الأربعاء 4 ديسمبر 2024
في الصميم

هل أخطأ المغرب في قبول وقف إطلاق النار مع البوليزاريو؟

هل أخطأ المغرب في قبول وقف إطلاق النار مع البوليزاريو؟

في عام 1991، وبعد 16سنة من الحرب، أعلنت الأمم المتحدة أن المغرب وجبهة البوليزاريو قبلا وقف إطلاق النار.
اليوم وبعد مرور 25 سنة يبقى التساؤل مشروعا حول مدى وجاهة قبول وقف إطلاق النار من طرف المغرب، وهل كان القرار مربحا للمغرب أم مربحا

للجزائر؟
لماذا؟
للجواب عن ذلك علينا استحضار سياقات عام 1991 وهي أربعة:
أولا: في أواخر الثمانينات من القرن 20 أكمل المغرب بناء الجدار الأمني (ستة أحزمة) على يد القوات المسلحة الملكية، وهو الجدار الذي لا ينهضكمصدر اعتزاز للمغاربة في مجال الهندسة العسكرية بالعالم فحسب، بل كان الجدار الأمني صمام أمام وفر الحماية للمدن الصحراوية وصد هجمات الجنود الجزائريين وعناصر البوليزاريو، وبفضله أمكن للمغرب تسريع وتيرة بناء وإعمار الصحراء التي تركها المستعمر الاسباني جرداء قاحلة. إذ أمام شساعة التراب الصحراوي ووفرة الدعم المالي الذي سخرته الجزائر وليبيا آنذاك كان المغرب يتعرض لإنهاك قوي على مستوى عدة جبهات، وبإكمال بناء الجدار الأمني أضحى صعبا على العدو تمرير «إبرة» فأحرى إرسال فيالقه وكوماندوهاته.
ثانيا: ليبيا القدافي التي كانت أحد أكبر ممولي البوليزاريو وأحد أقوى حلفاء الجزائر نكاية في المرحوم الحسن الثاني، رفعت يدها عن الملف مند أواسط الثمانينات وأمسكت عن ضخ المال في خزينة البوليزاريو لتمويل شراء السلاح (صواريخ وعتاد تقيل وتجنيد مرتزقة من دول إفريقية... إلخ). وهو ما
شكل ضربة قاصمة للجزائر والبوليزاريو على مستوى تجفيف أحد منابع تمويل الحرب ضد المغرب.
ثالثا: الجزائر دخلت في بداية التسعينات من القرن 20 في مسلسل طويل ومؤلم، ونعني به «العشرية السوداء» بسبب الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي
بين الدولة والجماعات الإسلامية المسلحة، وهو اقتتال أنهك الجزائروأضعفها وجعلها تركز كل مجهوداتها المالية والأمنية واللوجستيكية لإخماد نار الحرب الأهلية.
رابعا: دخول الجزائر في متاهة اللااستقرار المؤسساتي والسياسي في نفس الفترة، بشكل أدت هذه الحالة إلى استقالة الرئيس الشاذلي بنجديد من بعد وهو (أي اللااستقرار)، الذي أحدث شللا على مستوى الهرم المؤسساتيكل هذه العناصر كانت تؤهل المغرب ليرفض توصية الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار عام 1991، إذ لو استمرت الحرب كان المغرب سيسحق نهائيا ليس البوليزاريو والجزائر فحسب، بل وكنا سنربح توفير المال لصرفه في أوجه تنميتنا المعطوبة (صحة، تعليم، مرافق، القرب، سكن... إلخ).
ذلك أن حسن النية التي يبديها المغرب مع الحكام الجزائريين لا تنفع أبدا، إذ جربناها في حرب الرمال عام 1963 التي كاد جيشنا ان يدخل إلى تندوف
فصدرت الأوامر بالعودة إلى المغرب، ومع ذلك كنت الخيانة هي الهدية التي قدمتها الجزائر للمغرب لما تم فتح ملف ترسيم الحدود الشرقية.

ثم كانت الطعنة الجزائرية للمغرب بعد الموافقة المغربية على رسم الحدود الشرقية عام 1972 تأهبا لتفرغ المغرب لجر إسبانيا إلى طاولة المفاوضات
لإعادة الصحراء إلى المغرب بعد طول استعمار. حيث بدأت في خلق المناورات واحتضان البوليزاريو عام 1975 وتسليح عناصره وتدريبهم.
الخيانة الثالثة كانت عام1994، إذ ما أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وسجل في سجلات الأمم المتحدة  عام 1991 حتى صوبت الجزائر عملائها نحو المغرب لتصدير الإرهاب إليه عبر تورطها في أحداث فندق أسني بمراكش.
الخيانة الرابعة، تتجلى في أن الجزائر لما تعافت نسبيا من الحرب الأهلية ومن «العشرية السوداء» سخرت كل مواردها النفطية المالية لتمويل مكاتب دراسات أوربية وأمريكية وتمويل مكاتب محاماة وخلايا تفكير ومراكز بحث جامعية لإحراج المغرب في قضايا قانونية وإجهاده في المساطر والتشويش عليه في قضية الصحراء.
فإذا أسقطنا الوحي الإلاهي، نجد أن كل السموم تأتينا من الشرق (قرقوبي، استعمار فرنسي، إرهاب، تهريب البشر، تهريب السلع، شراء الخونة..(.
أليس مشروعا اليوم إعادة طرح السؤال: هل أخطأنا فعلا في قبول وقف إطلاق النار؟ إن كان الجواب بالإيجاب، أليس من حقنا مطالبة صانعي القرار بالقطع النهائي مع سياسة المهادنة والاعتدال مع حكام الجزائر؟