الجمعة 26 إبريل 2024
منبر أنفاس

الداودي: هل كنا نحتاج إلى سقوط أزيد من 28 ضحية لاكتشاف المعامل "السرية" !!!؟

الداودي: هل كنا نحتاج إلى سقوط أزيد من 28 ضحية لاكتشاف المعامل "السرية" !!!؟ عبد العزيز الداودي
موجة سخط عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي تنديدا بالجريمة النكراء التي راح ضحيتها عاملات وعمال في قبو فيلا أعدت لتكون معملا للنسيج، وقبرا لشهداء لقمة العيش جراء غمرهم بالمياه هؤلاء العمال والعاملات اضطرتهم الظروف إلى التخلي عن ابسط حقوقهم المكفولة دستوريا كالحق في التغطية الصحية والضمان الاجتماعي ولم يكونوا يدركون أو يدركن أن تنازلهم (ن) سيتمخض عنه كذلك الإجهاز على أقدس حق دستوري وهو الحق في الحياة. مأساة بمعنى الكلمة وفاجعة إنسانية زادت من حدتها مبررات وتعليلات السلطات المحلية بكون المعمل سري وكأن فواتير الماء والكهرباء والصيانة لهذه الفيلا لا تثير الشكوك أو الشاحنات المتنقلة من والى المعمل "السري" لا يراها احد ثم العمال والعاملات وهم بالعشرات لا يثيرون الانتباه أي استخفافا بعقول المواطنين وكيف يمكن أن نحجب الشمس بالغربال؟
قد يكون موقف السلطة مفهوما ومستساغا لو أنها أقرت على الأقل بأن المعمل غير قانوني وغير مرخص له ويباشر مهامه كالكثير من الوحدات الإنتاجية التي تتملص من أداء الضرائب ومن أداء أجور ومستحقات العمال بالشكل المتضمن في تشريع الشغل.
ويبقى أن تستخلص السلطات المحلية بطنجة والحكومة، أيضا، العبرة من هذا الاستخفاف بأرواح بسطاء هذا الوطن لأن الحفاظ على الأرواح هي مسؤولية الدولة وأي تقصير في ذلك يستوجب المسائلة.
وأمر النيابة العامة بفتح تحقيق في الفاجعة لتحديد المسؤوليات لن يفي بالغرض ولن يكون ضمانة حقيقية حتى لا تتكرر ماسي من هذا القبيل على اعتبار أن المدن الكبرى تعج بالوحدات الإنتاجية الغير قانونية ومفتشيات الشغل لا تقوم بمهامها على الوجه المطلوب ربما لقلة الموارد وربما "لعين ميكا" التي تخفي من وراءها شبهات تفشي ظاهرة الرشوة ليس فقط في المعامل السرية بل حتى القانونية منها والتي لا تحترم اغلبها تشريع الشغل فلا حد أدنى للأجور ولا تحديد ساعات العمل ولا تعويض عن العطل ولا توفير شروط السلامة في جل المقاولات.مقابل ذلك آليات الزجر لا ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة في حق الشغيلة التي غالبا ما تدفع ثمن الاستهتار وقد يكون هذا الثمن اغلي مما نتصور وهو رقاب العمال مقابل جشع الباطرونا.
 
عبد العزيز الداودي، فاعل حقوقي، ونقابي/ وجدة