاربة الأمنية وما يعني ذلك من ردود فعل من طرف الساكنة واعتقالات وغيرها، سيزيد من حجم التوتر بين الطرفين، وهو ما يمكن أن ينتج عنه في المستقبل القريب، انعدام الثقة في تنزيل أي مشروع مستقبلي من حجم تسوية العقار وغيره، فما نحتاجه اليوم هو تحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية، وفتح حوار جاد مع فعاليات الحي لإيجاد حلول مرضية للجميع، لأن الخاسر الأكبر هو المدينة وصورة بلادنا تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.