الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

صافي الدين البدالي : الحسيمة في ميزان المجلس الوطني لحقوق الإنسان

صافي الدين البدالي : الحسيمة في ميزان المجلس الوطني لحقوق الإنسان البدالي صافي الدين، وأمينة بوعياش

صادقت الجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في دورتها الثانية، المنعقدة من 6 إلى 8 مارس 2020، على مشروع التقرير السنوي للمجلس حول حالة حقوق الإنسان برسم سنة 2019 ومشروع رأي حول النموذج التنموي الجديد ومشروع التقرير الموضوعاتي حول الأحداث الاجتماعية بجرادة والتقرير الموضوعاتي حول احتجاجات الحسيمة.

وقد خص هذا التقرير جزءا مهما للأحداث الحسيمة، ومحددا مجموعة من المفاهيم في علاقة مع هذه الأحداث كما اشار التقرير من خلال كرنولوجيا منذ بداية الأحداث التي عرفتها الحسيمة في أكتوبر 2016 إلى أكتوبر 2017 مبرزا الحالات التي عرفتها المنطقة من اعتقالات و محاكمات نافيا أي تعذيب للمعتقلين بناء على خبرات طبية في هذا الشأن.

ولقد تعددت ردود الفعل حول هذا التقرير على مستوى المجالي للحراك وعلى مستوى المفهوم لهذا الحراك الذي حدده التقرير في مفهوم "احتجاجات الحسيمة " معتبرا بأنه هو التعريف الأدق.

لكن وحتى لا تتم طمس مرحلة مأساوية عرفتها الحسيمة بدءا من مقتل محسن فكري بائع السمك سحقا في شاحنة النفايات في أكتوبر 2016 والذي كان سبب اندلاع مجموعة من الاحتجاجات ، هذه الاحتجاجات تضاعفت لما صدرت أحكام في حق عمال وبعض المهنيين في الصيد البحري والتستر على إخطبوط الصيد البحري الذي يتشكل من شخصيات نافذة في البلاد . وتطورت هذه الاحتجاجات لما تبين لساكنة الحسيمة التلاعب في مشاريع تنموية خصصت لها ميزانية ضخمة.

إذن فالحسيمة هي مركز الثقل بالنسبة للاحتجاجات التي عفتها المناطق المجاورة للحسيمة إلا أن توظيف المفاهيم أحيانا دون الارتكاز على دراسة علمية و محايدة في إطار تعاقد بين الأطراف المعنية قد يسيء إلى المنطقة وإلى أهلها . و من تم لا بد من إعطاء لكل مفهوم دلالته الاجتماعية والسياسية وأيضا البعد الإنساني والتاريخي.

و من هنا يطرح السؤال :هل هو حراك الاجتماعي للحسيمة أم احتجاجات الحسيمة ؟

1 ـ إن للحراك الاجتماعي (بالإنجليزية Social mobility ) هو إمكانية تحرك مجموعة من الأشخاص من أسفل الطبقة الاجتماعية إلى أعلى الطبقة ، أي تحسين المكانة الاجتماعية في السلم الاجتماعي . و يرى بعض الباحثين بأن مصطلح "حراك" يدل على الحركة المكانية أو الهجرة السكانية أو " transhumance " ، وهذا ما وصفوه "بالحراك الفيزيقي".

وبالنسبة لهؤلاء الباحثين فإن "الانتقال من وضع اجتماعي إلى آخر داخل البناء الاجتماعي فهو حراك اجتماعي "، ومن تم فإنه يعتبر أحد المقومات الرئيسية في المجتمعات المتحضرة ، إذن فالحراك له مرتكزات علمية واجتماعية وله أهدف تتجلى في تغيير وضع اجتماعي لطبقة معينة إلى وضع أرقى في إطار مشروع مجتمعي له قيادته التي تقوده إلى تحقيق الارتقاء .وبما ان الحراك له صفته الحركية بشكل عام فإنه يعني تحرك شريحة اجتماعية إلى شريحة أخرى.

ويشمل الجماعات المهنية، فهل نحن أمام حراك اجتماعي حقيقي يعبر عن حركية المجتمع بكامله ؟ أم أمام احتجاجات الحسيمة ؟

2 ـ إن الاحتجاج هو طريقة للتعبير عن رأي جماعة أو حزب سياسي أو مجموعة من المتضررين من قرار مس بمصالحهم ، ويكون عبر الوقفات أو البيانات أو المسيرات لإبلاغ صوتهم لمن يهمه الأمر حتى يعدل عن القرار المتخذ ، وأحيانا يحدث انقسام بين المحتجين حول أساليب العمل أو التواصل.

وبالعودة إلى الحسيمة فإن التركيبة الاجتماعية للمحتجين كانت تختلف لأنها تتكون من كل شرائح المجتمع من شباب وكهول وشيوخ ورجال ونساء وعمال وعاطلين ومثقفين. و هو ما جعلها تتحول إلى حركات اجتماعية تقودها الشريحة الشبابية التي كانت موجودة بقوة في هذه الاحتجاجات، لأنها قادرة على استيعاب المرحلة و على تدبير الاحتجاجات بشكل عقلاني حتى لا تسقط في أساليب التخريب و زحزحة أهداف المحتجين عن موقعها. لكن بالرغم من ذلك دخل الشغب على الخط لتحويل الحركة الاحتجاجية من سلمية إلى شغب الشيء الذي كانت له عواقب و خيمة على الحراك و على استمراره .

فعلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يتناول الموضوع بكل تجلياته السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و يستحضر العوامل الخارجية وأيضا المناخ الديمقراطي و كيفية تعاطي السلطات مع الوضع هل بالمقاربة الاجتماعية وأم بالقارية الأمنية وبردود فعل بناء على تقارير قد تكون تحريضية وتسعى أن تجعل الحسيمة والريف معا في زاوية ضيقة تنذر باستئناف الاحتجاجات.

 

البدالي صافي الدين، فاعل حقوقي وسياسي