الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

أحداف: من سابع المستحيلات أن يقوم المغرب بعملية التجسس انطلاقا من نظام بيغاسوس

أحداف: من سابع المستحيلات أن يقوم المغرب بعملية التجسس انطلاقا من نظام بيغاسوس محمد احداف

عبر المغرب عن استغرابه الشديد، لقيام منظمة أمنيستي وصحف أجنبية منضوية تحت ائتلاف يدعى Forbidden stories، باتهام المغرب بالقيام باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة الوطنية والأجنبية باستعمال إحدى البرمجيات المعلوماتية بيغاسوس (برنامج تجسس إسرائيلي)..

"أنفاس بريس" اتصلت بالدكتور محمد أحداف، الخبير في الشؤون الجنائية، وأدلى لها بموقفه بخصوص هذا الموضوع:

 

"بداية لا بد أن أعطي نظرة موجزة بالنسبة للمتتبع لكي يكون على علم بطبيعة المضمون، ذلك أن الوظائف التقليدية لأجهزة الاستخبارات في العالم كلها تسعى إلى البحث عن المعلومة بأي طريقة كانت؛ بل هنالك بعض الأجهزة ذات الصيت العالمي، مثل وكالة الاستخبارات البريطانية وأيضا وكالة الأمن القوميNSA  بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تمتلك أجهزة تكنولوجية متقدمة لا تتوفر عليها معظم دول العالم؛ والتي من شأنها اعتراض كل الرسائل الإلكترونية والمكالمات على صعيد الكرة الأرضية في إطار برنامج دولي يعرف  ECHLON PROGRAMالذي يغطي كل الكرة الأرضية؛ وقاعدته موجودة في امريكا، وبعض أجزاءه موجودة في أستراليا وبريطانيا، لكي تغطي قطر الكرة الأرضية، وهذا البرنامج يعترض كل المراسلات بدون استثناء، الإلكترونية والمكالمات الهاتفية، وبالتالي فطبيعي جدا أن البحث عن المعلومة الاستخباراتية يعتبر صمام الأمان بالنسبة للدول، سواء تعلقت المعلومة الاستخباراتية بالجانب الأمني أو بالجانب الاقتصادي أو السياسي.

 

ويهمني أن أذكر في هذا الباب بالأزمة التي تفجرت منذ وقت قصير، والتي تتعلق بفضيحة التجسس على هاتف المستشارة الألمانية ميركل، والرئيس الفرنسي والرئيس التركي، وعدد من القيادات الدولية.. وقيل آنذاك بأن الولايات المتحدة الأمريكية تتجسس على حلفائها؛ وهذا أمر طبيعي، عند البحث عن المعلومة الاستخباراتية.

 

وفيما يتصل بالمملكة، هل بالفعل المغرب ضالع في عمليات التجسس على هذا النطاق؟ أجيب أن كل مطلع وكل ملم بطريقة عمل الأجهزة أو البرمجيات أو الأنظمة مثل "بيغاسوس"، يعلم على أنه من سابع المستحيلات أن يقوم المغرب بعملية التجسس؛ لأنها تقنيا تفترض التوفر على هاتف شخصي معين، حتى تقوم بعملية اختراقه.. لكن الأخطر من كل ذلك، وهو أننا لا نتحدث عن قيام المملكة المغربية أو دولة المكسيك، كما ورد في الأخبار التي سلطت الضوء على البلدين معا مع دول أخرى؛ ولكن وسائل الإعلام ركزت أكثر على المغرب لأسباب يمكن أن نعود إليها لاحقا؛ لأننا نحن الآن في إطار المزاعم ليس إلا.. فهل يمكن إثبات أن المملكة المغربية بالفعل اخترقت هواتف بعض الأشخاص داخل المغرب، كما اخترقت بعض هواتف الطبقة السياسية بفرنسا أو غيرها خارج هذا البلد؟ المشكل لكل ملم مبتدئ بطبيعة عمل نظام بيغاسوس كنظام تشغيل تجسسي، سوف يتأكد علميا أن الجيل الرابع من النظام بيغاسوس كما طورته شركة  NSU الإسرائيلية، لا يترك أي اثر على الاطلاق فيما يتصل بعمليات الاختراق!! لأن من خصوصيات نظام البيغاسوس هو أنه يدمر تلقائيا كل الآثار التي يتركها؛ فهو حيثما يمر يمسح أثر قدميه.. فإذن كيف علم هؤلاء النشطاء بالمغرب، وكيف تأكدت وسائل الإعلام وتنظيمات مثل "فور بيدن ستوريس" وكذلك منظمة العفو الدولية بأن المملكة المغربية قامت بالتجسس في غياب وسائل الإثبات وأدلة تقنية وعلمية؟

