الأربعاء 15 مايو 2024
خارج الحدود

زكية حادوش: "لوموند" الفرنسية و'لافارج" السويسرية للإسمنت والإرهاب..

زكية حادوش: "لوموند" الفرنسية و'لافارج" السويسرية للإسمنت والإرهاب..

فضيحة أخرى بدأ الكشف عنها والتحقيق القضائي فيها الشهر الماضي. قد تفكرون في "هارفي وينشتاين" المنتج الهوليودي المتهم حاليا بالاغتصاب والاعتداء والتحرش الجنسيين في حق عدد يتضخم كل يوم من النساء منهن نجمات سينما وغناء مشهورات وفنانات أو مهنيات أقل شهرة أو غير معروفات. فالرجل حسب ما قيل عنه كان يرى في كل امرأة فريسة ولا يفرق في سبيل شهواته بين المغمورات والمشهورات، ما دام نفوذه وجيبه يحميانه من المتابعة، إلى حين.

هذه الفضيحة، وإن قامت لها الدنيا ولم تقعد، لم تفاجئ من يعرف تاريخ وخبايا "العفن السابع" في هوليود، على عكس الفضيحة المقصودة هنا التي تفاجأ لها الكثيرون ولم يكن لها نفس الصدى الإعلامي الدولي رغم خطورتها. إنها قضية "لافارج – هولشيم".

لمن لا يعرف هذا الاسم، رغم وجوده على التراب الوطني منذ عقود، فالأمر يتعلق بشركة الاسمنت السويسرية "العملاقة". وقد تفجرت فضيحتها حين "ضبطت متلبسة" بتمويل الإرهاب وتزوير وثائق جمركية.

في أواخر شهر شتنبر الماضي كتبت صحيفة لوموند الفرنسية أنه وفقا لعناصر البحث القضائي، كانت "لافارج " تؤدي 20 ألف يورو شهرياً لداعش حتى تستمر في استغلال معملها بمنطقة "جباليه" في سوريا، كما أنها زورت وثائق رسمية خاصة بالجمارك قصد التغطية على هذا التمويل وعلى مصدر اسمنتها المنتج في سوريا وبالضبط في مناطق كانت خاضعة لداعش. وقد أسفر التحقيق عن معطيات أخرى لم تكن في الحسبان.

رغم أن فضيحة "إينشتاين الاعتداء الجنسي" غطت على فضيحة "العملاق الاسمنتي"، فقد تناولت وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية هذا الخبر، وعبر أغلبية المتتبعين لهذا الملف عن استغرابهم لما قامت به "لافارج ".لكن بالنسبة لمن يعرف الوجه الحقيقي للشركات المتعددة الجنسيات والليبرالية المتوحشة، فالمتوقع من مثل "لافارج " أن تفعل ذلك والأكثر من ذلك لأن هاجس الربح يطغى على أي اعتبار آخر لديها.

قد يقول قائل ما دَخلنا بهذا؟ والإجابة سهلة ما دمنا نحن كذلك معنيين بممارسات مثل هذه الشركات، لأن "لافارج -هولشيم" موجودة في بلادنا، وقد احتكرت قطاع الاسمنت لسنوات. وقد يجد ذوي الألباب في هذا الحضور المهيمن إجابة شافية عن سؤال: لماذا اتجه المغرب إلى البناء "الخرساني" بدل اختيار مواد أقل تكلفة ومتوفرة لدينا استعملت في البناء منذ القدم ومازال بنيانها شامخا إلى اليوم؟

لمن يشكك في نوايا وممارسات "لافارج " القديمة/الجديدة أورد معلومة للتاريخ: في سنة 2000 تقدمت "لافارج" بطلب للحكومة المغربية قصد حرق العجلات أو الإطارات المطاطية في معاملها، باعتبار هذه العملية "صديقة للبيئة" لأنها تعيد تدوير النفايات (العجلات في هذه الحالة) وتستعملها في إنتاج الطاقة وبالتالي في ما يسمى بالنجاعة الطاقية، أي بمفهوم "لافارج " هذه عملية "اربح اربح"!

ربما كانت الحكومة سترخص لها بذلك لولا يقظة قطاع البيئة الذي اعتبر العملية قضية نصب واحتيال محبكة، لأن السماح للشركة المذكورة بحرق العجلات في معامل اسمنتها بالمغرب سيحول البلاد إلى مزبلة كبيرة، فهي ستعمد إلى استيراد إطارات أوروبا التي لا تسمح القوانين الصارمة فيها برميها كيفما تأتى، كما تمنع حرقها دون مراعاة معايير المقذوفات الغازية الجاري بها العمل هناك. وبالتالي، أليس تصدير التلوث إلى بلد لا تطبق فيه نفس القوانين والمعايير البيئية الأوروبية أقل تكلفة وأكثر ربحاً بالنسبة للافارج؟ أضف إلى ذلك ضمان "الشاري" في عين المكان دون حاجة إلى النقل...

هذه هي "لافارج " كما عرفتها، ولكم واسع النظر، أما الفَرَج فمن عنده سبحانه!