السبت 4 مايو 2024
سياسة

رشيد لزرق: المسؤولية السياسية لحكومة بنكيران ثابتة في الأثر وليست في الوسيلة

رشيد لزرق: المسؤولية السياسية لحكومة بنكيران ثابتة في الأثر وليست في الوسيلة

عندما تم توقيع الاتفاقية المتعلقة ببرنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة (2019-2015)، بين الحكومة المغربية والجهة نتج بعد التوقيع تأخير في التنفيذ أدى إلى أحداث مؤسفة في إقليم الحسيمة، وأسفرت تحقيقات المجلس الأعلى للحسابات عن وجود تقصير، وهو الذي أدى إلى إعفاءات من قبل الملك لمجموعة من الوزراء والمدراء، باعتبار الملك رئيسا للدولة حسب القصل 42 من الدستور، حيث أحال للمجلس الأعلى للحسابات مهمة تقدير فعل التقصير الحاصل.. ونتيجة لافتحاص دقيق للمجلس المذكور تم اتخاذ قرار الإعفاءات من قبل الملك على ضوء الفصل 47، وشمل إعفاء الوزراء المتورطين في التقصير. وعليه فإن مسؤولية الحكومة ككل ثابتة في شخص رئيسها، لكونه لم يعمل على اتخاذ الأمور التي تستوجبها صلاحياته بالسهر على تنفيذ برنامج الاتفاقية، كما أن هناك مسؤولية مباشرة للوزراء موضوع الإعفاء بسبب التقصير بالنظر، لكون الخطأ المرتكب ناتج عن عدم ممارستهم الرقابة على مصالحهم الإدارية والتقنية، الأمر الذي أسفر عن الأحداث المؤسفة في الحسيمة.

وهكذا فإن التأخير في إنجاز مشروع الحسيمة منارة المتوسط، والذي كان وراء الأحداث المؤسفة التي شهدها الإقليم، هو من جراء فعل التقصير الذي شهدته بعض القطاعات الوزارية والمؤسسات الإدارية موضوع الإعفاء، وإن ربط المسؤولية بالمحاسبة يبقى ضروريا على اعتبار أن هذا المبدأ متفق عليه في القانون الدستوري، وتم التنصيص عليه في دستور 2011.

ويجدر التذكير في هذا الإطار أن توقيع الاتفاقية يفترض التزام الحكومة بتنفيذ فقرات المشروع، وهو التزام تعاقدي بينها وبين الجهة (الحسيمة طنجة تطوان)، كما حتم على الحكومة في شخص رئيسها والوزراء المعنيين بالقطاعات الموقعين على التزامات واجبة التنفيذ.. وقد أثبتت التحقيقات وجود حالات التقصير من بعضهم في القيام بمهامهم، وكان من تبعات هذا التقصير تعرضهم للإعفاء، الشيء الذي خلف ردود فعل متباينة، كما أثار جدلا لدى البعض الذين حاولوا التنصل من المسئولية، وهي نتيجة حتمية نظرا إلى أن التعهد لا يكون ملزماً إلا إذا ترتبت عنه محاسبة.

و أعتقد أن ربط المسؤولية بالمحاسبة المقررة في الدستور، يعني أنه إذا تخلف الشخص العام عن القيام بمسؤولياته، تحملت عنه الحكومة ككل عبء المسؤولية السياسية وفق قواعد المسؤولية التضامنية كما يتحملها الوزير نفسه بحكم المسؤولية الفردية، وهو مبدأ مسلم به في كل النظم الدستورية، حيث المسؤولية تنشأ في حالة الإخلال أو التقصير بعمل أو الامتناع عن عمل قانوني، وهذا ما يفسر أثر التقاعس عن القيام بتنفيذ الاتفاقية المبرمة من قبل القطاعات الحكومية المكلفة بها.

وفي هذا السياق أيضا يمكن القول إنه بعيدا عن بعض القراءات السياسية التي تحاول تبرير التقصير، فإن فعل التقصير هنا واضح، ومسؤولية الحكومة في شخص رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من موقعه كرئيس الحكومة واضحة كذلك.. وعلبه فالمسؤولية التضامنية للحكومة ككل، والمسؤولية الفردية للوزراء المقصرين، بالإضافة إلى المسؤولية المعنوية لأحزاب الأغلبية السابقة، كلها مسئوليات قائمة، على أساس أن المسؤولية السياسية للحكومة هي أثر وليست وسيلة، كما أن المسؤولية السياسية لا تثار بشكل مستقل سواء كانت موجهة لأحد الوزراء أو إلى رئيس الحكومة.