الأربعاء 15 مايو 2024
خارج الحدود

أيت علال: في هذا السياق طالب ملك السعودية بتنقية الأحاديث النبوية من النصوص الكاذبة

أيت علال: في هذا السياق طالب ملك السعودية بتنقية الأحاديث النبوية من النصوص الكاذبة

على إثر الأمر الذي أصدره ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، القاضي بإنشاء مجمع للحديث النبوي لمراجعة النصوص من الشوائب والزوائد الكاذبة والمتطرفة، والمتعارضة مع تعاليم الإسلام. والتي تبرر القتل وأعمال الإرهاب. وجهت جريدة "أنفاس بريس" سؤالا للفاعل الجمعوي المهتم بالحقل الديني الأستاذ مصطفى أيت علال، لاستقراء رأيه في الموضوع. فمدنا بالورقة التالية:

" أصدر سلمان بن عبد العزيز آل سعود يوم الثلاثاء الماضي 17 اكتوبر أمرا ملكيا تحت رقم أ/35: 27/1/1439ه يقضي بإنشاء مجمع للحديث النبوي "للقضاءعلى النصوص الكاذبة والمتطرفة وأي نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب".

وقد وصفت وسائل الاعلام هذا القرار بالجديد وبالثوري وبالخطوة التاريخية، مما يوحي بأن الأمر سيشمل كتابي البخاري ومسلم، اللذان يعتبرهما العديد من الفقهاء، أصح الكتب بعد كتاب الله والمصدر الأساسي للسنة النبوية, وأن صبغة القداسة التي ظل يحملها الكثير من المسلمين حول الكتابين قد رفعت وانتهى أمرها. وأن نعوث التكفير التي واجه بها الشيوخ الكثير من المفكرين العقلانيين الذين شككوا في صحة العديد من الأحاديث ستتوارى إلى الخلف. وأن تيار العقل سينتعش على حساب تيار النقل . وأن عهدا جديدا قد فتح على المستوى الرسمي  لتنقيح الثراث الديني من الكثير من الشوائب والتشويهات التي مست الفهم والممارسة الدينيين. وسوف يمتد هذا العهد خارج الحدود السعودية ليشمل باقي البلاد الاسلامية. لما لهذا البلد مهد الدين الاسلامي من تأثير على المسلمين .

القرار يستحق المتابعة والاهتمام خاصة وأنه يصدر من ملك دولة اعتبرت الأكثر محافظة بالدول الاسلامية حيث كانت آخر من اعترف في العالم ببعض الحقوق الخاصة بالمرأة كحق الترشح والتصويت في الانتخابات سنة 2015 وحق سياقة السيارة هذه السنة . كما اعتبرت موطن الحركة الوهابية المسؤولة عن انتشار التشدد الديني والارهاب. ووجهت إليها اتهامات  بتورطها في العديد من العمليات الارهابية وخاصة أحداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة .

ورغم أن ردود الفعل المسجلة إلى حد الآن عبرت عن تفاؤلها،فإنه لا ينبغي الافراط في التفاؤل للاعتبارات التالية :

ـــ إن قرار المراجعة لم يكن نابعا من نشاط فكري حول التراث الديني، أفرز اجتهادات فقهية داخل المملكة واستدعى تشكيل نخبة مطالبة بالاصلاح ، بل بضغوط خارجية قادتها الولايات المتحدة . مما يعني أن المراجعة لن تجيب على حاجات المجتمع العصرية .

ــ إن الأحاديث التي قد تخضع للمراجعة هي فقط تلك التي تخفف من الضغوط الخارجية والتي لها  علاقة بالإرهاب وهذا ما ركز عليه الأمر الملكي  في صياغته ، بينما قد يتم إهمال الأحاديث التي تتناول السياسة والمرأة والخرافة والعلم ، والمعاملات .والأحكام. والحقوق ...

ــإن مستوى المراجعات وحجمها سيتحددان اعتمادا على ما سيفرزه النقاش من خلاصات بين مكونات المجلس العلمي للمجمع ، وما سيوصي به الملك سلمان من أولويات. ويبدو أن هذه المكونات  التي تنتمي إلى عدة أقطار اسلامية ،ستخضع في الاختيار لتأثير الحركة الوهابية مادام رئيس المجلس المعين الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ من حفدة محمد عبد الوهاب ، ومادام الملك سلمان ابن بيئة وهابية . مما يؤشر على محدودية المراجعات التي  قد يطول زمن اخراجها .

ورغم هذه التخوفات يمكن القول أن قرار الملك سلمان سيمكن من نقل موضوع مراجعة الأحاديث من صفوف النخبة المثقفة  بالعالم الاسلامي إلى المؤسسات الرسمية . وهو ما سيعطي دفعة قوية لمزيد من الاجتهادات في صفوف هذه النخبة التي تعرضت لكل أشكال الحصار والتحقير والتكفير من طرف قوى المحافظة والتطرف. و يشجع دولا إسلامية أخرى على السير على نهج المراجعة.

كما أن العديد من الشيوخ الذين ظلوا مدة طويلة يدافعون عن المواقف المتطرفة ، ستتهاوى مكانتهم في نفوس العديد من التابعين خاصة وأن منهم من سينخرط في الدفاع عن مراجعات المجلس لأحاديث كان بالأمس القريب يعتبرها صحيحة.

ولا شك أن مجرد الاعلان عن قرار  المراجعة وبشكل رسمي ، ودون حتى تراكم كبير سيعطي الانطباع  لفئة عريضة من المسلمين القدرة على إعمال الشك  فيما يتعارض مع دينهم المليء بقيم المحبة والكرامة والتسامح والعدل والمساواة ."