Tuesday 8 July 2025
مجتمع

يزيد البركة : لا حاجة للتلميذ لا " بالصوبـيص " ولا "بالبيرة " في القاموس الدارجي لعيوش

يزيد البركة : لا حاجة للتلميذ لا " بالصوبـيص " ولا "بالبيرة " في القاموس الدارجي لعيوش

لا أحد يمكنه أن يعترض على تجميع اللسان الدارج المغربي في قاموس ، فهذا سيكون عملا جبارا، وأكيد أن القاموس سيكون كبيرا جدا بمجلدات نظرا لتشعب هذا اللسان في الزمان والمكان ، صاحب القاموس الجديد يريد أن يوهمنا أنه أنجز قاموسا أكاديميا للدارجة وفي الحقيقة لم يتجاوز اللسان الدارج في المغرب النافع ، أي أن الخلفية الفرانكفونية فرضت عليه التقوقع في الشاوية وحتى هذه المنطقة لم تظهر كما يجب في قاموسه إلا في الكلمات المتداولة في المدن وليس في قرى ومداشر الشاوية، والأدهى أن أثر الاسبانية في الشاوية أسبق من أثر الفرنسية ومع ذلك اعتنى وأحب القاموس بالإرث الفرنسي فقط إلا في حدود ما إذا كانت الكلمة لاتينية الأصل أي موجودة في الفرنسية والاسبانية ، العمل الذي قام به جامع القاموس يستدعي مجموعة من الملاحظات.

1 ـ الكلمات الاسبانية في الدارجة في المغرب الشريط الساحلي من آسفي إلى القنيطرة كثيرة جدا،" البانيو ، البارة ، البيزاكرة ، الكابيصة ، الكابة ، السانيدة ، سربيسة " وليس فقط بيرة كما يريد صاحب القاموس أن يوهمنا " ، السينتا ، الكشينا ، الكومير ، الكارو ، الدادوس ..."، عدد كبير من أسماء أوراق لعب الكارطة ، فالصو ، الفالطا ، الفيشطة ، الكانا lgana، الموتشو، بونيا..... وغيرها كثير جدا، ليس هنا مقام حصرها، إذ كان من اللازم وضع الكلمة وإرجاعها إلى أصلها الفرنسي أو الاسباني أو العربي أو الأمازيغي وتوضيح التحوير الذي طرأ عليها .
2 ـ إذا كان الجانب الأكاديمي يفترض أن تجمع كل الكلمات كيفما كانت ، محببة أو بذيئة أو أصبحت محدودة التداول أو واسعة الانتشار، أو... أو .....، فإن الجانب التربوي والذي يلح عليه صاحب القاموس - ولو أني لست مع الذين يسعون إلى تعليم الأطفال الدارجة في المدارس الابتدائية – بأنه سيؤديه بقاموسه أي تدريس الدارجة للتلاميذ يلزم أن يكون معجما كلماته مختارة تلائم سن التلميذ وحاجته في التواصل اليومي ولا أرى أي حاجة للتلميذ لا " بالصوبـيص " ولا "بالبيرة " ولا بكثير من الألفاظ الشاذة والبذيئة ، قد تكون بعض الأسر البورجوازية وليس كلها تطلق العنان لمثل هذه الكلمات في صالوناتها ولكن لا يمكن لفئة قليلة في المجتمع أن تفرض على الأغلبية قاموسها البذيء، بل الأكثر من هذا، فالطفل في البادية لا علاقة له لا "بالبيرة " ولا " بالصوبـيص " .
3 ـ كثير من الكلمات الواردة في القاموس تجاوزها الوسط وخلق كلمات جديدة وفرضت وجودها وكان يجب أخذ هذا بعين الاعتبار .

4 ـ الدارجة في منطقة الشمال مختلفة إلى حد كبير عن الدارجة في الشاوية وعبدة ، بل حتى هناك بعض الاختلاف مع الدارجة في مراكش، أو الصحراء، إن الشعب المغربي ليس هم فقط السكان القاطنون في المنطقة الكولونيالية الفرنسية بل كذلك المنطقة التي استعمرتها اسبانيا وتركت بصماتها هناك وكثير من الناس يتكلمون دائما عن الشعب المغربي ويعتقد السامع أن يعني السكان القاطنين من طنجة إلى الكويرة ويعني مطالبهم المادية والمعنوية، ولكن في ذهنهم فقط السكان القاطنين في البقعة التي كانت محتلة من طرف فرنسا والمطالب المادية والمعنوية لهذه الفئة من الشعب .

5 ـ لا أهمية للقاموس إذا لم يحدد أصل الكلمات الدارجة ، وشرح ذلك الأصل وما طرأ عليه من تحوير وتغيير، إذ هناك أصل عربي وأمازيغي وفينيقي وسرياني وعبري ولا تيني وفرنسي وإسباني، أما التحوير فهو إما أن يكون تحويرا عربيا أو أمازيغيا ولا يمكن أن تجد في الدارجة أي كلمة حورت إلى الفرنسية أو الاسبانية أو أية لغة أجنبية أخرى.

6 ـ القاموس كعمل أكاديمي ضعيف جدا ويعاني من فقر كبير في العلوم الانسانية التي يتطلبها مثل هذا العمل الجبار الذي كان ينوي الذين اشتغلوا عليه أن ينجزوه، وليس إلا تجميع لجزء يسير من اللسان الدارج في مدن من آسفي إلى القنيطرة، ولكن من المؤكد أن القاموس لا يصلح بأي شكل من الأشكال لأن يؤدي هدفا تربويا للتلاميذ حتى إذا سلمنا بنجاعة فرضية التدريس بالدارجة.