الأحد 5 مايو 2024
كتاب الرأي

أحمد الفرحان: مقترحات من أجل تعليم أبنائنا

أحمد الفرحان: مقترحات من أجل تعليم أبنائنا أحمد الفرحان
مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، كان الأمل معقودا على أن تتقدّم وزارة التربية الوطنية بعرض تربوي متجدّد ومبدع يتلاءم مع الظروف الصحيّة الاستثنائية الصعبة التي تمرّ منها بلادنا كباقي بلدان العالم.
فعلا، تساءل الجميع عن شروط تطبيق المقرر الوزاري الخاص بتنظيم السنة الدراسية 2020 – 2021 رقم 30. 29 بتاريخ 05 غشت 2020 وهو يحافظ على الإطار العام الاعتيادي للدخول المدرسي سنويا في ظل الحالة الوبائية الراهنة. ولكن بقي الأمل معقودا هذه المرة ليس على ما ستأتي به وزارة التربية الوطنية من عروض، بل على ما ستأتي به وزارة الصحة من أخبار طيبة عن الوضع الوبائي في المغرب. ولكن يبدو أن خيبات الأمل هو قدرنا السياسي في هذه البلاد.
وهكذا مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، عمّت حالة اليأس الباعثة على السخرية مع مضمون البلاغ الوزاري الأخير بتاريخ 22 غشت 2020 عن إجراءات الدخول المدرسي. بلاغ مشفّر، يحتاج إلى شروحات وشروحات، فاختزل المغاربة النشطاء الشروحات بفطرتهم السليمة في التعامل مع "البلاغات" الحكومية في الهزليات الافتراضية. وهكذا أعقبت الهزليات الساخرة الشروحات الوزارية "الساحرة" التيجمعت بين ما لا يجتمع في عبارة سحرية مفادها: "إشراك الجميع بروح تضامنية في اتخاذ القرارات".
ولكن ما يغيب عن الشروحات هو: المبدأ والممارسة الديمقراطية. يكمن المبدأ الديمقراطي في مسؤولية الدولة عن السياسات التعليمية، وتكمن الممارسة الديمقراطية في تحمّل الوزارة مسؤولية تدبير هذه السياسات أمام المواطنين. وتظلّ العبارة السحرية: "إشراك الجميع بروح تضامنية في اتخاذ القرارات" في ظل المبدأ والممارسة الديمقراطية استشارية وليست تقريرية. القرار في الأنظمة الديمقراطية يعود للدولة، ولكي يكون القرار سليما يعفيها من مشقة المساءلة البرلمانية والمدنية القاسية تستشير "بإشراك الجميع...". الآباء والأمهات ينتظرون الاستشارة وليس اتخاذ القرار في مصير أبنائهم/هن، لأن الأبناء الذين تخاطبهم الدولة هم التلاميذ، والطفل هو تلميذ عندما يلج مؤسسات تعليمية بترخيص من الدولة، فالطفل بالمعنى السياسي هو هذا الكائن المؤسساتي الذي يخضع للتربية على المواطنة في مؤسسات الدولة. إذن من يقرر في مصير هذا الكائن السياسي الذي اسمه: التلميذ؟ سلطة الأسرة تنتهي في التربية الأسرية وتبدأ سلطة الدولة في التربية المواطناتية.
لقد أطلقنا حملة: "مقترحات لتعليم أبنائنا"، وكل أبناء المغاربة أبنائي؛ فقد كنت في خدمة أبناء هذا الوطن لأزيد من ربع قرن، ومازلت، وسأظل كذلك...وكانت الغاية من هذه الحملة الافتراضية أن ندفع بالنشطاء إلى إعمال فطرتهم السليمة الفائقة هذه المرة لإبداع مقترحات عملية تكشف للمسؤولين أن الوطن فيه كل الخير.
وتوالت علينا عشرات المقترحات أغلبها نشر في بيانات جمعوية ونقابية وقطاعية وبعضها نشر في حسابات شخصية لنشطاء مغاربة مختصين.
وبعد جمع وتنظيم هذه المقترحات تبين أنها تقف عند المبادئ الأتية:
ـ الحفاظ على مبدأ السلامة الصحية.
ـ الحرص على مبدأ تكافؤ الفرص.
ـ تحقيق مبدأ التمكن من الكفايات الأساسية.
وتذهب المقترحات لضمان احترام هذه المبادئ إلى توظيف الآليات التالية:
ـ تكييف المنهاج الدراسي استثنائيا للتجاوب مع الشروط التنظيمية التي تفرضها الحالة الوبائية، ومن بينها إعداد برنامج دراسي مكيف واستثنائي يعتمد على الكفايات الأساسية فقط التي تتطلب الدرس الحضوري في زمن معدّل. ويتضمن تدابير التكامل البيداغوجي بين الأسرة والمدرسة من خلال أعمال منزلية ممنهجة ومبسطة ذاتية أو تطبيقية مرفوقة بمصوغات توجيهية للآباء وأمهات التلاميذ.
ـ التنظيم الإداري المحكم بإعادة توزيع البيانات الزمنية للأساتذة والتلاميذ تعتمد صيغة التفويج، واعتماد أسلوب الحضور التناوبي للأفواج (مثلا: الإثنين والأربعاء والخميس/ الثلاثاء والجمعة والسبت) وتعقيم وتقسيم وتشوير الفضاءات الدراسية بما فيها الساحة المدرسية.
ـ تعديل إجراءات الانضباط المدرسي للتلاميذ مع ما يتوافق وشروط السلامة الصحية.
وهناك نقطة فريدة في المقترحات هو الإسراع في تحديد وقت قريب لا يتعدّى الشهر لاجتياز امتحانات الأولى باكالوريا جهوي مراعاة لنفسية التلاميذ وإتاحة الفرصة لهم لمتابعة دروس السنة الثانية باكالوريا متابعة جيدة وآمنة نفسيا.
وذهبت باقي المقترحات إلى إحصاء مطالب المعدات اللوجيستيكية لتفعيل برنامج التعليم عن بعد. وهي مطالب ضرورية وملحة، ارتأينا أن تبقى من اختصاص النقابات وجمعيات المجتمع المدني بما فيها جمعيات آباء وأمهات التلاميذ.
واحتراما للتخصصات التربوية والبيداغوجية والديداكتيكية، لم نعمل على تفصيل هذه المقترحات، لأنها من مهام أطر التفتيش والتوجيه ومجالس المؤسسات التعليمية ومختبرات البحث البيداغوجية.
ومسك الختام: عندما يصدق القصد يكون العمل.
أحمد الفرحان/ أستاذ جامعي