اليوم العالمي للهجرة، الذي يُحتفل به سنوياً في 18 ديسمبر، يُروَّج له كفرصة للتوعية بقضايا المهاجرين وحقوقهم، لكن خلف هذه الشعارات الرسمية تظهر حقيقة أكثر تعقيداً ومرارة. في الوقت الذي ترفع فيه الحكومات والمنظمات الدولية شعارات حماية حقوق المهاجرين، يبقى الملايين منهم يعانون من التمييز والاستغلال والعنف المؤسسي. هل يكفي تخصيص يوم واحد في السنة ليغطي على سياسات الإقصاء والجدران الحدودية ومعسكرات الاحتجاز؟
تحوّل هذا اليوم إلى مناسبة للعلاقات العامة أكثر منه التزاماً حقيقياً بالتغيير. تُنظم ورش العمل والمؤتمرات، وتُنشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يعود الواقع كما كان في اليوم التالي. من المثير للسخرية أن نحتفل بحقوق المهاجرين في ظل تصاعد حملات الكراهية والعنصرية ضدهم.
نادراً ما تُناقش الأسباب الحقيقية التي تدفع الملايين لترك أوطانهم؛ الحروب، الفقر، الفساد، وتغير المناخ هي القضايا التي تحتاج إلى إرادة سياسية لمعالجتها. بدلاً من ذلك، يكتفي اليوم العالمي للهجرة بالحديث عن "دمج المهاجرين" و"تسهيل التنقل"، وكأن المشكلة تكمن في المهاجرين أنفسهم لا في الأنظمة التي تدفعهم للمخاطرة بحياتهم طلباً للأمان والكرامة.
باختصار، اليوم العالمي للهجرة لا يعدو كونه مسكناً مؤقتاً لضمير عالمي متعب يتجاهل عمدًا معالجة جذور الأزمة. إذا كان العالم جاداً في حماية المهاجرين، فعليه أن يتوقف عن الاحتفاء بيوم رمزي وأن يبدأ بإصلاح السياسات الجائرة وإزالة الحواجز ومحاسبة الأنظمة التي تخلق هذه المآسي، وإلا سيبقى هذا اليوم مجرد مناسبة فارغة لا تغيّر من واقع أحد.

