الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر: إلى محبي محمد الفايد.. لقد تبين كذبه

سعيد جعفر: إلى محبي محمد الفايد.. لقد تبين كذبه سعيد جعفر

ألم نكن صادقين عندما قلنا أن ما يقوله عن كورونا كذب وأنه لا يجب بيع الوهم للناس باسم الدين؟

 

إن أخطر السيناريوهات هو أن يصل الناس إلى الشك في الدين بسبب رجال الدين. لقد حدث هذا في حضارات وجغرافيات كثيرة آخرها أوروبا وبسبب رجال الدين والكنيسة ثار الأوروبيون ضد المسيحية ولم يعودوا يثقون فيها و جعلوها في مرتبة ثانية بعد المادة.

 

لقد تنبأ كثير من رجال الدين المسيحيين بهذه الوضعية وحاولوا جاهدين إصلاح بنية الدين من الداخل بتحريره من الكذب والمتاجرة به.

 

هذا ما فعله مونتاني وشارون وأرنولد الكبير ودير بوريال، وحاوله كالفن وغيره، ولكن النتائج لم تكن جيدة، لقد وصلت المتاجرة المسيحية في السياسة والعلم والاقتصاد وغيرها موصلا كبيرا وبعيدا، فكان القرار بالفصل ثم تحييد المسيحية لصالح العقل والتجربة.

 

عندما تعرضنا لخرجات الفايد لم يكن ذلك لعداء إيديولوجي أو فكري، فالرجل دكتور في تخصصه في علم التغذية ولا يمكن منازعته في ذلك، ولكن كان بالضبط بسبب توهيمه للناس بخطاب كاذب بتوظيف الدين.

لقد قلنا آنذاك هذا كذب باسم الله، فكيف يمكن أن نقبل في زمن عجز فيه العلم والتقنية عن التعرض لجائحة قاتلة، أن ينجح القرنفل والبابونج وشهد العسل وبعض الأدعية في التعرض للوباء؟

 

لقد كنا متيقنين آنذاك من خطورة الأوضاع قياسا على حالة الصدمة والارتباك التي أصابت الحكومات، ولهذا كانت كل صيحات الفايد ومي نعيمة وأبو النعيم وراقي سطات مجرد مزايدات تتحايل على الناس وتكذب عليهم.

 

لقد تبين كذب الفايد، فلا ارتفاع درجة الحرارة أنهى الوباء، ولا رمضان ولا الصوم أنهاها، ولا الأعشاب ولا العسل فعل ذلك ولا الأدعية فعلت ذلك.

كان يمكن أن نقول أن هذا خطأ في التشخيص من باحث في علوم التغذية ولكن اليقين الذي تكلم والتحدي الذي رفعه في وجه معارضيه والتجييش الذي قام به مريدوه جعلنا نؤكد على كذبه وبيعه الوهم للناس.

 

بعد حوالي 4 أشهر من تنبؤات الفايد الكاذبة وبيعه الوهم للناس، ها هي الحكومة تعلن حجرا صحيا جديدا مشددا على مدينة الدار البيضاء بعد أن تجاوز عدد الإصابات حاجز 2400 اصابة والوفيات حاجز 40 وفاة، وبعد أن نبه الملك شخصيا إلى خطورة الأوضاع الصحية وتداعياتها الاقتصادية.

 

ماذا كان سيضرنا لو أن الفايد قال الحقيقة وقال إن هذا الوباء خطير وأنه سيكلف الكثير صحيا وماديا واقتصاديا. كنا سننتبه أكثر ونثق في صفته العلمية لنحترس أكثر وقاية وعلاجا.

 

لقد كذب الفايد باسم الله والدين تماما كما كذب بنكيران باسم الله والدين، وكما يكذب آخرون كثر باسم الدين رقاة شرعيون! وفقهاء حيض ونفاس ودعاة لا يدعون لأي شيء، وسياسيون...

 

ولهذا فقد أساؤوا لله وللدين. وبالنسبة لضعيفي الإيمان فقد يهتز إيمانهم وتهتز صورة الدين أمامهم، ولهذا نقول دائما يجب فصل الدين عن السياسة وعن العلم، كما يجب فصل العلم عن السياسة.