ونحن نعلم أنه من أجل إثبات والبرهنة على صحة ما يقال، يتعين أن تخضع هواتف الضحايا الذين يزعمون بالاختراق إلى خبرة تقنية لتأكيد ذلك!! مع العلم أن هذا من الصعب جدا، ومن سابع المستحيلات، كما قلت، لأن الجيل الرابع لبيغاسوس لا يترك أي أثر! وهذا ما يؤكده كبار خبراء أنظمة التشغيل والمعلوميات. وإذن كيف علمت فوربيدن ستوريس والأمنيستي بأن المغرب قام بالاختراق في غياب دليل، وفي غياب إجراء خبرة تقنية على هواتف مثل الرئيس الفرنسي أو على كل من يزعم أن هاتفه قد تم اختراقه، سواء في الداخل أو الخارج.

 

وقد راقني كثيرا أن بعض المواطنين المغاربة نددوا، منهم محامون وصحافيون (لا داعي لذكر الأسماء)، وصرحوا بأن هواتفهم لم تعرض لخبرة تقنية للجزم فيما إذا كانت هواتفهم تعرضت لاختراق أم لا !؟ وبالتالي فهو مجرد افتراض. ونعلم على أنه في القانون عبء الإثبات يقع على من يدعي الشيء؛ ومن يدعي الشيء هنا هي منظمات فوربيدن ستوريس والأمنيستي!! وهنا نلاحظ قمة الوقاحة وقمة الغباوة ايضا في المنظمتين معا وكذلك في قناة فرانس 24 التي أوردت بالحرف "على المملكة المغربية أن تقدم دليلا على أنها لم تقم بهذا العمل"...

 

غريب، فلأول مرة أسمع على أن عبء الإثبات يلقى على المتهم؛ فالأصل في الأشياء هو أن من يزعم الشيء هو نفسه من يجب عليه أن يثبته، ولا يمكن أن نقول إن المملكة المغربية تجسست، وعليها أن تدلي بإثبات يفيد بانها لم تتجسس؟!! وهذا ضد المنطق القانوني ولا يقبل به أي شخص.. فطالب مبتدئ في العلوم القانونية يعلم أن عبء الإثبات يلقى على من يدعي الشيء؛ ومن يدعي الشيء هنا هما منظمة فوربيدن ستوريس ومنظمة أمنيستي، وغيرهما من الجهات، والتي أؤكد على أنها تتلقى تمويلا أجنبيا في إطار حملة منظمة تستهدف المملكة المغربية؛ وهذا هو الخطير في الأمر لأسباب لا نعلم ما هي خلفياتها، هل هي ما يتصل بالصراع المغربي الإسباني، أم المغربي الهولندي، أم المغربي الألماتي؟ أو في إطار اللوبيات التي يمولها عسكر النظام الجزائري فيما يخص المس بالوحدة الترابية؟!!

