الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الالاه حبيبي: تلاميذ المدرسة العمومية ليسوا بصعاليك يا آهل الكاميرات الشاردة...

عبد الالاه حبيبي: تلاميذ المدرسة العمومية  ليسوا بصعاليك يا آهل الكاميرات الشاردة... عبد الالاه حبيبي
لماذا تقصد بعض الكاميرات، حتى لا أقول بعض الصحافيين المترامين على هذه المهنة، نوعا معينا من التلاميذ لتستجوبهم عن الامتحانات والحياة الدراسية والدروس والبرامج وغيرها من الأمور في قالب ساخر ومليء بالضحك الباهت والإيحاءات الخبيثة وكأن النية المبيتة هي استغلال أي فرصة لإظهار إن تلاميذ المدرسة المغربية هم أشبه بجماعات المنحرفين والصعاليك وابعد ما يكون عن مواصفات التلميذ المثالي...

هناك قصد سياسي واضح عندما نختار عينة من الفاشلين ونعطيهم فرصة للظهور والتحدث بلغة الرصيف الساقط من كل اللغات، حتى نؤسس لصورة نمطية للتلميذ المغربي الذي يدرس بالمدرسة العمومية، أي أن الهدف الأخير هو الإجهاز على هذه المدرسة العمومية من خلال تسويغ كل النعوت القدحية المسلطة عليها منذ زمان حتى تستفيد منافساتها في القطاع الخاص من هكذا خدمات...

لماذا يتم بالضبط التركيز على أمثال هؤلاء التلاميذ الذين يتعمدون الحديث بلغة بعيدة كل البعد حتى عن لغة الشارع العادية إذا لم يكن ذلك من أجل بيان أن لا خير يرجى من المدرسة العمومية وأنها لا تنتج إلا المنحرفين والشواذ والمرضى والصعاليك... أصحاب هذه الكاميرات الشاردة لا أحسبهم بصحافيين، لأن اغلبهم لا يتوفر على دبلوم إعلامي عالي يسمح له بإنتاج الخطاب وتحليل المشكلات التعليق على الأحداث والبحث عن أسباب الظواهر وقراءة الوقائع برؤيا إعلامية مهنية وبعمق ثقافي سليم ، بل أغلبهم قدموا إلى هذه المهنة من آفاق بعيدة عنها جدا...

ليكن في علم هؤلاء أنه أخيرا بلغ عدد المقبولين في مدرسة البوليتيكنيك بفرنسا ما عدده 18 من خريجي المدرسة العمومية المغربية، حيث أن اغلب الناجحين كل سنة في مباريات الدخول إلى مثل هذه المؤسسات التعليمية العليا بالمغرب وبالخارج، التي تشترط معدلات مرتفعة في الرياضيات والفيزياء والمواد الأدبية إلى جانب مباراة للولوج، أقول أغلب الناجحين هم أبناء المدرسة العمومية المغربية ولهم انتماءات اجتماعية متوسطة إن لم نقل ينحدرون من أوساط اجتماعية مغربية متواضعة...  والأمثلة لتأكيد ذلك موجودة.. لهذا بات من الواجب التصدي لكل من يرغب في تمييع أجواء امتحانات الباكلوريا من خلال إظهار المرشحين في صورة "شماكرية" والمدرسة العمومية في صورة مقاهي الشيشة والبيرة والدعارة ، لأن الناظر في هذه الصور سيحسب أن الخراب قد حل بالبلاد والعباد لهذا وجب ترك الوطن وكل ما فيه طمعا في بديل جاهز في جنات الغرب المزيفة... فالرداءة لا تنتج سوى الرداءة ومن يكن رديئا يبحث دوما عن تعميم صورته على كل المجتمع حتى يبرر فشله ويلصق التهمة بالآخرين.. اسألوا عن التلاميذ النجباء  تجدونهم في المدارسة العمومية، وللتذكير فأخيرا نالت فتاة مغربية من مدينة أطلسية مهمشة درجة ملكة الرياضيات لأفريقيا ، إنها فتاة مدينة مريرت حيث لا توجد صناعة ولا مدارس خاصة ولا معامل ولا هم يحزنون، ولكن هناك عقول يقظة، وأسر تحرص على تربية أبنائها تربية سليمة، ومعلمون يقومون بواجبهم، وإدارة  تربوية تنهض بمهامها كما يفترض فيها، وهكذا تتحقق النتائج الباهرة، أما التسويق الرديء للرداءة فهو عمل ضد المدرسة والناس والوطن..