الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

سعيد السلمي: من حق المواطن استخدام المعلومة في فضح الفساد والتدبير السيئ للإدارات العمومية

سعيد السلمي: من حق المواطن استخدام المعلومة في فضح الفساد والتدبير السيئ للإدارات العمومية سعيد السلمي
يتطرق سعيد السلمي، رئيس مركز حرية الإعلام، إلى بعض الإشكالات القانونية التي يطرحها تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومات، داعيا إلى ضرورة توفير التكوين الملائم لفائدة أعضاء لجنة الحق في الحصول على المعلومات، مشيرا إلى أن رأي هذه اللجنة يبقى استشاريا خلافا لتجارب بلدان أخري كما يتطرق لإشكالية استعمال المعلومة، مؤكدا أنه ليس هناك ما يمنع من استخدام المعلومة في لفضح الفساد والتدبير السيئ بالإدارات العمومية، فالغاية من إصدار القانون - يضيف - هي تخليق الحياة العمومية وإصلاح الإدارة.
+ماهي سبل تحقيق التفعيل السليم لقانون الولوج الى المعلومة ؟
++أعتقد أننا نعيش مرحلة مهمة تقدمت فيها الحكومة في تنفيذ قانون الولوج الى المعلومة، بتعيين أعضاء لجنة الحق في الولوج الى المعلومات، وفي نظرك فإنه كان من الواجب تعيين أعضاء اللجنة بعد مضي شهر فقط على نشر القانون في الجريدة الرسمية، إذ من الممكن ان تساعد وزارة الإصلاح الإداري و الوظيفة العمومية في تهيئ تنفيذ هذا القانون، وتعيين المسئولين الذين سيتكلفون بتلقي الطلبات والجواب عليها، وتحضير دلائل لتكوين هؤلاء، وخاصة التكوين في مجال تأويل نص القانون، كي يتمكن من معرفة المعلومات المرتبطة بالصالح العام والمعلومات التي قد تلحق ضررا بالأغيار..
+في هذا الإطار، إلى أي حد تتناغم القيود المفروضة على الحق في المعلومة مع التزامات المغرب الدولية ؟
++القيود المفروضة على الحق في المعلومات أمر عادي وموجودة في الكثير من القوانين المقارنة، وأعتقد أن ما يغيب في هذا القانون هو مقياس الضرر، فالقانون ينص على كون المسؤول عن تلقي طلبات الحصول على المعلومات يقيس هل إعطاء المعلومات يخدم الصالح العام أكثر من السر المهني أم العكس، وللأسف فلا يوجد في القانون أي مقتضى يتعلق بالضرر الحاصل نتيجة إعطاء المعلومات..
+وربما هذا قد يفتح المجال لتأويل النص القانوني، ما رأيك ؟
++لما أتحدث عن ضرورة توفير دلائل، فمعناه ضرورة توفير دليل خاص لكل استثناء في النص القانوني، وتسند هذه المهمة الى لجنة الحق في الحصول على المعلومات، فاللجنة هي التي تحدد طريقة التعامل مع طلبات الحصول على المعلومات، عبر استحضار المعايير الدولية، والإجتهادات القضائية، كما تسند لها مهمة تحديد مفهوم الأمن الوطني، وباقي الإستثناءات، على أن تحدد من داخل هذه الاستثناءات المعلومات التي يمكن إعطائها لطالبي المعلومة، والمعلومات التي ينبغي حمايتها.
+ماذا عن تخوفات بعض المواطنين من ملاحقتهم قضائيا بتهمة سوء استخدام المعلومة ؟
++هذا أمر غير مقبول، فمن حق المواطن استخدام المعلومة، لأن الهدف من استخدام المعلومات هو محاربة الرشوة وفضح الفساد والتدبير السيئ للإدارات العمومية وتشجيع صحافة البحث والتقصي والبحث الأكاديمي..وهذا ما كان يصرح به وزير الإصلاح الإداري والوظيفة العمومية .
