كشف تقرير أخير أنجزته إحدى المؤسسات المختصة في التسويق واستطلاعات الرأي أن عدد قراء الجرائد في المغرب بلغ 1150674 قارئ، وتحتل الجرائد اليومية المرتبة الأولى بمجموع 706386 قارئ، تليها الجرائد الأسبوعية ب 255705، ثم الشهرية ب 188583، فيما تربع الإعلام الإلكتروني في مقدمة المتصفحين، بما مجموعه 2186279 متصفح، وقد أنجزت هذه الدراسة لفائدة وزارة الاتصال وفيدرالية الناشرين..
وبما أن الأرقام بقدر ما تكون مؤشرات إقناع، فهي أيضا مؤشرات خداع.. فمن خلال استقراء هذه الأرقام، قد يتبين من الظاهر أن المقروئية الإعلامية في بلادنا بخير، مادام أن جرائدنا تحظى بمتابعة أكثر من مليون، في ظل وجود قرابة مليون شخص، "يفكون الخط".. لكن الرقم الغائب هنا هو عدد مبيعات الصحف، اليومية والأسبوعية والشهرية. فحسب آخر الأرقام المعلن عنها هو أن الجرائد مجتمعة تتراوح أرقام مبيعاتها بين 150 ألف و200 ألف نسخة، وهو ما يعني أن تلك الأكثر من المليون من قراء الجرائد تتناوب على قراءة 150 ألف، تفي أحسن الأحوال 200 ألف نسخة. بعبارة أوضح وبعملية حسابية، فإن حوالي 950674 من القراء، يطالعونها "فابور"، في المقاهي والمطاعم والقطارات.. مما يعني أن من بين 5 قراء لجريدة ما، فإن واحدا هو الذي اقتناها بماله، والآخرين، "قاريين بالعباسية"..
الإعلام سلطة كباقي السلط، ومنتوج كباقي المنتوجات، فهل هناك سلطة يتم الاستفادة منها فابور؟ وهل هناك منتوج يوزع بالمجان في الأسواق والمقاهي؟ المقاولات الإعلامية، هي كغيرها من المقاولات التي تتعرض للربح والخسارة، وتشغل إعلاميين ومستخدمين، وعلى عاتقها أداء تكاليف "الما والضو والتليفون والأنترنيت"، وكذا اقتناء المقر والطبع.. لا يتم التساهل معها في أداء الضرائب للدولة، وإذا وقعت في صعوبات المقاولة يتم الحجز على معداتها، وتسريح مستخدميها، ومستقبلها وحاضرها رهين باقتناء نسخة منها، وليس "برطجتها" على الفيسبوك، أو نسخها أو استئجارها..