Wednesday 2 July 2025
كتاب الرأي

محمد حمضي: وزان ... فعل حزبي بئيس ..ُمنفر ...طارد للأمل ... معمق لليأس ...!

محمد حمضي: وزان ... فعل حزبي بئيس ..ُمنفر ...طارد للأمل ... معمق لليأس ...! محمد حمضي

يوماً بعد يوم تتسع الهوة بين الفعل الحزبي وتطلعات الشارع... يوماً بعد يوم يؤكد الفاعل الحزبي كم هي خطاباته متكلسة وعاجزة عن ملامسة نبض الشارع...

يوماً بعد يوم تصبح معاول الفاعل الحزبي مستفرة لهدم ما تبقى من "السياسة كمجال للرؤية والجرأة وفن الالتحاق بالمستقبل"، وتفعيل اجتهاده من أجل حصرها في مجرد مربع ضيق "لمنافسة انتخابية" لملء المقاعد وتكرار خطابات تمتح من لغة الخشب...

حتى عشية الاستحقاقات الانتخابية القادمة، التي كان على الفاعل الحزبي استشعار خطورة الفراغ في الوساطة الناتجة عن ممارساته الحزبية – التي ذاق القاموس عن تصنيفها – في مختلف الواجهات التي يتواجد بها، وخصوصاً المؤسسات المنتخبة، يسارع لتوسيع فجوة الضوء من هذه اللحظة الاستثنائية، لبعث إشارات قوية وذات مصداقية، لعل الشارع يتفاعل معها، فيسارع بدوره للمصالحة مع صناديق الاقتراع... لكن "شكون يْسمع زابورك يا داوود".

بعيداً عن الكلام في العموميات الذي ينكمش أثره إلى أدنى مستوى، إن لم يتم تعزيزه بالملموس من الدلائل والحجج التي منها ما لا ينجح المواطن(ة) في التقاط بعض تفاصيل جوهرها، وينحصر تفاعله مع القشور البارزة للعيان. في هذا الإطار سنبسط أمام القارئ الحضور الحزبي على مستوى إقليم وزان في محطتين عاشهما الإقليم خلال الشهرين الأخيرين، وهو في نظرنا ما يؤشر على أن إقليم وزان بالنخبة السياسية الحالية سيخطئ موعده مع 2026 و2027. وبالتالي سيؤشر ذلك على حقيقة مرة يرددها الشارع الوزاني بأن النخبة السياسية بالإقليم أصبحت خبيرة في تفويت فرص التنمية على الإقليم.

يوم 22 أبريل الأخير، كانت الهيئة الناخبة بمجموعة من أقاليم المملكة على موعد مع صناديق الاقتراع لملء مقاعد شاغرة لهذا السبب أو ذاك بجماعات ترابية. إقليم وزان من بين الأقاليم المعنية بما أعلنت عنه وزارة الداخلية، حيث جرت الانتخابات الجزئية بست جماعات ترابية.

ما هي الأجواء التي مر بها هذا الاستحقاق الانتخابي، الذي من البلاهة الرهان على أدنى تأثير لنتائجه من حيث المقاعد التي حصدها هذا الحزب أو ذاك، على الحياة الداخلية لمجالس الجماعات الترابية التي جرى التنافس الانتخابي فوق ترابها؟ لكن آثار هذا الاستحقاق الانتخابي الجزئي، لو استثمرته التنظيمات الحزبية على مستوى إقليم وزان بنَفَسٍ يُقوّض معالم الألم، ويضخ الأمل من جديد في شرايين السياسة، باعتبارها فعلاً نبيلاً تؤطره مبادئ الشفافية، والنزاهة، ونظافة اليد، حيث لا صوت لأجندة يُسمع على هامشه، غير صوت تعزيز الاختيار الديمقراطي الذي ارتقى به دستور المملكة لمستوى ثابت من ثوابت الأمة.

من خلال رزنامة من المعلومات التي وصلتنا من مصادر حزبية متفرقة، أجمعت على أن استحقاق 22 أبريل الأخير جاء ليكرس نفس الممارسة السياسية! أول هذه الممارسات المنفرة تجلت في استمرار حلقة جد ضيقة من الأشخاص بهذا الحزب أو ذاك في تعطيل الهياكل التنظيمية صاحبة القرار بالأحزاب التي يتربعون على عرشها، وسمحوا لأنفسهم التمادي في الانفراد بالقرار، تعلق الأمر بالمشاركة في هذا الاستحقاق، أم تجاوز ذلك بعد تقييم من يشارك فيه من المنخرطات والمنخرطين بهذه الهيئة السياسية أو تلك. نفس الممارسة التي أطرت استحقاق 8 أكتوبر 2021 التي لم يستخلص منها البعض الدروس، رقصت الأحزاب التي قررت تقديم الترشيحات في هذه المحطة على جثمان الفصل 7 للدستور، الذي من بين ما جاء فيه: "يجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقاً للمبادئ الديمقراطية"، تجلى ذلك في الانفراد بترشيح فلان دون فلانة، بل فُتح المجال لتسليم اليافطة الحزبية لمن خارج صفوف الأحزاب التي دخلت المعترك. ووفق بعض المصادر، فقد كانت هناك تفاهمات قبلية بين بعض "القيادات" تمهيداً للاستحقاقات الانتخابية القادمة التي من المؤكد ستحمل مفاجآت ستهز أركان أكثر من بين حزبي.

