الثلاثاء 16 إبريل 2024
فن وثقافة

عبد الإله حسنين: الوقت الحر رهان تربوي

عبد الإله حسنين: الوقت الحر رهان تربوي د. عبد الإله حسنين يتساءل عن حقوق الطفل في زمن الجائحة
نطرح السؤال اليوم ونحن في وضعية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها وضعية عصيبة وصعبة على جميع فئات المجتمع المغربي وبصفة خاصة الأطفال والشباب، مع المتحورات المرضية لكوفيد 19 التي نسمع عنها بين الفينة والأخرى بمدننا، وما يترتب عنها من تبعات على مواطنينا ومجتمعنا اقتصاديا واجتماعيا وتربويا ونفسيا.. والسؤال هو لماذا أصبح الوقت الحر اليوم رهانا تربويا داخل المجتمع المغربي الذي يعرف الحركة والتغيير ؟
نحن نعلم من خلال الدراسات وأهمها التقرير التفاعلي حول حقوق الطفل في زمن الجائحة الذي أصدرته حركة الطفولة الشعبية منذ أربعة شهور؛ أن التكلفة النفسية لهذا الوباء كبيرة جدا لاسيما بالنسبة للفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا، وتداعياتها عميقة الآثار وخطيرة على الصحة النفسية للأطفال كتلاميذ مع أساتذتهم وكأطفال مع آبائهم. فمن جهة قلص الحجر بشكل واضح الحريات الفردية لجميع أفراد العائلة بل وقيدها، وزرع الرتابة والملل بين صفوفهم، ونعرف أن الملل يولد الخوف من المستقبل. ومن جهة ثانية فالحجر منع الأطفال من وقتهم الحر وحرمهم من اللعب مع أقرانهم ومن الحوار حول مواضيع لا تسمح بها لا الفضاءات التعليمية كمؤسسة نظامية ولا البنيات العائلية كمؤسسة محافظة ومتحفظة على كثير من المواضيع. فأصبح التعليم عن بعد بمختلف أسلاكه وشعبه يظهر للبعض وكأنه لوحده المسؤول عن تنشئة وتربية وتعليم الأطفال خلال هذه المرحلة، وهذا غير صحيح بتاتا.
إن الوقت الحر يشكل لحظة مهمة من لحظات اكتساب المعارف الشخصية والثقافية والمكملة في نفس الوقت للمدرسة والعائلة كمؤسستين مهمتين من مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتربوية. ففي المدرسة يمكن القول أن المعارف والمكتسبات العلمية تتم بلورتها وتنظيمها حسب مناهج أكثر سيادية، أما داخل فضاءات الوقت الحر فالمهارات والسلوكات يمكن أن تتطور كمنظومة حسب تطور النظام التربوي والمنهجي للمؤسسة التعليمية، والتي لا بد لأطفالنا من استكمالها.
إن الوقت الحر هو الوقت الأكثر تحقيقا للانفتاح على الحياة الاجتماعية والأكثر اتساعا لممارسة التربية الشعبية أو المدنية. فالوقت الحر يمكن أن يكون فضاء لاكتساب المعارف والأفكار المرتبطة والمتعلقة بالمحيط الذي نعيش فيه لاسيما في أبعاده البيئية. كما أنه المكان المتميز لتنمية الأدوات المنطقية للتفكير من خلال الالتقاء بالآخرين والتحاور معهم، أو مواجهة أفكارهم وضوابطهم ومرجعياتهم الاجتماعية. إنه فضاء لاكتشاف حقول ثقافية جديدة وأفكار مختلفة، وهو فضاء يحقق للطفل استقلاليته وبمعنى آخر قدرته على إنجاز وتحقيق مشروع تطوره الشخصي.
كما أن الوقت الحر يعتبر عنصرا رئيسيا لمجتمعات المستقبل وعاملا مهما لإدماج الأطفال والمراهقين، وبالتالي إطارا لمقاومة كل أشكال التهميش التي يمكن أن تمس أطفالنا وشبابنا. وذلك من خلال الأنشطة التي يسمح بها ويساهم في إطلاقها، والتي تتميز بمضمون تربوي يستطيع أن يمكن أطفالنا من التوجه نحو المستقبل بآليات بيداغوجية نحو الخلق والإبداع والمبادرة بكل الثقة المطلوبة والمواطنة الإيجابية والتكوين الذي لا بد منه أي الملائم لحاجيات المجتمع وسوق عمله.
ومن أجل تحقيق ذلك لأي مجتمع لابد من ملائمته حسب خصوصيات كل مجتمع، فالوقت الحر ليس وقتا زائدا تتحمل مسؤوليته العائلة فقط، وليس وقتا ثالثا أو وقتا للفراغ ؛ بل هو وقت أساسي لا بد من مأسسته رسميا من طرف المجتمعات، وعدم الاعتراف به قد يؤذي لا محالة لخنق المجتمع وتحضيره للانفجار، فهو وقت اجتماعي يلائم ما وصل إليه مجتمعنا من تنظيم لأوقات حياته وعمله، ولا بد من توفير الشروط السياسية لوضعه موقع التنفيذ وإلا سنتحمل حالا أو مستقبلا مسؤولية إقصاء أطفالنا من الانخراط في المشروع المجتمعي، فهلا فكر المسؤولون السياسيون فيما نقوله ونفكر فيه لمصلحة مجتمعنا؟