الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور:  أيها السياسيون أدخلوا أبناءكم إلى المدرسة العمومية لنثق بكم!!

الحسن زهور:  أيها السياسيون أدخلوا أبناءكم إلى المدرسة العمومية لنثق بكم!! الحسن زهور

عجيب أمر الطبقة السياسية في بلدنا منذ الاستقلال إلى اليوم، تنجح دوما في تغيير أقنعتها الإيديولوجية وإيهامنا بصدق نواياها لما فيه خير لنا ولهذا البلد. فمنذ الستينات من القرن الماضي، أي بعد الاستقلال مباشرة، رفعت شعار "المغربة والتعريب والتوحيد والتعميم" كمبادئ أربعة لا تقبل المساومة في نظرها، خصوصا في مجال التعليم التي تعرف هذه الطبقة أنه القاطرة الأساسية لتقدم أية أمة وأي بلد.

لكن الغريب في شأن طبقة تلك الفترة أن أغلبها أدخلت أبناءها إلى مدارس البعثات الأجنبية أو أرسلتهم إلى الدول الأوروبية وأمريكا لاستكمال دراساتهم الجامعية، في وقت ملأوا فيه الدنيا صراخا وضجيجا لتعريب التعليم، وأفلحوا فيه في النصف الأول من السبعينات، ليكتمل التعريب في نهاية السبعينات في عهد الوزير الاستقلالي عز الدين العراقي.

وكان التعريب قرارا سياسيا لإرضاء هذه الطبقة السياسية المتبنية للفكر القومي اليساري وللفكر الإسلامي السلفي الشرقي كقناع إيديولوجي تقود به الشرائح الاجتماعية التي انقادت لإيديولوجيتها، في وقت تعلم هذه الطبقة أبناءها في المدارس الفرنسية وغيرها من المدارس الحرة، وباللغات الأجنبية، لذلك لا تجد غضاضة في هذه الازدواجية ما دامت إيديولوجيتها تؤثر على الفئات الشعبية مما لا يضر بمصالح هذه الطبقة السياسية في الاستفادة من المزايا الاقتصادية والاجتماعية في الرقي الاجتماعي التي يوفرها تعليم أبنائها في المدارس الخصوصية الأجنبية، وباللغات الأجنبية.

القناع الجديد والقديم في نفس الوقت، الذي أخرجته هذه الطبقة اليوم هو الدفاع عن المدرسة العمومية المغربية دفاعا مستميتا أمام ما تسميه إدخال بعض الكلمات المغربية في بعض النصوص القرائية، لتوهمنا بصدق طويتها ونبل مقاصدها، في حين أن جل أبناء هذه الطبقة يتابعون دراستهم في المدارس الخاصة الأجنبية أو الوطنية، وباللغات الأجنبية. ولا تزال الفضيحة التي فجرها البرلماني المغربي في البرلمان مدوية تلطخ وجه هذه الطبقة السياسية، التي تدعي اليوم الدفاع عن المدرسة العمومية.. فأثناء مناقشة تقاعد البرلمانيين صرح ذلك البرلماني المغربي أمام الملأ، وبدون استحياء، أنه سيجد نفسه مضطرا لإخراج أبنائه من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي، إذا تم المساس بتقاعده، وكأن التعليم العمومي المغربي شاة جرباء يعير بها أبناء هذه الطبقة بعضهم بعضا. ولا تجد هذه الطبقة غضاضة في أن يتلقن أبناؤها بالفرنسية اسم الأكلة المغربية باسمها الأمازيغي"le couscous"  وغيرها من الكلمات الأجنبية في اللغة الفرنسية، لكن أن يتعلم أبناء الشعب اللغة العربية متضمنة كلمات مغربية لا مقابل لها في العربية مثل "بغرير" تقوم قيامة هذه الطبقة بوجهها القومي والإسلامي، والتي لا علاقة لها بالمدرسة العمومية، إلا بتلك العلاقة القديمة، أي الوصاية أو الولاية الإيديولوجية.

- إذن ليبدأ الوزراء بسحب أبنائهم من المدارس الأجنبية ومن المدارس الخاصة ليلتحقوا بالمدرسة العمومية لنعطي لها الزخم والاهتمام اللائق بها، إذ ذاك سنعير لآرائهم السمع و البصيرة.

- ليدخل السادة النواب والمستشارون، الذين يتبجحون في خطبهم بالمدرسة العمومية، أبناءهم إليها، لنعلم إذاك صدق طويتهم ودفاعهم عن هذه المدرسة.

- لنشترط على من يريد تحمل أية مسؤولية في التعليم، ابتداء من الوزير إلى المدير، أن يدخل أبناءه إلى المدرسة العمومية، إذ لا يعقل أبدا أن يتحمل أي شخص مسؤولية في المدرسة العمومية وأبناؤه  يدرسون في المدرسة الخصوصية.

- لتدخل الفئة المثقفة التي تقوم بالتنظيرات حول المدرسة العمومية أبناءها إليها ليساهموا بدورهم في إنجاح هذه المدرسة بأفكارهم وملاحظاتهم وعملهم من داخل جمعيات الآباء..

أما أن يجعل البعض من السياسيين ومريديهم كلمة "بغرير" قميص عثمان لتصفية حسابات سياسية مع السيد عيوش (مع اختلافنا معه) وتأجيج الساحة عبر جيوشهم الإلكترونية، فذاك ما يسمى باستغباء وتبليد الناس مع سبق الإصرار والترصد.

يقول المثل الأمازيغي "سنغكم أ جدا ؤرتا ئلكيم رمضان"، ومعناه "أعرفك جيدا يا جدتي قبل أن يحل رمضان".

- الحسن زهور، كاتب ومحلل سياسي