كان اختيارا ذكيا للمقرئ الذي افتتح اليوم التعاقدي حول تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بقوله تعالى "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"، وذلك صباح اليوم الثلاثاء 3 ماي، حضر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ومعه جل أعضاء الحكومة، الجميع معنيون بالفساد ومكافحته.. فحسب آخر الإحصائيات، فإن الجماعات والبلديات تتصدر القطاعات الأكثر فسادا لما تعرض له المواطنون بنسبة 64،7 في المائة، تليها الباشويات والمقاطعات بنسبة 63،9 في المائة، وفي الرتبة الثالثة نجد مصالح الدرك، بنسبة فساد يقدر حسب الدراسة الوطنية حول الفساد برسم سنة 2014، بنسبة 60،8 في المائة، فيما تتأخر مصالح الجمارك، بنسبة 2 في المائة، وهو ما يبين نظافة أيدي الجمركيين، مقارنة مع غيرهم من الموظفين العموميين في قطاعات أخرى، وضمن نفس الدراسة نجد الأحزاب السياسية طالها فساد بنسب 32،6 في المائة، والمجتمع المدني ب 9،9 في المائة.
ويأتي الفساد في المرتبة الخامسة من انشغالات المواطنين، بنسبة 22،4 في المائة، فيما يتصدر الانشغال بالبطالة والتوظيف اهتمامات المواطنين، وتأتي الاهتمام بالتنوع والوصول للأنشطة الثقافية والترفيهية، ضمن آخر اهتمامات المواطنين.
وحسب نفس الدراسة السابقة فإن غياب العقوبات من بين الأسباب الرئيسية للفساد حسب المواطنين، إلى جانب الرغبة في الإثراء السريع، والفقر وعدم كفاية الأجور..
وتخلص الدراسة إلى أن مظاهر الفساد تؤدي إلى فقدان ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، مادام أن العدالة غير فعالة، وجودة الخدمات العمومية متدنية، وضعف استقطاب الاستثمارات وهروب رؤوس الأموال، وعدم نجاعة منظومة التعليم، والاختلالات في البنيات التحتية، واختلال المنظومة الصحية.
ولا تزال العديد من التشريعات التي وضعها المغرب من أجل محاربة الفساد تتلمس طريقها، حيث تم وضع 23 إجراء أفقيا و40 إجراء عموديا ضمن برنامج عمل لمحاربة الرشوة سنة 2005، و43 إجراء آخر سنة 2010، ومع ذلك مازال المغرب يتصدر ترتيب الدول المصنفة في الفساد..
من جهته كشف محمد مبديع، الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، عن الخطوط العامة للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي تتوخى توطيد النزاهة والحد من الفساد في أفق سنة 2025، عبر الحكامة والوقاية والزجر والتواصل/التوعية والتربية/التكوين..
وهو ما تحفظ عليه، فؤاد عبد المومني، رئيس جمعية "ترانسبارانسي المغرب"، بالقول بأن هذه الاستراتيجية، قاصرة في ظل اكتفائها بما اعتبره "محفزات سياسية" في ظل غياب استراتيجية تضع سياسة تتآلف عليها السلطات العمومية وفعاليات المجتمع المدني تصيغ أهدافها ووسائلها وآليات تتبعها وتعطي الحق في المحاسبة بعد ذلك، مبديا تخوفه من عدم تململ الاستراتيجية خلال الأشهر الماضية..