 

وكيفما كان الحال، فالأمر مدروس ومخطط له، ولكن تنقصه الحبكة العلمية والقانونية المتمثلة بالإتيان بالدليل القاطع على أن المملكة المغربية تجسست بالفعل، والدليل الذي يثبت هذا الأمر يجب أن يستخلص أولا وأخيرا من خلال إخضاع بعض الهواتف لخبرة تقنية من طرف مختبرات دولية مشهود لها بالحياد والنزاهة والاستقلالية !!

 

وفي ما يتعلق بخبر الوكيل العام، فلقد كان منتظرا أن يتدخل رئيس النيابة العامة باستعجال في هذا الموضوع، لأن بعض عناصر الجريمة وقعت داخل المغرب؛ ولأن بعض الأشخاص ما فتئوا في إطار التكتلات والتجمعات الإساءة إلى المصالح العليا للمملكة، بل وقد تم أيضا التطاول على شخص جلالة الملك بطريقة فجة وغير مقبولة بالنسبة لكافة المغاربة.. وبلاغ رئيس النيابة العامة، والذي أحيل مشفوعا بتعليمات كتابية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي يأمره فيها بفتح تحقيق وإعطاء تعليمات للفرقة الوطنية للشرطة القضائية للقيام بالمتعين في هذا الباب والاستماع إلى من يعنيهم الأمر وجمع وسائل الإثبات والأدلة لتأكيد ما إذا كان الأمر يتعلق فقط بمزحة أو مزاعم، علما بأن هؤلاء الأشخاص لا يملكون ولو غراما واحدا من الحجة أو الإثبات قد تقنع بأن هواتفهم قد اخترقت!! لاسيما وأن هؤلاء على الصعيد الوطني هم أشخاص ليسوا أهدافا مهمة بالشكل الذي يتخيلونه للاستخبارات المغربية فهم لا يشكلون أي تهديد لا اقتصادي ولا سياسي ولا أمني، ولا هم يحزنون!! وهم أشخاص عاديون يقضون جل أوقاتهم في المقاهي بالعاصمة وغيرها من المدن، في النميمة وتجاذب الحديث؛ ويعتقدون بأنهم مستهدفون!! إذن النيابة العامة سوف تقوم بالمتعين، وسوف تؤول هذه الأبحاث إلى النتيجة، ومتابعة البعض إن تأكد بالفعل أنهم ضالعون في هذا الاستهتار الضار بالمصالح العليا للمملكة.

 

ومن جهة ثانية يجب أن يعلم الجميع أن المملكة المغربية وكلت محاميا بهيئة باريس، الذي وضع شكاية لدى المدعي العام للمحكمة باريس، يلتمس فيها فتح تحقيق حول كل المزاعم التي وجهت ضد المملكة المغربية، في إطار جريمة التشهير التي يعاقب عليها القانون الجنائي الفرنسي، علما بأن فرنسا من الناحية القانونية هي المكان التي ارتكبت فيه العناصر المادية لجريمة التشهير.. فإذن يعود الاختصاص لمحكمة باريس، وسوف ننتظر بناء عليه طلب الدعوى التي سيقيمها محامي المملكة المغربية والتعليمات التي سيعطيها المدعي العام لمحكمة الاستئناف بباريس للشرطة القضائية وإخضاع الهواتف للخبرة التقنية.

 

وفي النهاية ضروري جدا أن أشير أن الرئيس الفرنسي ومعظم النواب البرلمانيين في الجمعية الفرنسية أو البرلمان الفرنسي وكثير من الإعلاميين الذين يحترمون انفسهم، يضاف إلى ذلك شخصية بارزة بفرنسا وهو مدير الاستخبارات الفرنسية السابق الذي أكد على أن كل هذه المزحة وهذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، لا واقعيا ولا تقنيا ولا قانونيا؛ وأن كل هذه الأعمال تندرج في خانة التخطيط على شاكلة العصابات الإجرامية ممولة من جهة أجنبية من أجل الأضرار بالمصلحة العليا للمملكة المغربية...

 

والأيام القادمة سوف تؤكد صحة ذلك.