الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

عبد السلام المساوي: وداعا المقاوم الوطني بوعلام أعنان     

عبد السلام المساوي: وداعا المقاوم الوطني بوعلام أعنان      الراحل بوعلام أعنان
بوعلام أعنان فلاح منحدر من مدينة فجيج ، مقاوم ومجاهد ، وطني ومواطن، رحمه الله ،  اشتهر بقصور فجيج بالإشراف على توزيع حصص ماء الري على الفلاحين  المستفيدين خلال مرحلة الخمسينات من القرن الماضي، كان له التأثير القوي والبين في المسار التكويني والتوجه العلمي  للأستاذ عمر أعنان  ، فالوالد  بوعلام أعنان الذي هاجر رفقة عائلته من مدينة فجيج نحو وجدة سنة 1968، الموصوف" بلحساسبي" بين أهالي فجيج، ظل يحبب لإبنه عمر العمليات الحسابية التي لها علاقة بالمجال العملي اليومي ،   وكذلك كان ، فعمر سيصبح  له شأن كبير في عالم الرياضيات وطنيا ودوليا.
بوعلام أعنان ، تعرفت عليه في بداية التسعينيات كجار في حي البساتين ( الحسنية ) بسيدي يحيى ، أب عمر  المسؤول في مكتب التعاونية الحسنية للسكن ...شيخ وقور ، حكيم ورصين ...يجر وراءه تجربة نضالية متجذرة في التاريخ ...نعم شيخ وقور وحكيم ؛ ساكنة الحي ، كل ساكنة الحي تكن له التقدير والاحترام ...كان رمزا لاستمرار الماضي في الحاضر ...كان ضميرنا ...كان عنوان " تمغربيت " فينا ...كان هويتنا وكينونتنا ...كان شيخنا ...
بوعلام أعنان كان  مؤمنا ؛ مؤمنا بالله واحدا أحدا لا شريك له ، مؤمنا بالمغرب وطنا عزيزا ، حرا ومسقلا ، وفيا للمؤسسة الملكية ، وفيا للشعار والنشيد ( منبت الأحرار...) 
بوعلام أعنان كان بوصلتنا في زمن التيه والتلف ...كان معلم الحي ...أطفالنا كانوا يحبونه ببراءة سحرية ...يقبلون يديه ...ينصتون اليه ...يتبعونه الى المسجد فجرا ، ظهرا وعصرا ، مغربا وعشاء ...هو من علم أولادنا قيم الدين السمحة ، هو من زرع فيهم حب الاسلام الأصيل ، هو من جذبهم الى المسجد ...وقد كان بوعلام أعنان مرتبطأ أشد الارتباط بمسجد الحي ، هو المؤذن والامام ، هو قدوتنا ...
بوعلام أعنان كان معلما ، علم أولادنا قيم الجد والمسؤولية ، قيم الحب والتضامن ...أبعدهم عن الانحراف والعبث ...أولادنا هم الان ، بفضل تربية بوعلام أعنان ، كفاءات عالية ، أطر مقتدرة في المغرب وخارج المغرب ؛ كندا ، أمريكا وفرنسا ...
بوعلام أعنان كان حارسنا ، حارس الحي ، محذرنا ومنبهنا ...كان شيخا وقورا ...لا يتكلم ولا يثرر ، يعلم بصمت وحكمة ...علمنا أن الشيخوخة ليست خرفا بل حكمة...
واليوم يرتاح بوعلام أعنان ، يرحل في صمت ، يرحل ليبكيه الصغار والكبار ، النساء والرجال...الكل يبكي رمزا ، يبكي رجلا ، يبكي حكيما ...كان أب الجميع ...واليوم تيتم الجميع ....
نم مطمئنا يا بوعلام ، فوجودك لم يكن عابرا ومؤقتا ، كنت الاب والمعلم والحكيم ...
نم مطئنا يا بوعلام فلك في عمر ابنك خير خلف لخير سلف ...انت من زرعت فيه قيم السمو والكرامة ، الشموخ والكبرياء ، العفة والترفع ، النزاهة والاستقامة ، الرجولة والمروءة ...انت من زرعت فيه الشجاعة والجرأة ؛ نزعت منه الخوف والجبن ، الاستسلام والخيانة ...زرعت فيه حب الوطن وحب الملك ؛ رمز الوحدة والسيادة ...
عمر أعنان ابن بوعلام أعنان ؛ ذلك الغصن من تلك الشجرة ...واليوم يختار حزب الاتحاد الاشتراكي عمر أعنان وكيلا للائحة التشريعيات القادمة ، اختيار لم يكن صدفة ولا عبثا ...عمر أعنان معه ستزهر الوردة في وجدة ...