عادت الجرّارات لتحتل الطرق السريعة ومداخل المدن الفرنسية، في مشهد بات مألوفاً خلال السنوات الأخيرة، لكنه هذه المرة يحمل دلالات أعمق تتجاوز المطالب الظرفية، ليعكس أزمة بنيوية يعيشها القطاع الفلاحي في فرنسا، في تقاطع مباشر مع السياسات الأوروبية والاختيارات الاقتصادية والبيئية للدولة.
الاحتجاجات الأخيرة، التي قادتها نقابات فلاحية بارزة، شلّت عدداً من المحاور الطرقية، وفرضت نفسها بقوة على أجندة الحكومة الفرنسية، بعدما عبّر الفلاحون عن غضبهم مما وصفوه بـ«تراكم القرارات المجحفة» التي تهدد استمرارية نشاطهم ودخلهم، بل ووجودهم المهني.
يضع الفلاحون مسألة تراجع الدخل الفلاحي مقابل الارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، خصوصاً أسعار الطاقة، الأسمدة، الأعلاف، والتأمين.ويؤكد المحتجون أن أسعار بيع منتجاتهم لا تعكس الكلفة الحقيقية للإنتاج، في ظل هيمنة سلاسل التوزيع الكبرى والوسطاء، ما يجعل آلاف الضيعات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، على حافة الإفلاس.
إلى جانب العامل الاقتصادي، تشكل القيود البيئية -حسب مصادر اعلامية- أحد أبرز دوافع الاحتجاج. فالفلاحون لا يرفضون مبدئياً حماية البيئة أو الانتقال نحو زراعة مستدامة، لكنهم يعتبرون أن:
وتيرة فرض القواعد البيئية سريعة وغير واقعية،
الالتزامات الجديدة لا ترافقها تعويضات كافية،
القوانين تُطبق بصرامة أكبر على الفلاح الأوروبي مقارنة بمنافسين من خارج الاتحاد.
وتيرة فرض القواعد البيئية سريعة وغير واقعية،
الالتزامات الجديدة لا ترافقها تعويضات كافية،
القوانين تُطبق بصرامة أكبر على الفلاح الأوروبي مقارنة بمنافسين من خارج الاتحاد.
هذه المعادلة، بحسب المحتجين، تجعل الفلاح مطالباً بالإنتاج “أنظف وأكثر” ولكن بـ“دعم أقل وهوامش أضعف”.
ملف الاتفاقيات التجارية، وعلى رأسها اتفاق محتمل بين الاتحاد الأوروبي ودول ميركوسور، شكّل وقوداً إضافياً للاحتجاجات.
الفلاحون الفرنسيون يرون أن فتح السوق أمام منتجات زراعية مستوردة:
لا تحترم نفس المعايير البيئية والاجتماعية،وتُنتج بكلفة أقل، تُباع بأسعار تنافسية غير عادلة،
كما انها تمثل تهديداً مباشراً للسيادة الغذائية وللاستقرار الاجتماعي في الأرياف الفرنسية.
كما يندد المحتجون حسب وسائل إعلامية فرنسية ، بـتعقيد السياسة الفلاحية المشتركة (CAP)، وكثرة التصاريح والمراقبة الإدارية والعقوبات، معتبرين أن الفلاح بات يقضي وقتاً أطول في ملء الاستمارات بدل العمل في الحقول.
ويرى كثيرون أن الفجوة تتسع بين صناع القرار في باريس وبروكسيل، والواقع اليومي للفلاح في القرى والمناطق الزراعية.
أمام تصاعد الاحتجاجات، وجدت الحكومة الفرنسية نفسها مضطرة إلى فتح قنوات الحوار، وتقديم تنازلات جزئية، من بينها:
وعود بتخفيف بعض القيود الإدارية،
مراجعة آليات الدعم،
الدفاع عن المصالح الفلاحية الفرنسية داخل الاتحاد الأوروبي.
غير أن النقابات تؤكد أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية، وأن الأزمة أعمق من حلول ظرفية.
وعود بتخفيف بعض القيود الإدارية،
مراجعة آليات الدعم،
الدفاع عن المصالح الفلاحية الفرنسية داخل الاتحاد الأوروبي.
غير أن النقابات تؤكد أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية، وأن الأزمة أعمق من حلول ظرفية.

