السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

توفيق مفتاح: صونا للاختلاف في الرأي والحق في التعبير

توفيق مفتاح: صونا للاختلاف في الرأي والحق في التعبير توفيق مفتاح
لا نختلف حتما حول ما حققته الدولة المغربية مؤخرا من مكاسب سياسية بخصوص قضية الصحراء المغربية، بعد الاعتراف الامريكي بسيادة المغرب عليها. خاصة أن ذلك جاء ملازما لاستئناف المملكة المغربية لعلاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل".
وبالقدر الذي يقتضي من مختلف أطياف المجتمع الالتفاف حول القرارات والمسارات التي تتخذها الدولة المغربية في هذا الباب، لا ينبغي أن يكون ذلك مبررا لدى البعض لمحاولة تلبيس الجميع أفرادا ومؤسسات حزبية ونقابية وحقوقية ومدنية مِعطف "التطبيع والاعتراف القسري بإسرائيل"، على اعتبار أن ذلك يدخل ضمن حرية التعبير المكفولة كونيا وقانونيا للجميع، ولا يحق لأحد أو أي جهة أو الدولة نفسها أن تجبر أحدا أو تنظيما سياسيا أو حقوقيا أو مدنيا على التعبير عن اعترافه أو ولائه لكيان أو دولة أو إيمانه بعقيدة أو أيديولوجيا سياسية ما، وإذا حصل هذا فسنكون إزاء شوفينية ستأتي علينا جميعا.
في أغلب المجتمعات والدول يوجد أفراد وشخصيات وتنظيمات لا تتطابق مواقفها السياسية وتوجهاتها الفكرية مع خيارات وقرارات الدولة التي تحتضنهم وترعى شؤونهم، ولا يعد ذلك ذريعة لها للتضييق عليهم، بل هي تكفل حقهم في التعبير وإبداء الرأي، صونا لحقوقهم وحفاظا على التنوع والاختلاف، بل تعتبر ذلك مفيدا لها في تحقيق التوزان المطلوب بين مصالح الدولة وطموحات المجتمع التي يفترض أن تظل منفتحة على التجدد، ومتأهبة دوما لحفز ودفع الدولة لترجيح كفة مصالحها الآنية والاستراتيجية بالأريحية اللازمة، تجاه مختلف المتغيرات الدولية التي يمكن أن تعصف بها في أي لحظة. 
إنه في الوقت الذي لا تبدي فيه الدولة ومؤسساتها أي انزعاج أو تحفظ تجاه المواقف الرافضة "لتجديد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل"، هناك من انبرى لتقريع وتخوين المخالفين لقراراتها، وهذا يعبر عن عدم قدرة هؤلاء على استيعاب هذه المتغيرات بالخبرة القانونية والسياسية والفكرية الكافية، أو ربما سعيا منهم لتصفية حسابات معينة مع جهات أو توجهات فكرية وحقوقية كانت تزعجهم قبلا، وهم بذلك يجهلون أنهم يسيؤون للدولة أولا، هذه الأخيرة التي ليست بحاجة لتحركات أو تغطية من هذا الصنف، فقراراتها تظل سارية ومكتسبة لقوة الأمر الصادر عنها، ولا يمكن أن توقفها بيانات أو مقالات أو مواقف تروج على العموم. فالدولة قوية بمواقفنا وآرائنا النابعة من اختلافاتنا، ومهزوزة بإمَّعِيتنا وضعف وتهافُت آرائنا.