السبت 4 مايو 2024
سياسة

حسن الخطابي: إحداث وزارة الشؤون الإفريقية دعامة للدبلوماسية المغربية للعب دور ريادي داخل القارة

حسن الخطابي: إحداث وزارة الشؤون الإفريقية دعامة للدبلوماسية المغربية للعب دور ريادي داخل القارة

خلال الدورة التشريعية الأخيرة، المتعقدة في 13 أكتوبر 2013، أعلن الملك محمد السادس عن إحداث وزارة منتدبة لدى وزارة الخارجية والتعاون، تعنى بالشؤون الأفريقية.. وكان لهذا الإحداث دلالاته المتعددة التي تدخل  في سياق مواكبة توجه المغرب نحو إفريقيا، خاصة بعد عودة انضمامه إلى الاتحاد الإفريقي. في هذا الإطار اتصلت "أنفاس بريس" بالدكتور حسن الخطابي، أستاذ القانون والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات، فأعد قراءة لهذا الحدث وأبعاده، عبر الورقة التالية :

"يعتبر الاقتصاد العنصر الأكثر فاعلية في التأثير في مجال العلاقات الدولية، وأبرزها لما له من تأثير مباشر على حياة الأفراد والمؤسسات.. فالقوة الاقتصادية للدولة ترفع نسبة الاكتفاء الذاتي لديها وتتيح لها القدرة على تقديم المساعدات المادية للدول المتحالفة معها، كما تزودها بالوسائل اللازمة لتطوير سياستها الخارجية. انطلاقا من هذا المعطى يمكن فهم عودة المغرب القوية إلى المجال الإفريقي، الذي يزخر بثروات معدنية وطاقية هائلة، ويشكل سوقا استهلاكية واعدة، جعلت القوى الاقتصادية العالمية تتنافس من أجل ضمان حصتها فيه .

في هذا السياق سعى المغرب إلى توسيع استثماراته وشراكاته التجارية في إفريقيا، من خلال مجموعة من الشركات المغربية، على رأسها شركة "اتصالات المغرب" و"أونا" و"تجاري وفا بنك" و"المكتب الشريف للفوسفاط"، في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات المصرفية وقطاع البناء والمناجم، من بينها مشروع تمديد أنبوب لنقل الغاز من نيجيريا عبر تراب المغرب نحو أوروبا، على مسافة حوالي أربعة آلاف كيلومتر، وبناء مركبات لإنتاج الأسمدة بكل من إثيوبيا ونيجيريا، وإنجاز برامج التنمية البشرية لتحسين ظروف عيش المواطن الإفريقي، كالمرافق الصحية ومؤسسات التكوين المهني وقرى الصيادين. وهذا سيمكن المغرب من لعب دور الوسيط الاقتصادي بين أوروبا وجنوب القارة الأفريقية من جهة، ويجعل منه بوابة للاستثمارات الخليجية في القارة الأفريقية من جهة أخرى .

وقد عبر الملك محمد السادس عن هذا التوجه بتأكيده، بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لثورة الملك والشعب، على أن توجه المغرب نحو إفريقيا لم يكن قرارا عفويا، بل ثمرة تفكير عميق وواقعي تحكمه رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق، وأن سياسة المغرب القارية ترتكز على معرفة دقيقة بالواقع الإفريقي، أكدتها أكثر من خمسين زيارة ملكية لأزيد من تسعة وعشرين دولة، وعلى المصالح المشتركة من خلال شراكات تضامنية رابح/رابح .

وتأكيدا للمكانة الاستراتيجية، التي بدأت تحتلها أفريقيا في السياسة الخارجية المغربية، أعلن جلالة الملك، في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، في 13 أكتوبر 2017، أنه في إطار المتابعة الدقيقة والمستمرة لتقدم تنفيذ البرامج الاجتماعية والتنموية، ومواكبة الأشغال بالتقييم المنتظم والنزيه، تقرر إحداث وزارة منتدبة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الإفريقية، وخاصة الاستثمار. وقد جاء هذا القرار بعد الارتياح الذي أبداه جلالة الملك، في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب في نفس السنة، بالقول بأن التوجه نحو إفريقيا كان له أثر إيجابي ومباشر على قضية وحدتنا الترابية، سواء في مواقف الدول أو في قرارات الاتحاد الإفريقي، وعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف على مستوى الأمم المتحدة.

هكذا يظهر أن إحداث وزارة مكلفة بالشؤون الإفريقية يعتبر إجراء ضروريا لمواكبة المشاريع المغربية داخل القارة الإفريقية، مما سيمكن المغرب من لعب دور ريادي داخل القارة، وسيضمن تتبع وافتحاص وتطوير هذه المشاريع، ومتابعة الأوضاع  التي تعرفها العلاقات بين المغرب والدول الإفريقية، وتطوير العلاقات مع البعثات الدبلوماسية الإفريقية المعتمدة في المغرب، والتنسيق مع المنظمات الإقليمية الإفريقية، وإعداد مشاريع الاتفاقيات التي يتقرر عقدها مع الدول والمنظمات الإفريقية، والتحضير للزيارات المتبادلة للوفود الرسمية بين المغرب والدول الإفريقية .

وبهذا ستشكل هذه الوزارة نقلة نوعية في العلاقات المغربية/الإفريقية، حيث ستعمل على توطيد العلاقات بين المغرب من جهة والدول والمنظمات الأفريقية من جهة أخرى، وستتولى متابعة القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين المغربي والأفريقي، وعلى رأسها قضية المغرب الأولى، قضية الوحدة الترابية.. وفي هذا الإطار بدأ التوجه المغربي نحو أفريقيا يؤتي أكله، إذ نجح في إقناع مجموعة من الدول الأفريقية، كرواندا وتنزانيا وإثيوبيا وجنوب السودان، بمصداقية وجدية مقترح الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء المغربية".