أيوب كريش يعتبر التكوين من بين أسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، إلا أنه تعتريه بعض الإشكالات المتعلقة بمدى ملاءمته مع سوق الشغل.
وقبل الغوص في مضامين الموضوع لا بد أن نتساءل: ما هي أهمية التكوين في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟ ما هي أسباب الفشل المرتبطة به؟ وما الحلول والاقتراحات لتحسين التكوين وإدماج حاملي الشواهد في سوق الشغل؟
لا يمكن ان نتحدث اليوم على النمو والرقي بوضعنا الاقتصادي والاجتماعي والسير نحو الأمام لمواكبة تطلعات البلاد على المستوى الاقليمي والدولي؛ لا بد ان نتطرق للمعرفة باعتبارها الحبل السري لإنتاج شباب واع يعرف ما له وما عليه من حقوق وواجباتـ شباب مؤطر فكريا وسياسيا، شباب حامل لمشروع الإصلاح والتغير؛ وتكتسب المعرفة عن طريق التجربة، بحسب رأي الفلاسفة التجربيين، فإن المعرفة يتم الحصول عليها من الملاحظة التجريبية من خلال حواس البشرية أو عن طريقة العقل. ويزعم الفلاسفة العقلانيين أنه يتم توظيف المنطق للوصول إلى استنتاجات واستخلاص حقائق مختلفة من الحجج والخلافات، أو عن طريق دراسة التاريخ للحصول على المعرفة من خلال الحياة البشرية وتجاربهم منذ البداية إلى يومنا هذا. إن أهمية التكوين تكمن في تطوير أساليب التفاعل والابتكار والتكيف مع التغيرات لاكتساب المهارات ولتطوير الذات، وهذا كله لتحقيق الأهداف المنشودة للنهوض بالأنظمة الاقتصادية والاجتماعية وترشيد القرارات والفعل السياسي، ولبناء وطن يجب أن نبني الشباب.
إن أسباب فشل التكوين هو ضعف الاستراتيجية المبرمجة من طرف الدولة، وذلك لعدم تجديدها لمواكبة تطلعات الجيل الرابع.. واحتكار المعلومات من طرف بعض الأساتذة الجامعين، الذي أدى إلى تخرج جيل من الأطر والباحثين على الأوراق، لا على المستوى المعرفي والتكويني. فبالأمس كانت الجامعة تؤثر في المجتمع، واليوم أصبح المجتمع هو الذي يؤثر في الجامعة، وفي غياب العيش الكريم وتفشي البطالة وسط الشباب، بحيث أصبحنا نبحث عن لقمة العيش أولا قبل التكوين، وارتفاع العزوف السياسي بسبب أزمة الثقة بين الشباب والأحزاب، باعتبارهم أحد الركائز الأساسية في عملية التكوين والتأطير ومواكبة الشباب في تطلعاتهم وكيفية رؤية المستقبل من زاوية أخرى.. وهذا لم يعد، حيث أصبحت أغلب الأحزاب تتهافت خلف مصالحها، كالوصول للسلطة بأي طريقة كيف ما كانت. ومن بين الأسباب أيضا التطور الهائل للتكنولوجيا في وسط ما زالت الأمية تنخر في جسم المجتمع، فتولدت لنا عدة ظواهر غريبة على ثقافتنا المغربية باستعمالها الخاطئ.
الدولة اليوم تعمل جاهدة لإيجاد حلول لهذه الأزمة الخطيرة، ورغم أن الحكومة تضع استراتيجيات، إلا أنها لا تراعي خصوصيات المجتمع لتنزيلها على أرض الواقع. ومن بين الحلول المقترحة لجودة التكوين، تقدمت الحكومة بقانون إطار التربية والتكوين "استراتيجية الاصلاح 2015 2030".. ومن بين الأهداف الرئيسية، تعميم التعليم وفرض إلزامه بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، وتمكين المتعلمين من ضبط اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية واللغات الأجنبية "الفرنسية والإنجليزية" بهدف تطوير قدراته التواصلية والانفتاح على باقي الثقافات.
اليوم الكل يعرف أن الدولة لم تعد قادرة على توفير مناصب الشغل للشباب والتخفيض من نسبة البطالة، لهذا يجب أن ننفتح على التشغيل الذاتي، وتحفيز حاملي الشواهد في التفكير في المشاريع الذاتية، وتأسيس التعاونيات.. وعلى الدولة مواكبتهم وتوفير الدعم اللازم وضمان التنافسية في ظل هيمنة الشركات الكبرى وتخفيض نسبة الفوائد المقدمة للشباب في إطار الدعم المقدم...
- أيوب كريش، فاعل جمعوي
.gif)
