جدد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة عيد المسيرة، اهتمامه بالتراث الثقافي والحضاري الصحراوي. وأكد على حرصه على العناية بالثقافة الحسانية، والتعريف بها، من خلال توفير البنيات والمرافق الثقافية، وتشجيع المبادرات والتظاهرات الفنية، وتكريم أهل الفن والثقافة. "أنفاس بريس" اتصلت في هذا الإطار بالمامون البخاري، المدير الجهوي لوزارة الثقافة بالداخلة وادي الذهب حول قراءته لدلالات الخطاب:
اعتبر المامون البخاري في البداية بأن الإشارات والتوجيهات الواردة في خطاب الملك، بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، كانت قوية وواضحة، وذلك لأن الخطاب أكد على أن نموذج التنمية بالنسبة للأقاليم الجنوبية لا يمكن اختزاله في الجانب الاقتصادي فقط، بل هو مشروع مجتمعي متكامل هدفه الأساس هو الارتقاء بالإنسان وصون كرامته من كل الجوانب، بما فيها صون تراثه الحضاري الذي لم يكن في يوم من الأيام -وهذا معروف- أداة للتعصب أو للانغلاق، على اعتبار أن الثقافة هي تلاقح بين الحضارات.
وأضاف البخاري بأن إرادة الملك مؤصلة دستوريا، حيث أن دستور 2011 جعل الثقافة الحسانية مكونا من مكونات الهوية الوطنية، بعدما كنا نعتبرها قبل ذلك رافدا من روافد الهوية الوطنية، فقد أعطى دستور 2011 الثقافة الحسانية هذه المكانة الراقية بوصفها مكونا من مكونات الهوية الوطنية.
وأردف محدثنا بأن إرادة الملك تم التعيير عنها عمليا من خلال النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي تضمن برامج محددة في الزمان وفي المكان وفي الكلفة المالية خص الجانب الثقافي ما يستحقه.. ويمكنني أن أوجز بعضا من مضامين هذه البرامج، فهي تعنى بتسجيل المآثر التاريخية والأركيولوجية بالمنطقة وصونها والحفاظ عليها، وتتضمن كذلك جرد وتثمين الموروث الحساني اللامادي ورد الاعتبار للموسيقى الحسانية والتعابير الحسانية، إلى غير ذلك من الإجراءات والتدابير المتعلقة بصون الموروث الثقافي بالصحراء وتثمينه، بوصفه دائما أحد مكونات الهوية الوطنية المغربية المعروفة بانفتاحها على الثقافات الأخرى، ولم يسبق أن كان اهتمامنا بهويتنا سبيلا للتعصب والانغلاق والانفصال، وإلا لم تكن ثقافة.. فالثقافة إذن تبنى على التبادل والتمازج والتجدد والتجديد والتفاعل ما بينها وبين الحضارات الأخرى .
وأشار البخاري، المدير الجهوي للثقافة بالداخلة وادي الذهب، بأن هنالك برامج أخرى تدخل في سياق إنماء التراث والثقافة الحسانية ترتبط ببناء مكتبات وبناء معاهد موسيقية بالأقاليم الجنوبية في الداخلة وكلميم وغيرهما، وكذلك برامج التنشيط الثقافي عبر المهرجانات والمواسم والملتقيات، وهي كلها رزنامة عملية واضحة وغنية تجسد الإرادة الملكية، وتستجيب لتنزيل مواد دستور 2011، كما قلت، الذي بوأ الثقافة الحسانية مكانة مميزة كمكون من مكونات الهوية الوطنية.