الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

دبيش: المغاربة كونوا لأنفسهم دارجة أصلها فصيح بالعربية ولكنها تركيبا وإعرابا أمازيغية

دبيش: المغاربة كونوا لأنفسهم دارجة أصلها فصيح بالعربية ولكنها تركيبا وإعرابا أمازيغية الأستاذ الجامعي دبيش
في اطار الضجة المتواصلة التي احدثتها بعض المقررات المخصصة للسلك الإبتدائي باستعمال كلمات بالدارجة اعتبر عبد الوهاب دبيش استاذ التاريخ بأن النقاش مغلو ط من الأساس ، وان الكلمات المذكورة لا تخدش الحياء كما انها ﻻ تمس اللغة العربية باي  ضرر، " انفاس بريس " اتصلت بالأستاذ الجامعي دبيش واجرت معه الحوار التالي:
 


السؤال1:- في نظرك لماذا لايكون موضوع استعمال الدارجة في المقررات جزءا من نقاش عام يشارك فيه الجميع من خبراء وسياسيين ومجتمع مدني حول مسار منظومة التعليم ككل في ظل ازمة مزمنة ومشاكل شتى تتعلق بالهدر المدرسي وعدم ملاءمة التكوين مع حاجيات التشغيل، ، الخ؟

** أعتقد أن الدولة المغربية ما زالت لاتتوفر بعد على الإستعداد لفتح ورش حقيقي لبناء دولة ديمقراطية حداثية ، تواكب التطور الإنساني عموما ، فهي ليس لها استعداد سياسي ، تكنولوجي وأخلاقي ، وبالتالي فغياب هذا الإستعداد يترك الدولة تتأرجح في الإصلاح والإصلاح المضاد و،، إلى ما نهاية ، وكأن الزمن بالنسبة إليها غير ذات أهمية ، وهذا منتهى العبث وقمة الهذيان ، واستهتارا بالمال العام واستهتارا بالإنسان كمكون أساسي في التنمية ، بل واستهتارا أيضا بمؤسسات الدولة ، وطال الزمن أو قصر لا بد من وضع حد لهذا الواقع ومعالجته لأنه لم يعد هناك وقت لاستدراك ما فات، وإلا فما هي قيمة الدستور بل تاريخ الدولة ككل ؟، يبدو أن هؤلاء "مدوخين " و يلعبون بالنار ،فليست هنالك إذن إرادة سياسية للدولة و جرأة سياسية غير مسبوقة للحسم في مصير البلد والإنسان في هذا البلد ، والذي تبقى أزمة التعليم إحدى تجلياته الرئيسية . كما أن الأحزاب السياسية متورطة حتى النخاع في هذا العبث وهو ما جعل المواطن المغربي ينهج العزوف عن اية مشاركة ، ويمل من الأحزاب و من الإنتخابات والديمقراطية الخ من الخطابات .

2-وفي هذا السياق كيف تقرا هذه المزايدة بين ألاطراف المؤيدة والمعارضة لهذه الضجة وستعمال الدارجة وبعض كلماتها في المقررات الدراسية ؟
**أن المزايد ين ركبوا على بعض المصطلحات كالبغرير والبريوات الخ الواردة في بعض الكتب المدرسية ، وهذا النقاش الذي قصم ظهر البعير وراءه بالأساس البحث عن المال ، لقد أصبحنا الآن أمام لوبيات قوية تريد أن تتحكم في كل شيء و بالإنسان المغربي ، حيث تسعى الى ان تتحكم في مصيره وفي عائلته وفي تعليمه بل تريد هذه اللوبيات القوبة من وسائط التعلم نفسها أن تخضع لها و لمراقبتها المالية ، و في هذا الإطار أظن وبكل صراحة بأن الدولة ووزارة التربية وبعض الناس العقلاء بها يفطنون لهذا و حريصون على الوقوف ضد دخول لوبيات الناشرين الذين يسعون إلى التحكم في ما ينشر من الكتب المدرسية ، وينبغي أن لا ننسى بأن الكتاب المدرسي يمر عبر مسطرة عروض الأثمان، والدولة تضبط هذه العروض والسعر المرجعي المحدد الذي يباع به الكتاب إلى المستهلك بناء على دفتر تحملات مدروس ، و هو ما لا يعجب دور النشر التي ترفض هذه المسطرة لانها تحد من هامش أرباحها ، خاصة وأن السوق الحالي يمنحها فرصة بيع الكتاب المدرسي بالنسبة للمدارس الخصوصية بسعر يتراوح بين 300 و400 درهم مقارنة مع المدارس العمومية التي لا يتعدى سعر الكتاب بها 30 درهم !!
وهكذا ما فتئت هذه اللوبيات تكثف من ضغطها وذلك بالمطالبة بالإعفاء أو التخفيضات الضريبية بدعوى أنها تقدم خدمة عمومية بينما هي بالعكس تتهافتففط على الأرباح ، وهذا هو عمق الصراع بين الوزارة ودور النشر حيث تحاول هذه الأخيرة إلغاء مسطرة عروض الأثمان ليفسح ويفتح لها السوق على مصراعيه ولن يبق فيه الخيار للمواطن في الأثمنة التي تتحكم فيها وتقترحها كما تشاء !!

