السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى بنرهو: التطوع مطلب أساسي لمواجهة "كوفيد 19"

مصطفى بنرهو: التطوع مطلب أساسي لمواجهة "كوفيد 19" مصطفى بنرهو

في الوقت الحالي، يحاول العالم بأسره الحد من انتشار فيروس" كوفيد19"، من خلال العديد من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من مخاطر العدوى، وأهمها الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي واحترام قواعد النظافة.

 فبالرغم من أن الرعاية الصحية أصبحت موضوع اهتمام كبير إلا أن السؤال المطروح: هل أنظمة الرعاية الصحية في كل بلد جاهزة لمواجهة المد العارم للفيروس؟ فإذا كان الأمر كذلك هل هذه الإجراءات قادرة لوحدها على مواجهة سرعة انتشار الوباء؟ إن الوضع ينذر بالخطر ويبعث عن القلق أمام ارتفاع الحالات الحرجة والحاملة للأعراض والوفيات، وليس أنجع لمواجهة هذا الوباء سوى التعبئة المجتمعية من خلال المشاركة المسؤولة للمواطنات والمواطنين للحد من انتشاره وآثاره داخل المجتمع.

 فاذا كانت التعبئة الطبية ضرورية لمنع انتشار الفيروس من شخص لآخر، فان التعبئة المجتمعية الفعالة من طرف المجتمع المدني ضرورية لاحتواء المرض بنجاح. وتشتد حاجة المجتمع اليوم إلى تطوع مواطنيه وخصوصا الشباب بكل فاعلية وتشارك حقيقي يساهم في إعادة بناء النسيج الاجتماعي الواحد، كما أكد على ذلك جلالة الملك في خطابه قبل أيام بمناسبة ثورة الملك والشعب ودعوة كل القوى الوطنية، للتعبئة واليقظة، والانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية والتحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لجائحة "كوفيد 19".

وتبدو مشاركة الشباب في جهود الوقاية من وباء "كوفيد 19" ضرورية، وجعل من الخدمة المجتمعية التطوعية عاملا أساسيا في التعبئة لمواجهة الجائحة، التي تفرض أن ينخرط ويشترك فيها جميع المواطنات والمواطنين بكل فاعلية ومشاركة حقيقية، من أجل محاربة الأنانية ومقاومة الإشكالية التي تلقي بالثقل على كاهل الدولة والاستكانة إلى الانتظارية السلبية او عدم الالتزام بالإجراءات الصحية.

إن تجميع المبادرات التطوعية في إطار دينامية وحركية الشباب، ومشاركتهم المواطنة والمسؤولة، ستعبئ حولها جهود القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والجماعات المحلية والمنظمات والجمعيات العاملة، وتجعل منها تجربة إنسانية ومجالا للوطنية الحقة والتضامن والانخراط الوطني.

فإذا كان التطوع حركة اجتماعية تهدف إلى تأكيد القيم الأصيلة للتعاون، وإبراز الوجه الإنساني للعلاقات الاجتماعي، فإن الشباب يمثل فئات المجتمع الحيوية القادرة على العمل والتفاعل والاندماج والمشاركة بأقصى طاقة لمواجهة جائحة "كوفيد 19".

وإذا كنا اليوم في حاجة إلى مجتمع مغربي قوي، فيلزم تشجيع التضامن في أوساط الشاب وتطوير آليات التطوع عبر إطلاق مبادرة وطنية شبابية ترتكز على استراتيجية تعزيز العمل التطوعي والمدني، والاتجاه نحو الجمعيات الشبابية لتوطيد الانخراط الجماعي والتضامن لفائدة الوطن. لذا فرهان هذه المبادرة وما يرتبط بها من إرادة جماعية يجعل تفعيلها يعتمد على روح المواطنة العالية والالتزام والتضامن في إطار برنامج وطني للعمل الجماعي والتعبئة يكون لعملياته دور مؤثر وفاعل في حياة المجتمع.

وسيكون ذلك ممكنا إذا ما تم توجيه إمكانيات الجميع من قطاعات حكومية وجماعات محلية وقطاع خاص وجمعيات المجتمع المدني ومؤسسات وفعاليات مدنية من أجل الانخراط في فعاليات البرنامج حتى يضمن له القدر الكافي من التأطير والوسائل لتفعيله على أرض الواقع، سواء تعلق الامر بالخدمات الصحية التطوعية او عملية التحسيس والتعبئة او تقديم المساعدات او التنظيم الى جانب السلطات والقطاعات الحكومية في اطار تدخلاتها.  ويشكل إحداث لجنة وطنية لتنظيم التطوع وخلق امتداداتها على المستوى الجهوي والإقليمي، وانشاء مراكز التطوع بالأحياء وتسهيل أعمال المتطوعين ، وخلق شبكة اتصال بينهم وتزويدهم بالمعلومات والموارد وتشجيعهم على الانخراط في الخدمات التطوعية من اجل مواجهة الجائحة امر أساسي ، لان التطوع قبل كل شيء سلوكا مدنيا مواطنا بامتياز، وفي ظل هذه الاكراهات التي يمر منها المجتمع المغربي، تتطلب تطوير مفهوم التطوع و الخدمة المجتمعية باعتبار أنهما دعامتان  أساسيتان للتضامن و لعملية التنمية الشاملة و المستدامة، و ليست عملا ثانويا بل هو قيمة اجتماعية أساسية تعبر عن سلوك إنساني حضاري .

وعلى ضوء ذلك فقياده هذه المبادرة تعتمد على تنسيق من طرف الوزارة المكلفة بالشباب بتعاون مع اللجنة لجنة اليقظة المكلفة بوباء كورونا لإدماج هذه الجهود في خطة الحكومة لمواجهة "كوفيد19 "، ولهذا الغرض يتطلب إنشاء وعاء تنظيميا لضمان التدبير المعقلن للكفاءات والوقت والجهد، والعمل على حسن تأطيرها وتدبيرها بما يلزم من ترشيد وضبط وتنظيم. فالعملية تحتاج إلى تأطير المبادرات التطوعية بأسلوب متطور وحديث يسعى إلى تنظيم خبرة الشباب ووقتهم وفق متطلبات وحاجيات تساعد على إبراز قيم التضامن والتعاون وجعل  الخدمة المجتمعية والتطوع داخل الاحياء والمدن قاطرة للتعبئة والتحسيس وتعبير عن المسؤولية النشطة للشباب في مواجهة الوباء الى جانب مختلف التدخلات القطاعية والمؤسساتية، كما يجب تعبئة وتأهيل الفاعلين المدنيين والفعاليات الشبابية ومرافقتهم لتأسيس وتدبير العمل التطوعي ونشر وترسيخ ثقافته في أوساط الشباب ومؤسساته ومنظماته وفضاءاته وإحداث مكاتب تقوم بتدبير العمل التطوعي في أوساط الشباب وتنسق العلاقة بين الهيئات المدنية والشباب واللجن الإقليمية وفق المخططات المحلية التي تندرج في اطار الإجراءات الوطنية لمكافحة الوباء، فالتطوع عدو للفوضى والارتجال وعدو للتظاهر بالخدمة العامة خصوصا في أوقات الازمات التي تشتد الحاجة لتطوير فرص المشاركة للجميع المجسدة لروح الالتزام والتضامن والقيم التي يرتكز عليها  العمل على مستوى الواقع الميداني حتى نضمن  وقاية مجتمعية صلبة في مواجهة هذه الجائحة  "كوفيد 19"