الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

طوليدانو: حان الوقت لتسليط الضوء على المكون التراثي اليهودي بالمغرب 

طوليدانو: حان الوقت لتسليط الضوء على المكون التراثي اليهودي بالمغرب  الملك محمد السادس لدى زيارته لبيت الذاكرة بمدينة الصويرة
شدد دافيد طوليدانو، الكاتب العام للطائفة اليهودية بالرباط في تصريحه ل "أنفاس بريس"، على أن الشعوب والمجتمعات “تتحرك بهويتها وتراثها وروافد مورثها الإجتماعي و الثقافي والفني”. لذلك فإن قرار الملك وتعاطيه مع مكون تاريخي وثقافي مهم ضمن مكونات الهوية المغربية هو “جزء أساسي من هذه النظرة الثاقبة من أجل إبراز هذه القيم المشتركة بين اليهود والمغاربة عبر التاريخ منذ القدم”.
 
واعتبر دافيد طوليدانو أن المغاربة اليهود “كانوا وما زالوا حاضرين وموجودين ومستعدين دائما للتعبير عن مغربيتهم الأصيلة (تمغربيت) الراسخة في عاداتهم وتقاليدهم التي اكتسبوها عبر الزمن بحكم أنهم جزء أساسي من تاريخ الشعب المغربي”.
 
وأوضح ضيف الجريدة قائلا: “هناك حوالي 180 مقبرة لليهود تم ترميمها بالمغرب، إنها تحتضن أرواحا اختارت أن تدفن جثامينها بتربة أجدادهم، ومسقط رأسهم، إنها مقابر ترمز إلى الروابط التاريخية العريقة لليهود بوطنهم المغرب، وتعتبر رابطا روحيا يعزز الحضور اليهودي ببلدنا المغرب”.
 
وأفاد محدثنا بأن “اليهود لم يعيشوا ويتعايشوا فقط في المدن، بل أن منهم عدد كبير من اختاروا التعايش والعيش والاستقرار في الصحراء والجبل والقرى النائية والأرياف، في سلام مع الفلاحين والمزارعين والتجار والمهنيين والحرفيين، واهتموا بتراثهم وتفاعلوا مع الثقافة المغربية، وتركوا بصمتهم على جميع المستويات الدينية والثقافية والفنية والمعمارية والعادات والتقاليد المشتركة في الغناء والرقص واللباس والطبخ..” يوضح دافيد طوليدانو.
 
وأضاف أن بلد المغرب يشكل استثناء لليهود في العالم على اعتبار أنهم “عاشوا في سلام مع المغاربة، واختاروا البساطة في حياتهم، وجمعتهم بالمسلمين حضارة التاريخ والجغرافيا، وتقاسموا مع المغاربة الأفراح والمناسبات الدينية. وعبروا عن حزنهم في لحظات الأتراح مع الجيران. وتشاركوا الملح وأكثر من الطعام، ومارسوا تجارتهم جنبا لجنب مع المغاربة سواء في الملاحات أو في الأحياء “. وعبر عن اعتزازه لهذه العلاقات الأخوية المتميزة بقاسم الثقة بين المغاربة واليهود بحكاية مفادها أن “في أسفي كان المسلمون يأكلون ما يتناوله اليهود من فن الطبخ، ويثقون في جودة أطباقهم، إلى درجة أن ناس أسفي تعلموا تناول وجبة فاكهة البحر (القيمرون) من أيادي اليهود” حسب ما حكاه أحد أصدقائه.
 
واستشهد دافيد طوليدانو بعدة مناطق ومدن مغربية عاش فيها اليهود في أمن وأمان واستقرار مثل مدينة الدار البيضاء، وفاس، ومراكش، وأسفي، وطنجة، والرباط... وفي أرفود والأطلس، وغيرها من المناطق “عاش اليهود حياتهم العادية ومارسوا طقوسهم الدينية والثقافية والفنية مع جيرانهم دون مشاكل تذكر”.
 
في السياق نفسه تابع محدثنا:” لقد عملنا أعمالا فنية مشتركة مع فنانين مغاربة، مثل ما قام به (حي ملوك) بأمريكا، في ديو مشترك بالعربية والعبرية مع الفنان عبد الرحيم الصويري.. وتشهد عدة أعمال مشتركة بين الفنانين اليهود والمغاربة على مستوى طرب الآلة والغرناطي والموسيقى الشعبية، التي انخرط فيها شباب الأندلس بمعية (كيناور دافيد) وأحد الأجواق المغربية العصرية وقدموا عروضهم بمسرح محمد الخامس بالرباط “. واستحضر عمل آخر بباريس حظي بإقبال كبير من لدن الجمهور بفرنسا “حين تم إشراك مغنيين يهود مع مغنيين مغاربة، فضلا عن أعمال فنية وتراثية أخرى مع فنانات مغربيات تعلمن أصول الغناء المغربي اليهودي مثل الفنانة زينب الإدريسي في رائعة (جلسة فاس )”
 
وأكد طوليدانو “تحدونا رغبة كبيرة في إحياء وتمتين الروابط المشتركة في التراث الإنساني بين الثقافة المغربية والثقافة اليهودية، وإبراز هذا المكون الأساسي المشترك بيننا، وتعميق التعاطي معه لأنه يعكس عمق الحضارة المغربية بتعدد روافدها، والتي من الواجب علينا تلقينها للأجيال اللاحقة”.