السبت 18 مايو 2024
مجتمع

"أنفاس بريس" تعيد تركيب قضية الزوج الذي قررت له محكمة السماح بالتعدد على "أم البنات"

 
 
"أنفاس بريس" تعيد تركيب قضية الزوج الذي قررت له محكمة السماح بالتعدد على "أم البنات"

انتشرت في صفحات التواصل الاجتماعي، مقطع مجتزء من قرار محكمة النقض يتعلق بزوج قررت هذه الأخيرة السماح له بالتعدد، لأن زوجته الأولى له منها ثلاث بنات، وهو يأمل في ولد ذكر، تعالت أصوات الفيسبوكيين، منددة بهذا القرار، معتبرة أنه تحريف لفهم العملية الإنجابية وأن الزوج هو المسؤول عن جنس الجنين، ضمن سباق الحيوانات المنوية، وكيف أن المرأة تمنح X، في حين يبقى الزوج/ الذكر هو المحدد حسب ما قد يمنحه، سواء X أو Y، حسب الأستاذ المحامي مصطفى المنوزي.. مضيفا في وجهة نظره المنشورة بموقع "أنفاس بريس"، أنه يبدو أن "هناك إرادة صريحة تنحو نحو فرض اختيارات وقناعات ذكورية راسخة في مجال العدالة"..

"أنفاس بريس" رجعت للقرار الكامل، لتنشر ما خفي في هذه الحملة الفيسبوكية، وأبرزها أن الزوجة أبدت موافقتها على أن يتزوج عليها الزوج، وكيف أن التعدد حق قانوني وشرعي مقيد بشروط، إذا تحققت، لا يحق للقاضي أن يمنع الزوج من التعدد..

في هذه الحياة، هناك من يبحث في حياته الزوجية عن البنين، وآخر عن البنات، والله يجعل من يشاء عقيما، ويبقى أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا.. لا يهم إن كان رشيد موظفا أو يشتغل في القطاع الحر، المهم أنه ميسور ماديا، ولا يزال يتمتع بصحة وعافية، بالمقابل، بلغت زوجته سن اليأس، ومع انقطاع الدورة الشهرية لدى الزوجة نزهة، بدأت الأمور تسير في اتجاه متوتر.. لرشيد ونزهة 3 بنات، لا يهم أيضا سنهن ولا مستواهن الدراسي، لكن الأكيد أن رشيد مع كل وضع لزوجته، كان يمني نفسه بأن يكون المولود ذكرا يحمل اسمه العائلي، الوضع الأول بنت أولى، الوضع الثاني بنت ثانية، الوضع الثالث بنت ثالثة، طبعا قبل الحيوانات المنوية للزوج واستقبالها في مبيض الزوجة، هناك مشيئة الله تعالى وقدرته، في قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ).. رشيد إنسان مسلم، ويدرك روح هذه الآية، لكنه يحمل الزوجة مسؤولية تحديد جنس المولود، أو أنه في أحسن الأحوال يتعرض لتأثير الوسط الاجتماعي خصوصا العائلي، ومع ذلك قاوم كل الضغوطات بدليل أنه لم يبد رغبته في الزواج مرة ثانية إلا بعد أن يئست زوجته نزهة من المحيض، فاتحها في موضوع التعدد، وكان لابد من أن يكون زواجه الثاني طبقا للقوانين المعمول بها، وهي المضمنة في مدونة الأسرة من المادة 40 إلى 46 منها.

وهكذا، فإن التعدد يمنع في ظل مقتضيات المادة 44 في حالتين:

- الحالة الأولى: هي إذا خيف من عدم العدل بين الزوجات (وهي حالة يرجع فيها تقدير مسألة الخوف من عدم العدل إلى القضاء الذي له البحث عن القصد الشرعي).

- الحالة الثانية: التي يمنع فيها التعدد على الرجل أو الزوج فهي حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها في عقد الزواج، فإن هذا الشرط يمنع الزوج من التعدد ولا يحق له أن يطلب التعدد، إلا إذا طلق الزوجة المتمسكة بالشرط.

تقدم رشيد بتاريخ 30 شتنبر 2014، بمقال لدى المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء، عرض فيه أنه متزوج من السيد نزهة، وأنه رزق منها بثلاث بنات، وأن لديه الرغبة في الزواج لإنجاب مولود ذكر، وأن زوجته الأولى وافقت له على ذلك، ملتمسا الإذن له بالتعدد.

وبعد إجراء بحث في جلسة 20 أكتوبر 2014، أكد الزوج رغبته في التعدد، وصرحت زوجته الأولى أنها توافق عليه، وبأنها تقدمت في السن، ولم تعد قادرة على الإنجاب، قضت المحكمة الابتدائية بتاريخ 27 من نفس الشهر، برفض طلب التعدد، فاستأنفه الزوج، فقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي.

بمحكمة النقض، دفع الزوج بانعدام الأساس القانوني وانعدام التعليل في حكم محكمة الاستئناف، ذلك أن المحكمة لم تستجب لطلبه الاذن بالتعدد، والحال أن رغبته في إنجاب ولد ذكر، لم تعد زوجته الأولى التي ولدت له البنات نظرا لسنها قادرة على الإنجاب، وأنه يتوفر على جميع الشروط، وأن مسألة المبرر الموضوعي الاستثنائي مسألة شخصية تتعلق به، وأن التعدد أصلا يعتبر حقا قانونا وشرعا ولا يمكن منعه طبقا للمادة 4 من مدونة الأسرة إلا في حالة الخوف من عدم العدل بين الزوجات، وحالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها، خاصة وأن زوجته الأولى وافقت له على هذا الزواج، وأنه يتوفر على موارد كافية لإعانة أسرتين، مما رأت معه محكمة النقض وجوب نقض القرار.

ضمن الحيثيات التي بني عليها قرار محكمة النقض، تحدثت عن صحة ما عابه الزوج على القرار الاستئنافي، ذلك أن المحكمة مصدرته، اكتفت بالقول لتعليل ما انتهت إليه في منطوق قرارها بأن رغبة الطاعن في إنجاب مولود ذكر لتوفره على البنات فقط غبر مبرر للاستجابة لطلبه.. والحال أن هذه الرغبة لدبه لا يوجد ما يمنعها لا قانونا ولا فقها، خاصة وأنه يتوفر على ما يعيل به أسرتين، إذ دخله حسب شهادة الأجر المؤرخة في 9 يوليوز 2014 هو 22.368 درهما، ولاسيما أن زوجته الأولى وافقت على زواجه ثانية، حسب ما جاء بجلسة سابقة، مما يعتبر معه طلبه طبقا للمادتين 40 و41 من مدونة الأسرة لم ما يبرره، ولذلك فإن المحكمة لم تجعل لما قضت به أساسا وعرضت قرارها للنقض، لتقضي محكمة النقض في قرارها عدد 331 والصادر بتاريخ 23 يونيو 2015 بنقض القرار المطعون.

هيئة النقض: الرئيس: الأستاذ محمد بنزهة، المقرر: السيد عمر لمين، المحامي العام: السيد عمر الدهراوي