Friday 9 May 2025
مجتمع

لنزع فتيل الاحتقان : حان الوقت لتغيير وجوه السلطة والإدارات المتحكمة في عاصمة الرحامنة

لنزع فتيل الاحتقان : حان الوقت لتغيير وجوه السلطة والإدارات المتحكمة في عاصمة الرحامنة

ماذا يقع في الرحامنة هذه الأيام ؟ هل نفض "الجمع" أياديهم وضربوا الكفوف على بعضها البعض معلنين إفلاسهم ؟ هل سقطت الأقنعة عن وجوه البعض ممن كانوا مختبئين في أنفاق وقنوات تصريف الماضي المتعفن ؟ ما سبب كسر أدراج السلم التنموي بإقليم الرحامنة ؟ ومن يقف وراء الاحتقان السياسي والحقوقي والاجتماعي والثقافي بالمنطقة ؟ ومن له المصلحة في إذكاء نعرة القبيلة ؟
لما كنت أدخل للحاضرة الفوسفاطية في زيارات متعددة لعاصمة الرحامنة بمدينة بن جرير، كانت تنتابني الحصرة والغيرة والفرح في نفس الوقت، بسبب الوتيرة التي تسير بها إيقاعات إنجاز بعض المشاريع التي برمجت منذ سنة 2008 ( 12 اتفاقية كانت قد وقعت أمام الملك أغلبها بشراكة مع مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة ) وكذلك بسبب مقارنتي للوضع بالرحامنة مع الوضعية المقلقة بأحمر ( عمالة اليوسفية ) ومع ذلك كنت أردد في خاطري مقولة فلاحية " فين ما طاحت غزات " .
كنت أجالس الكثير من مواطني ومواطنات الرحامنة واستمع لتحليلاتهم (ن) وآرائهم (ن) والمعطيات التي بحوزتهم (ن) كان الكل يتكلم بلسان واحد ( الرحامنة حن عليها الله، جاب ليها الله الرجالة اللي يخدموها ) في البيوتات في الأزقة و الشوارع في السوق وداخل المحلات التجارية، في المقاهي في الحمامات، على متن مختلف وسائل النقل العربات الطاكسيات النقل المزدوج، ( الله يخلي لينا السي فؤاد ) هي مفتاح الحديث مع الشاب والشابة، المرأة و الرجل، الغني والفقير، الضعيف والقوي، نعم هذه حقيقة لا يمكن القفز عليها ...حتى أضحت بن جرير والحاضرة الفوسفاطية مركزا وقبلة للقاءات الأطر والمهندسين والتقنيين والباحثين والمفكرين و ( المنجمين ) والوزراء ومختلف رؤساء المصالح والقطاعات لوضع وإنجاز الدراسات والتصاميم والخرائط والمشاريع ...فعلا كان الكل يهاب صرامة الرجل وهيبته والكل يترقب خياله فبالأحرى وجوده.
سرعة فائقة سار بها قطار الرحامنة التنموي محملا بقطاع غيارات متقادمة ومتهالكة ، ولم يتم تشخيص " بروفيالاتها " من طرف سكانير العقل المدبر، وأقحمت في هياكل الجماعات الترابية والمؤسسات المنتخبة والجمعيات المصطنعة، ومنحت لها تزكيات كراسي مجلسي الإقليم و الجهة والبرلمان بغرفتيه، واصبحت تتحكم في رقاب العباد والبلاد بالطرق المعهودة حيث عادت حليمة لعادتها القديمة، دون أن تتدخل الجهات المعنية لفرز السمين من الغث والصافي من المشبوه والواضح من الملتبس، هكذا استفادت أقلية من سلطة "الرجل" وحولتها لسلطة مطلقة تفعل بها ما تشاء وتستفرد بواسطتها بقرارات تخدم محيط الواصفين والمقربين والمنعم عليهم بالريع بمختلف تمظهراته.
تضارب المصالح بين فئات متحكمة في دواليب العمل المؤسساتي و الجماعي والجمعوي المرتبط بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتنسيق مع الأخطبوط المتمدد بأرض الرحامنة، وإغلاق باب التواصل مع مكونات المجتمع المدني ، وتفرج السلطات المحلية والإقليمية على مسلسل " اللهم في المقربين أولى " جعل وضعية ساكنة الرحامنة تزداد سوادا وقتامة على جميع المستويات، حيث طفت على سطح المنطقة طفيليات تقتات من فضلات الصفقات بعد تداخل المصالح بين هذا وذاك ، وعبدت الطريق أمام وجوه تجيد عملية من أين تؤكل الكتف، وتم تهميش شباب المنطقة الحامل للشهادات والكفاءات، وتعاظمت مشاكل الساكنة على مستوى البطالة والتعليم والصحة واغتصبت الحقوق المكفولة دستوريا. وقع هذا أمام انظار من أوكلت لهم الدولة مهام تدبير القطاعات بالإقليم، فتصاعدت اصوات الاحتجاجات والمظاهرات والوقفات والإضرابات والمسيرات،( في الشوارع/ أمام إدارة المجمع الشريف للفوسفاط/ أمام العمالة/ أمام المجالس المنتخبة/ وسط الأراضي المنزوعة....) حتى أضحت عاصمة الرحامنة نموذجا "لترمومتر" الاحتقان السياسي في المغرب بين السلطة وبعض الأحزاب والجمعيات والفعاليات ( الجبهة المحلية للدفاع عن ساكنة الرحامنة ) التي ترى في نفسها حاملة لمشروع مجتمعي مؤسس على الحقوق والواجبات والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتطالب بحوار جاد ومسئول يلغي كل استعراضات القوة والجاه والنفوذ، هذا الحراك الذي ووجه بالعنف والقمع الممنهج مما أدى إلى تناسل البيانات والبلاغات ردا على الإهانة والتضليل الممارس بأرض الرحامنة التي لا تطالب مكوناتها المدنية، سوى بتكافؤ الفرص، والتقسيم العادل لمناصب الشغل لمن يستحقها، وتيسير عملية تفويت الصفقات للمقاولات الشابة بصيغة شفافة، واحترام إنسانية المواطن الرحماني وتحصين ثروة أرضه.
في هذا السياق يرى البعض ممن التقتهم " أنفاس بريس " بأن الوقت قد حان لتغيير وجوه عمرت طويلا بردهات الإدارة بإقليم الرحامنة، وأضحت عائقا كبيرا لإتمام المشروع التنموي للرحامنة، وتربعت على كراسي المسؤولية دون أن تنتج الثروة ولا تجدي سوى السطو عليها بعلاقاتها المتمددة عبر أروقة مكاتب العمالة والمجالس المنتخبة.