Tuesday 15 July 2025
سياسة

المانوزي: الحق في معرفة الحقيقة في زمن الرعب والإخلال بالتعاقدات الوطنية

المانوزي: الحق في معرفة الحقيقة في زمن الرعب  والإخلال بالتعاقدات الوطنية

بمناسبة حلول اليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة، الموافق ليوم 24  مارس، حرر مصطفي المانوزي  مقالة، توصلت "أنفاس بريس"، بنسخة منها، جاء فيه ما يلي:

كان الإرهاب مجرد وسيلة لتبليغ رسائل معينة وتقديم مطالب وللابتزاز ، لكن الآن صار القتل الجماعي يتم مباشرة دون سابق إنذار وبالتالي لا يعقل اعتباره إرهابا أو ترهيبا ، إنه جريمة كاملة العناصر من سبق إصرار وترصد ، لذلك ينبغي فهم أن كل العمليات التي تجري في البلدان المجاورة وتحصد الأرواح وتخرب الممتلكات وتخلق الرعب في النفوس فيها ، هي إرهاب مادي وحقيقي ، يمارس في حقنا يوميا ويؤثر على وضعنا السيكولوجي ، غير أن ثماره الإجرامية تجنيها لوبيات السلاح وتجار « الأمن » العابرون للقارات . وهو ما يقتضي ربطه بما يطرأ من مناورات جيوسراتيجية / إقليمية ودولية تجاه كل ما هو مرتبط بالسيادة الوطنية ، من سياسة مالية واقتصادية أو وحدة ترابية ، مما يستدعي كثير من اليقظة ، وعوض أن تواكب الحكومة الوضع وفق ما تتطلبه درجة المخاطر المحذقة ، نسجل الحرب التشريعية والاقتصادية على كرامة المواطنين وقدراتهم الشرائية كعنوان للهجمة الشرسة على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية ، غير آبهة بالتيه والإحباط الذي ينتاب الشعور الوطني والرأي العام ، فليست الانتظارية والتجريبية والتيئيس سوى أحد مظاهر حالة الترقب القصوى وفوبيا التوقع السلبي تجاه المستقبل والمجهول .

إن المغرب على فوهة بركان ، والسياسيون لا تهمهم سوى المصالح الحزبية الضيقة ، والجميع حجز تذكرة السفر نحو التنافس على بضعة عشرات المقاعد في مجلس النواب ، والصراع السياسي والثقافي في الدرك المبين ، فعزاؤنا واحد في حق الخزينة العمومية التي تضخ الملايير من أجل حملة وهمية لاستقطاب المصوتين والمرشحين ، والحال أن الخريطة السياسية كالعملة الوطنية ، لا تتغير ، اللهم في القيمة التبادلية ، والمد المحافظ في تصاعد بحكم مقصلات الإعدام التي نصبها العهد البائد ضد كل ما هو تنويري ومفيد لتقدم الوطن ورفعته ، لكن ومهما كانت الظروف والملابسات والوسائل ، فإن تحصين المكتسبات يفرض نفسه بتقوية الجبهة الداخلية وتصفية الأجواء السياسية والبيئة الحقوقية ، وبارساء ضمانات عدم التكرار ، بما سن استراتيجية عدم الإفلات من العقاب ، وبما تستغرقه من ضرورة ربط المسؤولية والممارسة بالمحاسبة ، وإقرار أمن قضائي مؤطر باستقلالية حقيقية وبحكامة أمنية رشيدة ، ودون هذا ، فالثقة في طريقها نحو الاندثار ، والسياسة في طور الاحتظار ، ولأن الوطن في حاجة إلى دولة قوية ومجتمع متماسك ، فليس القانون وحده يؤمن المسالك ، فالمسؤولية الاجتماعية شرط لكل اطمئنان ، فإذا غابت السكينة ، وسيطر الخوف ، وتماهت المسؤوليات والصلاحيات فيما بين القائمين على السلطة التنفيذية ، عمت الفوضى وانتعشت العدمية وعدم الانضباط .

ألسنا نعيش وضعا قلقا ، يطوقنا بين الإحساس بالتوجس والشعور بالتيه في ثنايا حالة الاستثناء ، وكلاهما أفظع من زمن الرعب والإرهاب ، خاصة وأننا نرهن غابة الوطن كلها حطبا وثمنا ، من أجل أن تفرز لنا الطبخة غرفة تسجيل ، تتمخض عنها أغلبية بشرية ، فيتولد عنها حزب أول يتبرع علينا بزعيم مرشح لكي نسميه ، ضمن حفل عقيقة نسبية ، على إيقاع الحقيقة النسبية ، رئيسا للحكومة ، يختار فريقه جزافا دون مراعاة لدمقراطية الاقتراع ، يبرم تعاقدات ويوزع صكوك الغفران وحصانة الجلاد في مجال القمع والاقتصاد ، تنتهي الطقوس وتهدأ النفوس الأمارة بسوء النية ، وتفسخ جميع التسويات ، لا مصالحة ولا حقيقة  ولا إنصاف ، ونعود الأدراج في انتظار موعد جديد ، موسم الهجرة نحو الحصاد.