يعتبر محمد نوبير الأموي الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل شخصية استثنائية في تاريخ الحركة النقابية المغربية ببلادنا ، و في تاريخ الحركة السياسية أيضا ، ليس فقط من خلال المسؤوليات التي تحملها في ظروف صعبة ، و ليس أيضا من خلال التضحيات التي قدمها في سبيل أن ينعم شعبنا بالحرية و الكرامة و الديمقراطية ، و التي قضى بسببها سنوات عديدة وراء القضبان منذ ستينيات القرن الماضي ، مرورا بالثمانينيات و التسعسنيات ، و لكن و أساسا من خلال خطابه السياسي الصريح الذي كان يثير إعجاب الآلاف من المواطنين و يشد اهتمام الصحافيين و الملاحظين المغاربة و الأجانب .
لذلك ، و بمناسبة الانتخابات التشريعية القادمة ، و ما تشهده الحملة الانتخابية من بؤس واضح في الخطاب السياسي إذا ما استثنينا خطاب فيدرالية اليسار الديمقراطي ، فإنني أرى من الضروري أن أذكر في سلسلة من المقالات ببعض مواقف و آراء الأموي السياسية من خلال حواراته العديدة ، و التي كانت تشكل حدثا سياسيا و إعلاميا عند نشرها .
في شهر مارس من سنة 1979 أجرى الأموي أول حوار مع جريدة " الديمقراطية العمالية " ، و هو حوار ما زال يحافظ على راهنيته ، مما يدل على أننا ما زلنا نراوح مكاننا فيما يتعلق بالحوار الاجتماعي المغيب و فيما يخص غياب الإرادة السياسية لمعالجة المشاكل الاجتماعية التي ما فتئت تستفحل سنة بعد أخرى .
إليكم هذا الجزء من الحوار :
" أعتقد أنه لا داعي للاستغراب مما هو قائم الآن، فقد كان أمرا متوقعا نتيجة الأزمة الحادة التي تعصف ببلادنا في كل الميادين، والتي ليست بأي حال من الأحوال أزمة ظرفية عابرة، وإنما هي أزمة بنيوية عميقة ناتجة عن استمرار الهياكل الاقتصادية والاجتماعية التي أقامها الاستعمار ويرعاها اليوم ورثة مصالحه والمتعاونون معه، ونتيجة نهج السياسة الليبرالية المتخلفة، في معالجة قضايا التنمية والتطور، والحال أن الأمر يتطلب عكس ذلك تصفية التركة الاستعمارية بتغييرات بنيوية عميقة تضع حدا لتبعية بلادنا الخارجية وترسي دعائم استقلال اقتصادي متحرر، سواء في الميدان الصناعي أو الزراعي، وعلاقات إنتاج إنسانية خالية من كل استغلال طبقي، وديموقراطية حقة تمكن الكادحين من المساهمة في التقرير والمراقبة.
إن واقعا اجتماعيا متخلفا تعالج قضاياه بأساليب متخلفة، لن يؤدى إلا إلى مزيد من التخلف، وهذا واقع بلادنا الذي يعيشه المسحوقون وتكشفه الأرقام والدراسات المعلنة والذي أصبح يعترف بخطورته حتى المسؤولون أنفسهم، أما الطبقة العاملة المغربية فإنها لم تفاجأ بهذه التطورات بل كانت واعية بها، وانطلاقا من هذا الوعي، قامت بشن نضالاتها مؤخرا احتجاجا على هذه الأوضاع وإثارة الانتباه المسؤولين المشغولين بقضاياهم الخاصة، وبالتالي الضغط من أجل وضع حد لهذه الحالة وذلك من خلال الحفاظ على الكرامة العمالية وحماية مكتسباتها والدفاع عن حقها في الوجود..."
مجتمع