Tuesday 8 July 2025
مجتمع

عبد الكبير الحقاوي: للجزائر تاريخ أسود في عملية طرد المهاجرين حتى المقيمين بشكل قانوني

عبد الكبير الحقاوي: للجزائر تاريخ أسود في عملية طرد المهاجرين حتى المقيمين بشكل قانوني

عبد الكبير الحقاوي، رئيس الوكالة الدولية لتنمية، من الوجوه المعروفة في الهجرة المغربية بفرنسا، وذلك بفعل الخدمات التي تقدمها الوكالة للمهاجرين بدون إقامة قانونية بفرنسا مند أربعة عقود. اليوم خدمة إيواء المهاجرين وعائلاتهم تقوم بها الوكالة بالمغرب وتنقل تجربتها بفرنسا الى المغرب من خلال افتتاحها لأول مركز لاستقبالهم بمدينة الرباط وسلا، والذي يقدم خدمات مند 2014.وهو التاريخ الذي قام خلاله المغرب بتسوية وضعية 25 الف مهاجر بدون أوراق إقامة وهي سابقة بالمنطقة وبأفريقيا تتعزز اليوم بفتح قانون التسوية من جديد.

ثلاثة سنوات بعد افتتاحكم لأول مركز لاستقبال المهاجرين وعائلاتهم بالمغرب، ما هي حصيلة بالنسبة لكم في هذه الوكالة الدولية لتنمية؟

يمكننا ان نقول ان الحصيلة كانت إيجابية على العموم، فخلق هذا المركز كان بمثابة سابقة بالمغرب. بعد إجراءات منح الإقامة التي قام بها المغرب، جاءت خطوة جديدة حققها المغرب وهي احترام حقوق الأجانب من تطبيع الاتفاقية الدولية حول حماية المهاجرين وعائلاتهم التي وقع عليها المغرب . مع افتتاح مركزنا بالرباط لاستقبال المهاجرين وعائلاتهم والذي استقبل منذ افتتاحه 3362 مستفيد. هذا الافتتاح جاء بعد مسار طويل من العمل قامت به الوكالة الدولية لتنمية. وفكرة فتح هذا المركز راودتني منذ عدة سنوات. لكن القانون المغربي السابق لم يكن يسمح بذلك. ومنذ قرار جلالة الملك بتسوية وضعية الأجانب بدون اوراق إقامة تطور التشريع المغربي لاستيعاب هذا القرار الملكي. ونقوم بتقديم عدة خدمات للمهاجرين بدون أوراق إقامة ونحن اليوم سعداء بهذا القرار الملكي الجديد من اجل فتح قانون تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين بدون إقامة للمرة الثانية، هذا القانون الذي من المفترض ان يشمل 25 الف مهاجر  جديد بعد ان شملت نفس العدد في المرحلة الأولى كما أعلنت اللجنة الوطنية لتسوية الوضعية وإدماج المهاجرين، وهذه المبادرة حيتها مختلف المنظمات العاملة بالهجرة والمنظمات الحقوقية كنموذج يجب ان تسلكه مختلف بلدان المنطقة في التعامل مع الهجرة والتعاون جنوب- جنوب  بدل المعاملة العنصرية والمهينة تجاه المهاجرين من جنوب الصحراء التي تنهجها بعض بلدان المنطقة.

ماذا تقصد ببلدان المنطقة، هل التصريحات العنصرية التي قام بها مسؤول عن حقوق الانسان بالجزائر وعملية الطرد اللانسانية التي قام بها هذا البلد؟

