على هامش محاكمة الروائي عزيز بنحدوش، عقب صدور حكم ابتدائي في حقه بالحبس شهرين موقوف التنفيذ من طرف قضاء ورزازات، اتصلت " أنفاس بريس" بالمحامي محمد الحسني الإدريسي ( المحامي بهيأة البيضاء) لتسليط الضوء على البياضات التي رافقت هذه القضية التي تشغل بال الرأي العام الوطني. فيما يلي نص الحوار:
تروج بمحاكم ورزازات قضية يتابع فيها الروائي عزيز بنحدوش بسبب روايته "جزيرة الذكور"، وفي حوار خص به " أنفاس بريس" من قبل، تسائل بنحدوش عن سبب متابعته بقانون الصحافة علما أنه ألف رواية ولم يكتب مقالا. هل المحكمة لها الحق في متابعته بقانون الصحافة؟
لم يتسنى لنا الاطلاع على الشكاية المباشرة المقدمة ضد السيد عزيز بنحدوش للتثبت من فصول القانون المعتمدة في المتابعة والحكم ، لكن من الناحية القانونية الصرفة بغض النظر عن خلفيات الشكاية والمتابعة فإن واقعة القدف والسب المرتكب عن طريق احدى الوسائل المنصوص عليها بالفصل 38 من قانون الصحافة ، ومنها النشر، تقع تحت طائلة الفصل 41 من قانون الصحافة، وبالتالي كان الاولى مناقشة شكليات الشكاية المباشرة من ناحية صفة المشتكين ومصلحتهم في تقديم الشكاية ، ومن ناحية ثبوت السب أو القدف أو هما معا بعناصرها التكوينية المنصوص عليها قانونا ، ثم من ناحية أجل تقادم الفعل على فرص ثبوته واختصاص المحكمة محليا للبث في الشكاية ، وما الى ذلك من الدفوع الشكلية التي كان ممكنا قبر الشكاية انطلاقا منها قبل أن تأخد بعدها الحالي ..
المحكمة ،وبقطع النظر عن السند القانوني الذي ارتكزت عليه، هل هي قادرة على فهم واستيعاب مضمون رواية، بمعنى هل القاضي أصبح ناقدا؟
هذه من احدى الاشكاليات التي تصدى لها الدفاع في كل محاكمات الاعمال الادبية والفنية في المغرب وخارجه ، انطلاقا من كون العمل الادبي لا يمكن أن يخضع الا للقراءة النقدية على أسس علمية وفي اطار النقد الادبي ، وأن جل المحاكمات التي خضعت لها هذه الاعمال كانت في العمق محاكمة للرأي وتضييقا على حرية التعبير المكفولة دستوريا وبمقتضى كل العهود والمواثيق الدولية الانسانية دات الصلة وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبروتكول الاختياري الملحق به ..
هل يمكن أن تشكل المحاكمة سابقة لملاحقة المبدعين من روائيين وشعراء وكتاب كلمات إلخ...مثلما هو عليه الحال بدول مشرقية؟
نخشى من موقعنا كحقوقيين فعلا أن تستباح ساحات الحرية الضيقة أصلا المكفولة للأفراد والجماعات للتعبير عن الرأي ، وأن تمتد يد الرقيب مجددا لتعيد تشغيل آلة القمع التي سلطت على مختلف أشكال الابداع على امتداد سنوات الرصاص ، وأن نرتد مجددا عن كل المكتسبات التي تمت مراكمتها منذ انطلاق مسلسل المصالحة وطي صفحة الماضي ، والمغرب في غنى عن ذلك ، لا بل هو في الظروف الراهنة أحوج ما يحتاج الى مساحات أكبر للتعبير والرأي والابداع ، لأن ذلك يساهم في تقوية مناعة المجتمع ضد كل رياح التطرف الاعمى ..
لم ينصب بنحدوش محامي للدفاع عنه، مبررا ذلك بكونه يعتبرنفسه خير مدافع عن روايته.لكن المثير في الأمر أن جسم المحاماة بالمغرب كان في صدارة المدافعيين عن الحريات ببلادنا بدون انتظار مقابل مادي. مالذي حدث حتى توارى المحامون للخلف ولم يتبنوا قضية بنحدوش، ولو من باب الرمزية والمؤازرة المعنوية؟
أولا حينما نستميت كمحامين في الدفاع عن حق كل مواطن في محاكمة عادلة وأن يكون مسنودا بدفاع يضمن له حقه في بسط أوجه دفاعه ، لا نعطي الحق لانفسنا في القفز على حق لا يقل أهمية وهو حق المواطن في اختيار دفاعه وفي اختيار الطريقة التي تلائمه في الدفاع عن نفسه .. وهذا الموقف الذي اتخده السيد بنحدوش في هذه القضية ربما كان وراء احترام المحامين لارادته ، دون أن يعني ذلك في أي حال تواري هؤلاء للخلف ، وبالمناسبة أقول للسيد بنحدوش أن جسم المحامين على امتداد التراب الوطني كان في كل الظرف سندا للقضايا العادلة وتطوع للدفاع كلما تطلب الامر ذلك ، وأقول أيضا للسيد بنحدوش أنني شخصيا أعلن له من هذا المنبر مساندتي اللامشروطة ..