السبت 20 إبريل 2024
خارج الحدود

نشطاء ومحللون: الحراك الشعبي بالجزائر لن تنال منه اتهامات نظام العسكر ولن يضعفه القمع

نشطاء ومحللون: الحراك الشعبي بالجزائر لن تنال منه اتهامات نظام العسكر ولن يضعفه القمع النظام الجزائري يهدف لخنق الحراك الشعبي قبل الانتخابات التشريعية

منذ حظر النظام الجزائري التظاهرات السلمية في منتصف ماي الماضي، بهدف خنق الحراك قبل الانتخابات التشريعية المقررة يوم السبت، توقفت الحركة الاحتجاجية، باستثناء منطقة القبائل (شمال شرق) الأمازيغية والمعروفة بتمردها.

 

وبعد مطاردة ناشطي الحراك في الشارع لجأ هؤلاء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم لاقتراع أراده "نظام" يعتبرونه استبداديا  وفاسدا .

 

لكن، هل يمكن للحراك أن يستمر رغم القمع، بعد شيطنته وشرذمته؟

 

السلطة المدنية، واجهة المؤسسة العسكرية، مصممة على فرض "خارطة الطريق" الانتخابية، من دون مراعاة مطالب الحراك (سيادة القانون والانتقال الديمقراطي نحو السيادة الشعبية والقضاء المستقل)، من أجل استعادة "الاستقرار" بعد الانتفاضة الشعبية في 22 شباط/ فبراير 2019.

 

وتسعى السلطة إلى شرعية جديدة بعد إخفاقها في استحقاقين انتخابيين: الاقتراع الرئاسي في العام 2019 والاستفتاء الدستوري في 2020، اللذان تميزا بمقاطعة غير مسبوقة.

 

وباعتمادها الحل الأمني، أجبرت وزارة الداخلية منظمي مسيرات الحراك الذي لا يتمتع بقيادة فعلية، على "التصريح" بالتظاهرات مسبقا للسلطات، الأمر الذي يعني منعها بحكم الأمر الواقع.

 

يشيد النظام وعلى رأسه الرئيس عبد المجيد تبون، بانتظام بـ "الحراك المبارك"، لكنه يعتبر أنه لبى مطالبه "في وقت قياسي".

 

وهو ينتقد "الحراك الجديد" على عكس "الحراك الأصيل" ويصف نشطاءه بأنهم "خليط معاد للثورة" في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر. واستحوذت السلطات على ذكرى 22 فبراير تحت تسمية "اليوم الوطني للأخوة والتلاحم بين الشعب والجيش من أجل الديمقراطية". بل إن "الحراك المبارك" ورد في ديباجة الدستور.

 

بعد أكثر من عامين من ولادته، يواجه الحراك خيارا صعبا: المشاركة في المسار السياسي والمخاطرة بالتنازل عن مبادئه لصالح نظام لا يحظى بشعبية، أو الضياع في مطلب "ليرحل الجميع" العقيم.

 

وينقسم الحراك بين إسلاميين محافظين وعلمانيين ديمقراطيين، وبين المنفتحين على المشاركة السياسية -ولكن بأي شروط؟- والآخرين، الأكثر عددا، الذين لا يريدون ذلك.

 

ويرى الصحافي عابد شارف أن "الحراك هز النظام السياسي القديم في الجزائر لكنه لم ينجح (بعد) في فرض نظام جديد".

 

فهو نجح في وضع حد لحكم الرجل القوي السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن الحراك المؤيد للديمقراطية تعرض لانتقادات لعدم تقديمه مقترحات سياسية ملموسة أو برنامجا انتخابيا.

 

كذلك، يتهمه بعض المنتقدين بأنه "اعتمد نهجا تشددا" وانحرف نحو التطرف.

 

ويرد كريم ذابو، أحد الوجوه البارزة في الحراك، على ذلك بالقول إن "السلطة تقف ضد كل المبادرات. هناك جهاز قمعي جاهز لاستخدام كل الوسائل لمنع التغيير".

 

وبالنسبة لسجين الرأي السابق هذا، الحراك هو "أكبر حزب سياسي في الجزائر" الذي "استطاع أن يهيء الظروف للتعايش والعمل المشترك لجميع التيارات الناشطة من أجل التغيير".

 

وقال لوكالة فرانس برس "هناك سلطة تنظم الانتخابات وهناك شعب في الشارع".

 

وتشير أمال بوبكر، الباحثة في المدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية في باريس إلى أن "الحراك كحركة سياسية وكفكرة ومبادرة للإصلاح، لا يزال حاضرا وملائما".

 

ومن جهته يعتبر الجامعي والمناضل الحقوقي قدور شويشة أن "الحراك، كحركة سياسية يبقى. ولهذا السبب لن يضعفه القمع"...

 

إنها حركة فردية وجماعية، وهي الوحيدة التي انبثقت عن المجتمع المدني، بدعم من الشباب والطبقات الشعبية.

 

ويرى المحلل السياسي، منصور قديدير، أن الحراك "قد يشهد تطورات أخرى أو يقدم أشكالا أخرى من الاحتجاج، لكنه سيستمر في نشر الوعي الجماعي طالما بقي النظام السياسي على حاله" مضيفا "وفي الفضاء الافتراضي النشط للغاية، يستمر في تنوير العقول".

 

يؤجج تدهور الوضع الاقتصادي التوترات الاجتماعية، ويغذيها معدل بطالة مرتفع (15%) وإفقار شرائح كبيرة من المجتمع.

 

وتشير داليا غانم، الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن "القضية الاجتماعية، التي غابت خلال الموجة الأولى من الحراك في العام 2019، أصبحت جزءا من الاحتجاج السياسي". وشددت الحكومة نبرتها في وقت سابق من هذا الشهر بشجب "استغلال النشاط النقابي من قبل بعض الحركات التخريبية".

 

لكن، من سيكون قادرا على قيادة حركة الاحتجاج الاجتماعي؟

 

يقول قدير "في سياق الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب التوترات السياسية، سيبقى الحراك، الحاضن الوحيد لجميع الإحباطات الاجتماعية، الوسيلة الوحيدة للتعبئة الشعبية"...