تصريحات أحد المسؤولين الجزائريين، مؤخرا،في حق الهاجرين الافارقة هي اقل ما يقال عنها انها  صادمة ولا تليق بهذا البلد، وهو على ما يبدو مسؤول حقوقي يسمى  فاروق قسنطيني ورئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان،وكما تلاحظ الاسم لا ينطبق على المسمى وقال في تصريح صحفي بوسائل اعلام جزائرية " أن المهاجرين الأفارقة باتوا يصولون ويجولون بالجزائر وبعدد من بلديات العاصمة بكل حرية، ودون حسيب أو رقيب"، واتهمهم بنشر السيدا والأمراض الجنسية بالمجتمع، كما قال عنهم انهم مختصون في النصب والاحتيال والسرقة والشعوذة، وعلى الدولة الجزائرية أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لردع هؤلاء لأنه ليس لديهم مستقبل هنا" طبعا هذا التصريحات العنصرية، اصبحت نادرة حتى في تصريحات الاحزاب الفاشية بأوربا ، فكيف ينطق بها مسؤول حقوقي رسمي جزائري.

هذه تصريحات كما قلت صادمة، ولا يمكن لمسؤول افريقي ان يقولها في حق مواطنين افارقة خاصة ان بلده صادق على الاتفاقية الاممية لحماية المهاجرين واسرهم والتي صادقت عليها الجزائر  سنة 2005 وهي الاتفاقية التي صادق عليها المغرب مند 1993 .

ولكن للأسف لجيراننا تاريخ اسود مع هذه الممارسات ومع طرد المهاجرين حتى المقيمين بشكل قانوني، فهم في السبعينات من القرن الماضي لم يتردد في اتخاذ قرار الطرد في حق اخوانهم المغاربة الذي شارك جزء كبير منهم في تحرير هذا البلد وهو ما يسمى "المسيرة الكحلة" التي مازالت في ذاكرة الالاف من المغاربة وهي جريمة في حق الالاف من الاسر المغربية والتي لم تسترجع ممتلكاتها حتى الان وتتلق أي تعويض.

ما هي نوعية الإجراءات القانونية التي تقومون بتقديمها لهؤلاء المهاجرين؟

الإجراءات القانونية تبقى امرا ضروريا بالنسبة للوافدين الجدد: تقديم خدمة، عنوان قانوني بالنسبة للذين لا يتوفرون على سكن او يقيمون بشكل عشوائي. يمكنهم من التوفر على عنوان قار و من الحصول على رسائل من عائلاتهم وأصدقائهم، لكن على الخصوص التوصل بالرسائل الإدارية خاصة المتعلقة بطلب اللجوء او طلب تسوية الوضعية القانونية.وهذه أمور أساسية بالنسبة للاستفادة من القانون الجديد الذي فتحه المغرب من اجل تسوية الوضعية في ديسمبر 2016.

وبعد التسجيل نقدم خدمات أخرى منها: التشخيص الطبي، والمتابعة الصحية، خدمة النظافة والاستحمام تقديم الملابس ووجبات اأكل يومية والدعم على المستوى الإداري من اجل تقديم طلب لتسوية الوضعية.

افتتاح هذا المركز لإيواء المهاجرين وعائلاتهم تحقق بفضل الدعم الكبير لوزارة الجالية المغربية بالخارج والهجرة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

هذا العمل الذي تقومون به في منظمتكم  والذي يمس مهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء هل   يقرب كمنظمة غير حكومية من شركائكم الافارقة؟

نعم نحن منظمة لها فروع بالعديد من البلدان الافريقية وذلك منذ عدة سنوات، السياسة  الملكية التي يقوم بها المغرب حاليا تسهل عملنا، بل انها عززت وعمقت علاقاتنا الافريقية ومع إخواننا وأصدقائنا بهذه البلدان،خاصة القرارات الوجيهة التي اتخذها صاحب الجلالة محمد السادس تجاه هذه البلدان، منها السماح لبعض هؤلاء المهاجرين بالحصول على الإقامة بالمغرب سواء سنة 2014 وكذلك اليوم من خلال فتح هذا القانون من جديد.  الزيارات الملكية الكثيفة نحو هذه البلدان وتعزيز مشاريع التنمية بها من خلال الدعم العمومي ومن خلال الاستثمارات المغربية بهذه البلدان ووضع التجربة المغربية في المجال الاجتماعي رهن شارة هذه البلدان، وقرار المغرب العودة الى الاتحاد الافريقي والى اسرته الإفريقية كل هذه المبادرات الملكية عززت نحو افريقيا من موقعنا كمنظمات حكومية بهذه البلدان وعززت دورنا ومصداقيتنا بها.

