الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

خمريش: دور "البام" في المعارضة وليس من صالحه المشاركة في الحكومة

خمريش: دور "البام" في المعارضة وليس من صالحه المشاركة في الحكومة عزالدين خمريش

ما أن كلف الملك محمد السادس الأمين العام لحزب "الحمامة"، عزيز أخنوش، بتشكيل الحكومة الجديدة، حتى سارعت جل الأحزاب في التهافت على الصعود إلى المنصة واللهث وراء الظفر بموطئ قدم لها في حكومة أخنوش بعيدا عن روح الدستور.

ولتحليل هذه الظاهرة وتداعياتها أجرت "أنفاس بريس" مع عزالدين خمريش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الحوار التالي:

 

+ ما هي قراءتك لهذا المشهد السياسي الجديد؟

- لابد من الإشارة إلى أن المشهد السياسي الذي أفرزته صناديق الاقتراع يوم 8 شتنبر لم يكن متوقعا؛ إلى درجة أن الحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية يأتي في مؤخرة الترتيب ويحصل على أقل المقاعد؛ ويأتي بعد بعض الأحزاب الإدارية كالاتحاد الدستوري! فهذه كارثة سياسية بامتياز، سقوط انتخابي دراماتيكي، أول سقوط سياسي في عالم الانتخابات في التاريخ السياسي المغربي. فما حصل لهذا الحزب هو تدبير رباني وإذلال من رب العالمين؛ ليس هزيمة فقط بل محرقة ومذبحة انتخابية وسقوطا إلى الأبد.. فهو نهاية وإبادة كارثية بالمعنى السياسي للكلمة.. وترجع هذه الانتكاسة لحزب الإسلاميين إلى التصويت العقابي، بل الانتقامي للمواطن المغربي وجلد هذا الحزب الذي مرر كل القرارات السلبية الصعبة التي لم يجرؤ أي حزب سياسي على تمريرها ضد عيش ورفاهية المواطن. وبالتالي يمكن أن نخلص من قراءتنا الاستنباطية لهذا المشهد السياسي الجديد أن الشعب المغربي شعب راق وواع ومثقف؛ لأنه استطاع أن يصعد حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع وأن يسقطه بنفس الصناديق دون إراقة قطرة دم واحدة، كما حصل في مصر، أو ذبح الديمقراطية كما حصل في تونس؛ فالتجربة المغربية استثناء...

 

+ وكيف يستقيم العمل السياسي دون أن تكون هنالك أغلبية ومعارضة كما ينص على ذلك الدستور وكما يؤكد على ذلك الملك الذي يحرص على أن تكون هنالك مؤسسات قوية؟

- العمل السياسي لا يستقيم في إطار معوج في ظل تهافت الأحزاب بكل مكوناتها والتكالب على غنيمة الاستوزار؛ وبالتالي لابد لهذه الأحزاب أن تحافظ على بكارتها السياسية باحترام الخط الإيديولوجي لتوجهاتها ومبادئها؛ و ألا تخدش هذا العرس الديمقراطي الذي دشنه المغرب يوم 8 من شتنبر 2021 ببعض الممارسات المشبوهة واللعب على وتر مغانم الاستوزار.. بل يجب أن تكون هذه الانتخابات مفتاحا لترسيخ أسس ومرتكزات الديمقراطية الحقة من خلال مؤسسات قوية قادرة على تدبير الشأن العام الوطني بنوع من الاحترافية و الذكاء الرشيد والتدبير الفعال القضايا الوطنية الكبرى، والاستجابة لانتظارات المواطنين وليس بالدعاء والفاتحة والولائم، كما كان يفعل حزب الإخوان بالمغرب!!

وبالتالي فأنا أعتقد بأن أنجح سيناريو للتشكيل الحكومي الأخنوشي يجب ألا يخرج عن البناء الحزبي التالي: الأحرار والاستقلال والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، ويمكن أن يضاف إليهم الاتحاد الاشتراكي، لتكوين أغلبية حكومية صلبة مكونة من 254 مقعدا وهي جد مريحة؛ في حين أن حزب الجرار ليس من صالحه الآن المشاركة في الحكومة لأنه لا يوجد أي حزب يستطيع أن يلعب دور المعارضة في البرلمان، لأنه من الخطورة أن يترك "البام" مقاعد المعارضة فارغة أو محتلة من طرف فلول حزب العدالة الذي تشبه وضعيته الحالية وضعية الكلب المسعور، والذي لن يترك أي هفوة أو زلة لكي يكشر عن أنيابه وينقض على الحزب الحاكم لينهش لحمه ودمه أكثر مما يبحث عن القيام بمعارضة قوية وبناءة وذات مصداقية .

 

+ ألا يفسر تهافت الأحزاب على البحث عن مكان لها ضمن حكومة أخنوش بأن النخب الحزبية ما زالت بعيدة عن استيعاب روح الدستور؟

- تهافت الأحزاب السياسية ومحاولة التزلف لرئيس الحكومة المعين من طرف الملك عزيز أخنوش ليس له إلا تفسير واحد؛ هو تلك الهوة الشاسعة بين النخب الحزبية وبين مقتضيات الوثيقة الدستورية لسنة 2011 والتي تعطي للأغلبية والمعارضة أدورا واختصاصات مهمة قصد تأسيس مؤسسات قوية وصلبة؛ تستطيع أن ترتقي بالعمل السياسي ببلادنا عاليا؛ وأن تحقق تدبير أزمات ومشاكل المغرب بنوع من الاحترافية والمصداقية؛ وهذا لن يتحقق إلا بالفهم الجيد والاستيعاب الرصين لمضامين ومقتضيات الدستور التي تجعل من الأحزاب السياسية مفتاحا لبسط وترسيخ الديمقراطية في أبعد تجلياتها، وليس التكالب على الحقائب الوزارية والمصالح الحزبية الضيقة.. ولذلك أعتقد بأن الأحزاب السياسية يجب أن تراجع آليات اشتغالها وأساليب تعاطيها مع نتائج الانتخابات التي عرفها المغرب، وأن تساهم في الحفاظ على هذا التقدم الديمقراطي الجديد الذي دشنه المغرب في هذه الاستحقاقات التي عرفت غياب مجموعة من الممارسات التي كانت سابقا في عهد المفهوم التقليدي للسلطة، كتدخل الإدارة ورسم الخريطة السياسية على المقاس "فالشعوب إذا أخطأت تعلمت؛ فخير لها أن تتعلم عن طريق الخطأ من أن تبقى جاهلة من غير خطأ"، كما قال فولتير أحد منظري الثورة الفرنسية.