3-: أين يكمن في رأيك تهديد هذه الكلمات الواردة في المقرر بالدارجة المغربية للغة العربية وهي كلمات بسيطة وليست سوقية ومبتذلة؟


** المسألة في الحقيقة تاخد ابعادا أكثر من ذلك ، فالمغرب مجال حيوي كبير ينقاسمه نوعان من التيارات : فهنالك من جهة التيار الديني الشرقي الوهابي تمثله قطر والإمارات وغيرهما ويتوفر على الأموال والإمكانيات و"حاط رجليه هنا" ، وهنالك تيار من جهة أخرى تمثله فرنسا ودعمها وقوتها وتواجدها وتاريخها الإستعماري، وأرى أن ا توزع المغرب بين هذين التيارين ناتج بسبب أن المسؤولين الجالسين في مكاتبهم غير موجودين وهم من المفترض فيهم أن يعرفوا هذه الأبعاد وخطورتها!! و نتساءل عن سر غيابهم الملحوظ "واش طلع ليهم الزعاف وقالوا هادشي بزاف ولا يمكن الإستمرار فيه الله اعلم ، ؟!

4- أليست الدارجة المغربية ذات تاريخ عريق و نتاج تلاقح لغوي بين لهجات متعددة منها الامازيغية والحسانية وغيرها من مكونات المجتمع ؟


** دعني اسال بدوري هل نتحدث يوميا باللغة العربية الفصحى سواء في البيت او الشارع بل حتى في قاعة الدروس ، وبالمدرجات الأكاديمية بالجامعة با ؟فلا أحد د بات يتقن الفصحى ، والذين كانوا يتقنون البلاغة والتعبير خرجوا في 2005 في إطار المغادرة الطوعية ، حوالي 2000 استاذ جامعي من الكفاءات عالية اغلبهم من العلوم الإنسانية غادروا ،ماذا بقي إذن ؟ وبالتالي فالنقاش المثار البوم مغلوط من الأساس !!، وخد كمثال طرب الملحون الذي يؤدى بالدارجة هل هو عيب؟ هل قصائد "طامو " أو "حمان البوال " فيها خدش للحياء؟ وهي قصائد وأمثالها كثيرة يتغنى بها في البيوت المغربية أمام الجميع من دون حرج بين
الأصول والفروع من دون حرج!؟
إن هؤلاء الناس الذين يثيرون نقاشا عقيما ميتا كهذا لا يقرأون ، وجهلة ويقتاتون على ما تجود به أرخص الصحف بالطرقات من أجل أن بظهروا كمثقفين !!، فالذي بريد أن يناقش موضوعا في اللغة يجب أن يكون محملا بأدوات معرفية وابسطها أن يكون ملما بتاريخ اللغة ، ومن هنا يمكن القول بانه فا خوف على الإنسان المغربي لأنه استطاع أن يحدث مثاقفة لغوية جميلة . ولكي اوضح لك ذلك اشير أن المجال المغربي لما دخله العرب كان مجالا امازيغيا بامتياز ، وهنالك روايات تقول بأن الأمازيغ لما طردوا العرب إلى المشرق في القرن الثامن للهجرة واسسوا امارات مستقلة عن الخلافة بالمشرق كانت بداية استقلال ثقافي قوي ومتين ،محو إرساء ثقافة وعيوبة مغربية مستقلة . والتاريخ يروي أن ناس برغواطة، كانوا يقرأون القرآن بلسانهم، يعني ترجموا القرآن بالأمازيغية ، والقيت خطب الجمعة وصلوا بالأمازيغية كذلك ، ولم يكن لهم مشكل مع الإسلام ولكن مع الفاتحين العرب لأن هؤلاء اساؤوا التعامل، كما انه عندما رفض الأمازيغ سوء التعامل وطردوا العرب من شمال أفريقيا ، استقروا بممالكهم واماراتهم في المغرب بمذاهب اسلامية مشرقية رغم ان الأمازيغ لم تكن لهم علافة بالشبعة والخوارج لكن وجدوا فيهم ضالتهم من باب عدو العدو صديق !!، واستمر الحال إلى ان جاء عصر الموحدين حيث بدأت الدولة الموحدية ترسخ رؤيتها الإبديولوجية الدينية الفكرية في المجتمع ، وأول ما بدأت به هو ترتيب قراءة الحزب في المساجد بعد صلاتي الصبح والمغرب ، في ما بعرف بالحزب الراتب ، وهو ما يحاربه التيار الإخواني ويحارب فيه أيضا وزير الأوقاف، وهكذا تتم قراءة الحزب بالعربية ولكن المنظومات فيها ما هو أمازيغي وعربي، ، وبدأت اللغة المحلية في الظهور نتيجة لمخاض طويل وعسير وشاق ، من أجل إفراز مصطلحات متفق عليها بين المغاربة لتسمية الأشياء بمسمياتها انطلاقا من الواقع المغربي ، اي مغربة اللغة ، وقد تحدث عن ذلك ابن خلدون طويلا عن فن لغوي جميل شعري سماه "الملعبة" و المغاربة بدأوا في الغناء العربي وكونوا لأنفسهم دارجة أصلها فصيح بالعربية ولكنها صرفا وتركيبا ونحوا وإعرابا أمازيغية الهوية وبالتالي فلا يمكن أن يأتي شخص
كيفما كان نوعه عربي فومجي من المشرق أو شخص يذهب إلى إسرائيل ويتعامل مع فرنسا في إطار المخطط الإستعماري الغربي ، ليعطينا دروسا في هذا الشأن ،فالمغاربة يعرفون الدارجة والأمازيغ يعرفون الدارجة وبفهموهاو يغنون بها ويرقصون عليها لأن الدارجة تلبسهم لبوسا جميلا ومهذبا تترجم الهوية المغربية الحقيقية ،والمسألة فيها تعددية وفيها اختلاف فإذا كان رغيف يسمى في منطقة "بغريرة "ففي منطقة أخرى يسمى "حرطيطة"وهو مسمى مأخوذ من شكل الأرض لما يكثر فيها المطر فتصبح ثقوبها متعددة ، ، يعني أن الناس ابدعوا المصطلح من الطبيعة والبيئة والتي هي الخزان القوي للغة.