+وكيف يمكن تحديد ما اذا تمت إساءة استخدام معلومة معينة أم لا ؟ ألا ترى أن هذا المقتضى قد يطرح إشكالات قانونية ؟
++لما تنشر المعلومة، فلا حق للإدارة في التدخل في ما يتعلق بكيفية استعمالها حتى ولو أدت الى حصول ضرر لهذه الإدارة، لأن الهدف من الحصول على المعلومات هو فضح التدبير السيئ للمرافق العمومية، وتخليق الحياة العمومية والقضاء على الفساد والرشوة في الإدارات العمومية الذي يتحدث عنه الجميع وهو ما سيساعد على إصلاح الإدارة العمومية وهذا هو الهدف من إصدار قانون الحق في الحصول على المعلومات، علما أن الكثير من القوانين المقارنة لا تتضمن أية عقوبات تلحق بمستعملي المعلومة.
+لكن هناك تأرجح بين التأديب والمتابعة الجنحية للموظف المكلف بإعطاء المعلومة بمبرر السر المهني، وهو ما قد يدفعه أحيانا الى التردد في إعطاء المعلومة ؟
++في الكثير من القوانين، اذا تم تسريب معلومة معينة خارج إطار القانون، فإن العقوبة تلحق المؤسسة وليس الموظف الذي يبقى تحت مسؤولية رئيس المصلحة، وطبعا فهذا يطرح مشكلة كبيرة علما أن العقوبة تلحق الموظف في القانون المغربي، ومن المؤكد ان الموظف سيتردد كثيرا في منح المعلومة، وبعض القوانين تعطي للموظف الفرصة لإستشارة اللجنة، التي تبقى له الصلاحية في الموافقة من عدمها على إعطاء معلومات معينة. تبقى الإشارة الى أن رأي اللجنة في قضية معينة يبقى استشاريا غير ملزم للإدارة، وهذا أمر غير موجود في القوانين المقارنة، فطبعا الإدارة ستمتنع عن إعطاء المعلومة مادام رأي اللجنة مجرد رأي استشاري وغير ملزم، كما أن القانون لايمنحها الحق في إرسال خبرائها الى الإدارة لتفحص المعلومة للنظر في إمكانية نشرها للعموم أم لا، خلافا لتجارب أخرى مثلا في بريطانيا حكمت لجنة الحق في الحصول على المعلومات على إدارة عمومية بأداء غرامة قدرها 70 ألف جنيه استرليني لأنها رفضت نشر معلومات.
ثانيا أسماء أعضاء اللجنة خرجت متأخرة بثلاثة أيام كما أنه لم يتم الكشف عن سيرهم الذاتية كي يتمكن عموم المواطنين من معرفة ما اذا كانوا يتوفرون على خبرة وكفاءة في المجال، حتى تتمكن اللجنة من كسب ثقة المواطن، كما أنه ليس هناك ما يمنع اللجنة من نشر كل الأسماء المعنية بالحق في المعلومات في جميع الإدارات العمومية ( الوزارات، الجهات، الجماعات الترابية، المقاطعات، الولايات..) كي يتمكن المواطن المغربي وأيضا الأجنبي من معرفة المسئولين المعنيين بتلقي طلبات الحصول على المعلومة، وهو ما يستلزم توفرها على موقع إلكتروني يخصص لهذا الغرض.
وهناك مسألة أخرى لا تقل أهمية عن ما أشرت إليه، وهو تهميش الأجانب المقيمين بالمغرب من النقاش المتعلق بقانون الحق في الحصول على المعلومات، خاصة المهاجرين الأفارقة الذين يعانون في مشاكل كثيرة، وهم بحاجة ماسة الى معلومات تهم قطاع الصحة والتعليم، والتشغيل، علما أن هناك استراتيجية تتوخى إدماج المهاجرين ، فكيف يمكن إدماجهم بدون معرفتهم أنهم يتمتعون بالحق في الحصول على المعلومات.