ثلاثة أسئلة حملتها "أنفاس بريس" للفاعلة الجمعوية والحقوقية الأستاذة سميرة بيكردين، عضوة شبكة دينامية الجمعيات والتحالفات والشبكات النسائية والحقوقية والتنموية والأمازيغية الديمقراطية "بخصوص ما يعرفه ملف هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز من غليان جراء انتفاضة الحركة النسائية ضد التراجعات التي طالت "المرجعية الحقوقية" على مستوى صياغة القانون الخاص بذات الهيئة التي تضمنها دستور 2011، وفي ما يلي نص الحوار:
+ كيف تقرئين، بصفتك فاعلة حقوقية وعضوة للدينامية النسائية والحقوقية الديمقراطية "من أجل هيئة للمناصفة ومكافحة التمييز مستقلة وقوية وناجعة"، اشتغال وعمل وزيرة الأسرة والتضامن والشؤون الاجتماعية بسيمة الحقاوي على الملفات "القانونية" ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في علاقتها مع التزامات المملكة المغربية دوليا بالعهود والمواثيق التي صادق عليها؟
- من المؤكد أن تناول وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، للملفات القانونية لما بعد دستور 2011، لم يقدم أدنى مكسب لنساء المغرب. الدليل على ذلك، والحكومة تقبل على نهاية ولايتها، أنها لم تستطع أن تخرج لحيز الوجود أي قانون من القوانين التي طالما انتظرناها كحركة نسائية كقانون العنف، أو تلك الواردة في الدستور.. أعني هنا قانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والقانون الخاص بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز الذين يوجدان الآن بين يدي البرلمان.
ما نأسف له هو الإجهاز على مسار إيجابي للنهوض بحقوق النساء وحمايتها، والعودة إلى نقطة الصفر، من حيث المنطلقات والأسس الموجهة للوزارة الوصية، واعتبار أن القوانين عمل تقني يكفي أن نخرجه لحيز الوجود، لنقول إننا نتوفر على تشريع بخصوص كذا أو كذا، في حين أن القوانين ليست عناوين وموادا، بل رؤية ومقاربة يجب أن تستجيب لتطلع الأطراف المعنية إلى الملاءمة مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب وعكسها الدستور روحا ونصوصا.
+ نعتت الحركة النسائية بالمغرب قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز الذي أعدته وزارة بسيمة الحقاوي بـ "الرديء والمتكلس"، هل تشاطرون النسيج الجمعوي النسائي هذا الرأي؟ ولماذا؟
- بالطبع، إننا، كجزء من دينامية الجمعيات والتحالفات والشبكات النسائية والحقوقية والتنموية والأمازيغية الديمقراطية "من أجل هيئة للمناصفة ومكافحة التمييز مستقلة وقوية وناجعة" لا يمكننا إلا أن نشاطر هذا الرأي. إننا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب كمنظمة من بين الجمعيات النسائية الديمقراطية التي أولت لتفعيل الدستور كل الاهتمام، لاسيما الفصلين 19 و164 منه منذ انطلاق مسار التفعيل، بل كان مطلبا من مطالبنا، وقدمنا اقتراحاتنا بصدده في إطار الدينامية من أجل آلية مستقلة قوية ناجعة، تتحدد مهمتها في الحماية والنهوض بالحقوق الإنسانية للنساء وما يتطلبه ذلك من صلاحيات التتبع والاقتراح والاستشارة والدور الشبه القضائي ناهيك عن الاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية. إننا نعتبر أن ما يتم الآن مناقشته في لجنة القطاعات الاجتماعية التي أحيل عليها مشروع القانون 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز هو نص أجوف وهجين، بعيد كل البعد عن نص وروح الدستور.
+ ما هو السبيل لإقرار قانون متكامل البنيان، ينظم بموجبه هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز في ظل توجه حكومي "محافظ" يناقض ويعاكس التزامات المغرب في انخراطه ضمن قافلة الدول المؤمنة بالحقوق والقيم الكونية؟
- بالفعل من الصعب أن نطلب من الذي يحمل نظرة محافظة لنصف المجتمع ويحدد الأدوار، ليس من منطلق المواطنة الكاملة، ولكن من منطلق تنميط يفصل بين النساء والرجال في الفضاء الخاص والفضاء العام ويكرس ممارسات لا علاقة لها بالقرن 21، لكن في نفس الوقت نقول أن لا أحد يستطيع أن يشرع خارج الدستور، باعتباره أسمى تشريع للبلد. من هنا ترفض الحركة النسائية كل النصوص غير الملائمة للدستور وللمواثيق الدولية؛ فطالما أن الهيئة لم يأت قانونها ملائما للدستور وللمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب وللتطور الذي يعرفه المغرب في إرساء مجتمع يتساوى فيه المواطنون والمواطنات سننهج كل السبل من أجل هيئة تؤسس للمساواة، على رأسها الترافع أمام المؤسسة التشريعية، التي ننتظر منها أن لا تضيع موعدها مع التاريخ. في هذا الإطار اسمحوا لي أن أذكر برأي لجنة البندقية التي عرض عليها مشروع القانون والتي جاء في الفقرة 15 من رأيها "أن هدف الهيئة هو إقامة المساواة، بينما تظل المناصفة مدخلا فحسب لتطبيق مبدأ المساواة في بعده الكمي".