المضحك في التعاطي الحزبي على مستوى إقليم وزان خلال الاستحقاق الانتخابي ليوم 22 أبريل، هو الاستمرار في استعمال لغة الخشب في مخاطبة الهيئة الناخبة، بينما الله وحده، والجهة التي عينها لا تنام، أعلم بتفاصيل اللغة الأخرى التي حسمت الكثير من النتائج! فلماذا مثلاً لم يتجرأ ولا حزب واحد على اعتماد آلية "التثقيف بالنظير" لإقناع الهيئة الناخبة بالجدوى من مشاركته في سباق الانتخابات الجزئية؟ بمعنى أدق، كل حزب يجتهد في تسويق التجارب "الناجحة" من بين الجماعات الترابية التي يرأسها أو يساهم في تسييرها. مثلاً، تقديم حزب الجرار لتجربته بجماعة ونانة، وحزب الوردة يبسط أمام العموم تجربة تسييره لجماعة مصمودة، ومشاركته في تسيير جماعة وزان، وحزب الحمامة كان عليه تسليط الضوء على تجربة تسييره لجماعة زومي، وحزب الميزان كان عليه أن يختار واحدة من الجماعات الثلاث التي يسيرها. هذه الآلية صعب ركوبها لأنها ستكشف الحقيقة، لذلك تبقى الكلمة للغة الخشب وباقي اللغات التي تحسم الانتخابات ببلادنا.

أما المحطة الثانية التي كشفت وجود العبث الذي يؤطر الممارسة السياسية بإقليم وزان، وهي وإن اختلفت في الشكل عن نظيرتها وطنياً، فهي تتقاسم معها الجوهر. إليكم/ن بعض تفاصيل هذه المحطة.

طبقاً للقانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات، عقدت المجالس الجماعية بإقليم وزان دورة ماي العادية. دورة كان مطروحاً على جدول أعمال جميع المجالس، نقطة تتعلق بدراسة ومناقشة والمصادقة على "مشروع اتفاقية شراكة من أجل التعبئة الصحية ضد الأمراض الخطيرة بإقليم وزان 2025/2027"، طرفها الثاني مصحة خاصة، عززت قطاع الصحة بالإقليم. بغض النظر عن موقف هذا المجلس الجماعي أو ذاك من الاتفاقية الذي حكمته جملة من الاعتبارات، سنتوقف قليلاً عند الدور الذي لعبته في الكشف عن عمق هوة العبث الذي تتميز به الممارسة الحزبية بإقليم وزان.

ولأن الأمر يتعلق بنفس الاتفاقية المعروضة على المجالس الجماعية والمجلس الإقليمي، فإن من أبجديات العمل السياسي في كل أرجاء المعمور، دعوة كل حزب لمنتخباته ومنتخبيه لعقد اجتماع يشرف على أشغاله الجهاز التنظيمي الموكولة له هذه المهمة، لدراسة مشروع الاتفاقية، ولم لا الاستماع لخبراء الحزب وللشريك المدني حامل الاتفاقية، والمصادقة في الأخير على موقف موحد يعملون على تصريفه بالمجالس الجماعية التي يحجزون بها العضوية ممثلات وممثلين لأحزابهم/ن وليس لأنفسهم/ن.

لا شيء من هذا حدث، فقد تحول التعاطي مع الاتفاقية إلى أم المهازل... الجرار والحمامة والميزان والوردة... يصوتون بنعم بهذه الجماعة أو تلك... ويرفعون أصابعهم/ن عالياً بجماعات أخرى ضد الاتفاقية... ومنهم/ن من اختار التريث ببعض الجماعات في انتظار الإلمام بتفاصيل الاتفاقية لضبط أثرها على مساهمة المؤسسة المنتخبة في تجويد خدمة العرض الصحي لفائدة فئات عريضة من ساكنة الإقليم.

ما أتينا على إبرازِه أمام العموم لم يكن يستدعي كل هذا الاهتمام من وجهة نظر بعض من تقاسمنا معهم/ن فكرة تناوله إعلامياً، لأن الممارسة الحزبية فاقدة لكل مصداقية، ولأن غالبية الأحزاب أصبحت عبئاً على التطور الديمقراطي ببلادنا وبإقليم وزان. وجهة نظر محترمة، وما فيه أفضل من اعتمادها، ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. لقد جاء الحرص على التناول الإعلامي للعبث الذي أطر الممارسة الحزبية في الشهرين الأخيرين على مستوى إقليم وزان، لأن ذلك يحدث عشية استحقاقات انتخابية قادمة، يتزامن تنظيمها مع فتح بلادنا لأوراش مهيكلة كبرى وعلى أكثر من مستوى، وبالتالي لابد من تظافر جهود كل الإرادات الحسنة من أجل توفير بيئة طاردة للعبث، حاضنة للجدية في الفعل السياسي. غير هذا، فإن القادم إن استمرت التشكيلات الحزبية على ما هي عليه، فإن اللا ثقة في العمل الحزبي ستتسع هوتها، وأن الشباب بالخصوص سيبحث عن التعبير عن تطلعاته وغضبه خارج الأطر المنظمة والمؤطرة لأشكال تعبيراته.