Monday 15 September 2025
خارج الحدود

هل تضع قمة الدوحة اللبنات الأولى لحلف "ناتو عربي"؟

هل تضع قمة الدوحة اللبنات الأولى لحلف "ناتو عربي"؟ نقاش عربي حول تأسيس قوة عسكرية مشتركة بقيادة مصر والسعودية
تشهد الساحة العربية في الآونة الأخيرة نقاشًا متصاعدًا حول فكرة تأسيس قوة عسكرية مشتركة على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تقودها مصر والسعودية، وتطمح إلى أن تشكل نواة لجيش عربي موحد طالما راودت قادة المنطقة. الفكرة أعادت إلى الواجهة رؤية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي طرحها لأول مرة سنة 2015، لكنها اليوم تكتسي زخماً جديداً في ظل التوترات الإقليمية والتطورات الأمنية الأخيرة.

بعض التقارير الإعلامية والتحليلات العسكرية تحدثت عن قوة قد تبدأ بنحو 20 ألف جندي، مع قابلية للتوسع لتصل – نظرياً – إلى أربعة ملايين جندي إذا ما جُمعت طاقات الجيوش العربية. وبحسب تقديرات نقلتها مواقع مثل الدفاع العربي، يمكن أن تشمل هذه القوة حوالي 9 آلاف طائرة حربية، و4 آلاف مروحية، و51 ألف مدرعة، و2600 راجمة صواريخ، إلى جانب 900 سفينة وغواصة. غير أن هذه الأرقام تبقى حسابات افتراضية مستندة إلى قدرات الدول العربية مجتمعة وفق بيانات "غلوبال فاير باور"، وليست إعلاناً رسمياً عن حجم فعلي متفق عليه.

اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي المصري، أوضح في تصريحات إعلامية أن "القيادة العليا ستكون مصرية، سواء عبر رئيس أركان أو ضابط برتبة فريق، مع نائب من السعودية، ومجلس يضم ممثلين عن باقي الدول المشاركة"، مشيراً إلى أن القوة ستتحرك للدفاع عن أي دولة عربية تتعرض لتهديد. هذا الطرح يعكس رغبة مصر في لعب دور مركزي، مع إدراك أهمية الشراكة السعودية على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري.

الجانب الاقتصادي والديمغرافي حاضر بقوة في هذه الرؤية. فالدول المشاركة يفترض أن تغطي مساحة جغرافية تناهز 13.5 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 385 مليون نسمة. أما الناتج المحلي الإجمالي المشترك، فيقدر بما بين 5 و6 تريليونات دولار، ما يجعلها – على الورق – قوة بشرية واقتصادية قادرة على دعم مشروع عسكري بهذا الحجم.

مع ذلك، يظل المشروع في مرحلة النقاش أكثر مما هو في طور التنفيذ. فقد أوضحت وزارة الخارجية المصرية في تصريحات سابقة نقلتها Egypt Today أن "فكرة إنشاء ناتو عربي ليست مطروحة على الطاولة حالياً"، ما يعكس تبايناً بين الطرح النظري لبعض الخبراء والجدول العملي للسياسات الرسمية. كما أشار محللون إلى أن المبادرة قد تواجه عقبات تتعلق بتباين أولويات الدول العربية، وتعقيدات السيادة الوطنية، فضلاً عن التوازنات مع القوى الإقليمية والدولية التي ترتبط معها المنطقة بتحالفات قائمة.

رغم هذه التحديات، فإن استعادة النقاش حول "ناتو عربي" يعكس هاجساً عربياً متزايداً بضرورة تقليل الاعتماد على القوى الخارجية وتعزيز الأمن الذاتي، خاصة في أعقاب تطورات مثل العدوان الإسرائيلي على قطر. ويترقب مراقبون أن يطرح الموضوع بشكل أكثر وضوحاً خلال القمم العربية والإسلامية المنعقدة بالدوحة، سواء لتبنيه كخيار استراتيجي بعيد المدى أو لإعادة صياغته في شكل تعاون دفاعي مرن يراعي خصوصيات كل دولة.