بعد فاجعة "طحن" محسن فكري بالحسيمة، يعود موضوع "الطحن" إلى الواجهة ليتصدر الأحداث. مركز سيدي بولعلام التابع لإقليم الصويرة يأكل نساءه. 15امرأة أنهكهن الفقر يطمرهن التراب، يرتوي "الطحين" بدمائهن حتى الثمالة. من المسؤول؟ الفقر؟ الجفاف؟ الجهل؟ الحكومة؟ العثماني؟ لافتة الشيخ الحديدي التي تحولت من "نداء إنساني" إلى "لافتة قاتلة".
من هنا ابتدأت المأساة: الأنشطة التي تحمل "قبعات إنسانية" حين تنزاح عن الإطار "المؤسساتي"، مستغلة الفقر لتحويل المواطنين إلى "قطيع" هائج ومسعور يفكر بمعدته قبل عقله، تصبح دعوة إلى الفوضى والتسيب والضجيج. توزيع المساعدات الإنسانية في ظرف حرج وتوقيت حساس والمغرب مقبل على الجفاف، خاصة أن المورد الذي يقتات منه فقراء الشياظمة هو شجرة أركان المهددة بالعطش. العطش هو الوحش القاتل الذي يخيم على المغرب غير النافع.
تراب مركز بولعلام لم يجد ما يروي به عطشه غير دماء نساء بريئات توصلن من جمعية إحسانية بدعوة إلى حفل جنائزي.
في الأسبوع الذي صادقت فيه الحكومة على تمرير أخطر قانون للمالية في البرلمان، ورفع سن التقاعد إلى أعلى سقف، وارتفاع أسعار المحروقات إلى الحد الأقصى، وتصفية أزمة تقاعد البرلمانيين بفضل تدخل رئيس الحكومة لإسعاد النواب والمستشارين بأعلى فاتورة، تموت 15 امرأة في سبيل كيس طحين. تخيلوا كيس طحين كثمن لروح بريئة، بلا شك سيكون أغلى كيس طحين، ومن يدفع فاتورته سوى دماء الأبرياء والبريئات.
وكل عام والمغرب ليس بألف خير.