Monday 7 July 2025
مجتمع

المهدي لحلو: الإسلاميون يعتبرون المدرسة مزاحما لهم على مستوى أسلمة المجتمع

المهدي لحلو: الإسلاميون يعتبرون المدرسة مزاحما لهم على مستوى أسلمة المجتمع

يرى المهدي لحلو، أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن المسؤول عن أزمة قطاع التعليم هو النظام السياسي المغربي بكل مكوناته وكل تمظهراته، مشيرا إلى أن ما يحدث اليوم على مستوى المنظومة التعليمية هو نتاج لما وقع في بداية الستينيات. معتبرا أن الاتجاه الإسلامي، ومنذ استقلال المغرب وحتى الآن، لا يرى في التعليم ملفا أساسيا، بل يعتبر المدرسة مزاحما له على مستوى أسلمة المجتمع المغربي.

+ من المسؤول، في نظرك، عن الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم؟

- أزمة التعليم ليست أزمة حديثة، بل هي مرتبطة بتاريخ المغرب منذ الاستقلال. وأكبر إخفاق للمجتمع المغربي اليوم، هو إخفاق المنظومة التعليمية المغربية، علما أن هذا الإخفاق في المنظومة التعليمية هو السبب في كل المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية والأمنية التي يعرفها المغرب على اعتبار أن إخفاق التعليم أدى إلى تراجعات شتى وكبرى في العديد من المستويات. فإشكالية التعليم ليست إشكالية حديثة، بل هو مشكل هيكلي قديم ومتفاقم. إن المسؤول، في اعتقادي، هو النظام السياسي المغربي بكل مكوناته وكل تمظهراته، وأن ما يحدث اليوم على مستوى المنظومة التعليمية هو نتاج لما وقع في بداية الستينيات وما سمي بالإصلاحات في أواسط السبعينات وبداية الثمانينات، ثم كذلك نتاج للصيرورة التي عرفتها السياسة التعليمية منذ ما سمي بالإصلاح الذي جاء في إطار اللجنة الوطنية للتعليم والتكوين.

+ نفهم من كلامك أن جل الحكومات التي تعاقبت على تدبير الشأن السياسي فشلت في وضع قطار التعليم في سكته الصحيحة؟

- الأمر في نظري ليس قضية حكومات، بل هو مرتبط بالنظام السياسي، وبمنظومة سياسية كانت تعتبر، ومازالت، التعليم إما قطاعا هامشيا وإما أنه قطاع يجب أن يراقب سياسيا وإداريا وثقافيا، وإما قطاع مزاحم ومنافس كما هو الشأن للأحزاب التي نسميها بـ «الدينية» كالحزب الحاكم اليوم...

+ كيف ذلك؟

- في اعتقادي أن الاتجاه الإسلامي، ومنذ استقلال المغرب وحتى الآن، لا يرى في التعليم ملفا أساسيا، بل يعتبر المدرسة مزاحم له على مستوى أسلمة المجتمع المغربي.

+ اليوم بدأت ترتفع الأصوات وتدق ناقوس الخطر وتطالب بضرورة مراجعة النظام التعليمي، في نظرك ما هي الإجراءات الأولية التي يجب اعتمادها لتصحيح الوضع؟

- منذ القديم والأصوات ترتفع وتقول إن التعليم هو كارثة المغرب، وإن جل من له غيرة على هذا البلد ويتحمل مسؤوليته الفكرية والثقافية والسياسية، يقولون إن النظام التعليمي المغربي هو نظام كارثي بكل المقاييس، لا على المستوى الكمي والمالي والكيفي. وأول إجراء يجب القيام به من أجل وضع حد لهذه الكارثة هو إصلاح المنظومة السياسية المغربية، والعمل على المدى البعيد من خلال إصلاح برامج التعليم والبحث عن حكامة جديدة للتعليم وإعطاء أهداف جديدة وحقيقية للمنظومة التعليمية والقطع مع الأهداف الهامشية والمرحلية التي كانت تعطى للمنظومة التعليمية منذ استقلال المغرب إلى اليوم. الحل هو وضع الإنسان المغربي وسط المنظومة التعليمية وجعله هو الهدف من هذه المنظومة بالرفع من مقدراته العلمية والثقافية ومقدراته على مستوى الخلق والإبداع والانفتاح على العالم الخارجي والرفع من ذكائه لا إرجاعه قرونا إلى الوراء وهو الشيء الذي وقع حتى الآن من طرف الذين سيروا قطاع التعليم. أي أن الحلول ليست فقط حلولا مالية أو برامجية أو حلولا ترتبط بتغيير وزير بآخر، بل يجب على هذه الحلول أن تشمل إجراءات تعتمد التغيير الجذري للعقليات التي تتحكم في صيرورة وفي سياسة التعليم بالمغرب. في السبعينات كان الحسن الثاني يقول إن الطريقة التي دبر بها ملف التعليم في الستينات أدت إلى خلق معارضين للحكم، الأمر الذي دفعه مثلا إلى وقف تدريس الفلسفة والاجتماعيات وهذه بعض الأشياء التي قوضت النظام التعليمي منذ بداية السبعينات. بعد ذلك جاء الإشكال المالي، الأمر الذي دفع الحسن الثاني للقول، في أواسط التسعينات، إن المغرب يوجد في ما أسماه الأزمة القلبية. وكان الهدف من هذه المقولة هو وقف ما يسمى بمجانية التعليم. وكان هناك هدف آخر هو خلق نظام تعليمي خاص، وهذا النظام الخاص هو جزء كذلك من الأزمة التي يتخبط فيها التعليم.

(من أرشيف "الوطن الآن")