الاثنين 29 إبريل 2024
سياسة

في المغرب: الزلزال السياسي بدأ، والمشهد يتطلب هندسة جديدة للأغلبية

في المغرب: الزلزال السياسي بدأ، والمشهد يتطلب هندسة جديدة للأغلبية

يعد قرار إقالة أربع وزراء من الحكومة المغربية من قبل الملك  محمد السادس، تطبيقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، بداية للزلزال السياسي الذي أشار إليه الملك في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح السنة التشريعية للبرلمان، وأيضا في سياق انتقاده للمسؤولين في خطاب العرش شهر يوليوز الماضي.

وإذا كان السبب المعلن رسميا حسب تقرير إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، يهم تعثر برنامج التنمية المجالية، ومشاريع "الحسيمة منارة المتوسط"، وهي المنطقة نفسها التي عرفت حراكا شعبيا منذ سنة، فإن الخلل  في المشاريع التنموية بمناطق أخرى، والأداء السياسي ، وتدبير الشأن العام، صار يثير قلق الجميع، بمن فيهم الملك الذي عبر عن ذلك في خطاباته الأخيرة.

و في إطار التفاعل مع زلزال الإعفاءات، وفي قراءة أولية لتداعياته يمكن الوقوف على مؤشرات التحول السياسي الذي بدأ يدخله المشهد السياسي والحزبي بالمغرب، والذي سبق أن أشرنا له في مقالات سالفة. ومن أهم هذه المؤشرات:

تأثير قرار الإعفاء على  تشكيلة الأغلبية الحكومية الحالية ، وذلك بعد إقصاء وإعفاء أمين عام حزب التقدم والإشتراكية من الحكومة رفقة رفيقه وزير الصحة، وتهمة "خيانة الأمانة" لوزير الثقافة السابق من نفس الحزب. ويمكن اعتبار حزب التقدم والإشتراكية من الأحزاب الأكثر تضررا من "زلزال" الإعفاءات، إضافة إلى حزب الحركة الشعبية الذي تلقى ضربات قوية منها إقالة وزير التعليم الحالي الذي قاد وزارة الداخلية في الحكومة السابقة، والذي كان الحزب يؤهله لقيادة الحزب. وهنا وبحكم منطق السياسة وأخلاقها، سيصعب على الحزبين معا إعادة ترشيح وزراء محتملين في الحكومة الحالية، مما يستدعي وبضرورة نفس المنطق، إعادة تشكيل أغلبية جديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي خرج سالما من الزلزال لحد الآن، رغم تحمل أطر ووزراء الحزب مسؤوليات ضمن الفريق المعفي. و هكذا، فالأغلبية المحتملة الجديدة قد تستدعي إرجاع حزب الاستقلال إلى المسؤولية الحكومية، خصوصا بعد وصول نزار بركة إلى قيادته وإزاحة الأمين العام السابق والمثير للجدل حميد شباط في المؤتمر الأخير. كما أن الوضع الحالي سيسهل مأمورية حزب الإتحاد الاشتراكي الذي يطمح في لعب دور أكبر في الحكومة ،وهو الذي يترأس مجلس النواب. لكن هذا السيناريو قد يتطلب توافقات أخرى من أجل تعزيز الأغلبية عدديا وسياسيا. مع التذكير أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعيش لحظة خاصة بعد إعلان استقالة أمينه العام إلياس العماري، والذي نجا بدوره من التوبيخ بحكم ترأسه لجهة طنجة تطوان الحسيمة المعنية بالمشاريع المعاقب على تعثرها، فاستقالة العماري قد يتم التراجع عليها بعد إشارات المجالس الوطني الأخير للحزب، والذي قد يتشبث بزعيمه في آخر لحظة. لكن حزب الأصالة والمعاصرة، حتى في حالة عودة العماري، سيبقى تائها  داخل المشهد السياسي المرتقب إن تشبث بموقعه في المعارضة، لكون" بروفايلات " العديد من برلمانييه لا تنسجم مع دور المعارضة، وانخرطت في الحزب بهدف الوصول إلى الحكومة ضمن أغلبية مريحة في انتخابات 2016.

ومرة أخرى، وعودة لمبدأ التوافق الذي سبق أن أشرنا له في مقال سابق، فإن هندسة تشكيلة حكومية جديدة  لن تمر و لن تستقيم إلا بالتوافق بين الأحزاب التي صارت في وضعية حرج من أدائها، سواء داخل الحكومة أو خارجها، خصوصا أن "الزلزال" قد يستمر، أو يجب أن يستمر، لأن مشاريع الحسيمة ليست هي الوحيدة التي عرفت التعثر...