الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: قراءة في التحامل المسموم لمنظمات غربية على صحراء المغرب

صافي الدين البدالي: قراءة في التحامل المسموم لمنظمات غربية على صحراء المغرب صافي الدين البدالي

ظلت بعض المنظمات الحقوقية الدولية تجعل من ملف الصحراء المغربية مادة حقوقية خارج السياق والأهداف الحقوقية التي من أهدافها الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافتها. إذ تعتبر في كل مرة أن حقوق الإنسان لا تحترم في الصحراء، معتبرة أن هناك شعبا مستعمرا من طرف الدولة المغربية، وتارة تجعل من تدخل السلطات العمومية في الوقفات والتظاهرات السلمية مادة لها طابع افترائي وليس حقوقيا، لأنها تفتقر إلى مواصفات التقارير الحقوقية، بل تسقط في ردود الأفعال وخدمة أجندة لا علاقة لها بحقوق الإنسان. لذلك لابد من التوضيح للرأي العام علاقة الصحراء بالمغرب وعلاقة حق أي مواطن مغربي ومغربية في حقه في التعبير وفي التظاهر السلمي.

 

1ـ الصحراء المغربية والادعاءات المغرضة:

في بداية القرن 20 وفي 3 أكتوبر 1904 ستتفق كل من فرنسا وإسبانيا على بسط نفوذهما الاستراتيجي على المغرب. وينص الاتفاق على أن تحتل اسبانيا الصحراء المغربية لتحمي الاستعمار الفرنسي في موريتانيا وتحول دون تماسك أي مقاومة مغربية من الشمال إلى الجنوب. وبالمقابل ستحمي فرنسا الاستعمار الإسباني في الشمال. وتماشيا مع هذا الاتفاق، فإن إسبانيا استعمرت صحراء مغربية وليس جمهورية صحراوية أو إمارة، ولم تكن أرضا خلاء، بدليل أنها قامت في 17 ماي 1947 بإصدار قانون إسباني لتجنيس أبناء قبائل الصحراوية من آيت باعمران إلى موريتانيا جنوبا. وبذلك ظل حق الشعب المغربي في استكمال وحدته الترابية باسترجاع صحرائه حقا مشروعا. فبعد إعلان الاستقلال الشكلي للمغرب في 2 مارس 1956، ثم إعلان استقلال المنطقة الشمالية عن إسبانيا في 7 أبريل 1956، ثم في أواخر أكتوبر 1956 سيتم إلغاء الطابع الدولي لمنطقة طنجة وعودتها للسيادة المغربية، وبقيت ثلاث مناطق المغرب خاضعة للاحتلال الإسباني والفرنسي، أي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ومنطقة الجنوب من أيت باعمران إلى تخوم الصحراء حتى خطوط التماس مع الجيش الفرنسي الذي كان مستعمرا لشنقيط، ثم الصحراء الشرقية بما فيها تندوف وتوات وكولمب بشار، كانت فرنسا قد ضمتها للجزائر لأنها كانت تطمح أن تكون من المحافظات الفرنسية .

ولما نشطت حركة التحرر العالمية في بداية الخمسينات من القرن العشرين، كانت المقاومة المغربية بكل مكوناتها تستمر في مقاومة الاحتلال، حيث انطلق جيش التحرير المغربي جنوبا من أجل استكمال إرجاع الأراضي المغتصبة من طرف إسبانيا. لكن التحالف الفرنسي الإسباني قام باستعمال كل الأسلحة الفتاكة ومنها حتى المحرمة في إطار العملية المعروفة حتى في سجلات الأمم المتحدة بعملية إكوفيونcouvions) )، مما جعل جيش التحرير يتراجع عن الاستمرار قدما إلى الأمام، خاصة وأن النظام المغربي ساهم في حل جيش التحرير ولم تتم عملية تحرير المناطق المستعمرة .

 

2ـ المخطط الإسباني الجزائري:

كانت للجزائر أطماع توسعية خاصة في الصحراء المغربية للوصول إلى المحيط الأطلسي لخلق منفذ تجاري على المحيط، فجاء الاتفاق الإسباني الجزائري الذي كان يروم خلق كيان لصالحهم. فكانت جبهة البوليساريو هي البداية وهي آلة التنفيذ.

إذن، فالصحراء هي مغربية تاريخيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وعقائديا.

 

3ـ بعض المنظمات الحقوقية والنظرة اللاحقوقية بالنسبة للصحراء المغربية:

كلما اقترب موعد انعقاد مجلس الأمن إلا وتحركت هذه المنظمات شاهرة سيفها الحقوقي على المغرب في شأن الصحراء، الشيء الذي يوحي بأنها تشتغل تحت الطلب! لكن هذه المنظمات لم تقم يوما بفضح ما يتعرض له المغاربة الصحراويون من تعذيب ومن استغلال ومن اختطافات ومن اعتقالات وإعدامات واغتيالات بدعم من الجيش الجزائري. ولم تقم بإعداد تقارير عن حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية. بل ولم تقم هذه المنظمات بمقارنة الوضع بين تندوف والصحراء المغربية على المستوى الإنساني والاجتماعي والأمني والحقوقي، باعتماد المعايير الدولية المنبثقة عن الإعلانات المرتبطة بحقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة وحقوق الطفل والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وحقوق حرية التنقل، وذلك حتى تتم إدانة الطرف الذي يخرق هذه الحقوق جملة وتفصيلا. أما دون ذلك فسيبقى ما تنتجه هذه المنظمات مجرد تحامل على المغرب ولا يساعد على إرساء حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها في شيء، لأن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ ولا يسمح بالتمييز أو بالانحياز لأغراض سياسوية أو مادية تتنافى وحقوق الإنسان.

 

- صافي الدين البدالي، فاعل سياسي وحقوقي