لكن ما دوركم كمنظمات غير حكومية في ترسيخ هذا التقارب المغربي الافريقي؟

منذ 4 سنوات قمنا بفتح مركز  بالرباط سلا لإيواء إخواننا الافارقة ومساعدتهم على الاستقرار بالمغرب او العودة بإرادتهم  الى بلدانهم، واستقبلنا لحد الساعة 3362  ونقدم وجبات يوميا والأدوية والمستشفى اذا دعت الضرورة والمساعدة على تكوين الملف الإداري من اجل الإقامة .

وحاليا بعد لقاءات كثيفة بمراكش خلال الكوب 22 نحن في نقاش مع العديد من الجمعيات المهتمة بالتنمية بإفريقيا نعمل بشكل مكثف من اجل تنظيم  فوروم لجمعيات التنمية بإفريقيا ونحن حاليا منكبون على التنسيق وعلى البحث عن الشركاء من اجل عقد هذا اللقاء الافريقي للمنظمات الغير الحكومية بالمغرب.

ونتمنى ان تقوم الأحزاب السياسية بنفس النهج في هذا الانفتاح على إفريقيا وهذه الأحزاب اليوم هي على أبواب تشكيل الحكومة، نتمنى أيضا ان تقوم باختيار الأشخاص الملائمين والكفاءات الملائمة من اجل إنجاح هذه السياسة المغربية نحو الانفتاح على افريقيا والعمل معها من اجل تنمية ونجاح اقتصادي للجميع. السياسة  الملكية التي يقوم بها المغرب حاليا تسهل عملنا، بل انها عززت وعمقت علاقاتنا الافريقية ومع إخواننا وأصدقائنا بهذه البلدان.

هل يمكن للمغرب ان يتعرض لنفس تيارات الهجرة الكثيفة التي تشهدها إيطاليا وتركيا اليوم؟

اعتقد ان الوضع بايطاليا هو خاص بسبب الوضع الدرامي والخطير الذي تعيشه ليبيا مع وضع الحرب والتهديد الإرهابي.بالنسبة لتركيا فإنها تحوي 3 ملايين مهاجر وهم على الخصوص من سوريا ووضعهم مرتبط باستمرار الحرب هناك، ولاحظنا كيف توقفت هجرتهم نحو اوربا بعد قرار تركيا التعاون مع بلدان الاتحاد الأوربي مقابل مساعدات مالية كبرى وهو الاتفاق التي تهدد تركيا بوقفه بسبب تعتبر مفاوضات انضمامها الى بلدان الاتحاد.

 بالنسبة لنا في المغرب، فان عدد المهاجرين الذي يصل كل سنة هو مستقر، والمغرب اليوم تغير وضعه  من بلد عبور في السابق الى بلد لإيواء المهاجرين، وعدد مهم من المهاجرين، من بلد جنوب الصحراء، يستقرون اليوم بشكل نهائي بالمغرب. وهو ما يجعل من الضروري التوفر على مراكز مثل مركز ايواء المهاجرين وعائلاتهم الذي خلقته الوكالة الدولية لتنمية بالمغرب من اجل استقبال ومتابعة المهاجرين.

المغرب هو البلد الافريقي الذي نجح في إعطاء الإقامة للمواطنين الأفارقة الذين كانوا بدون وضع قانوني والبلد الوحيد الذي حاول إعطاء الإقامة هو جنوب افريقيا دون ان يتمكن من النجاح. وأتمنى ان ان تحافظ البلدان الاوربية على تقاليد استقبال المهاجرين التي بدأت تختفي تحت ضغط الأحزاب السياسية الشعبوية والتي تتخذ من المهاجرين قميص عثمان في مختلف الانتخابات.