الاثنين 29 إبريل 2024
سياسة

هذا ما قررته محكمة النقض في قضايا الشغب وفك الاعتصامات وزيادات وكالات الماء والكهرباء والطبيبات

هذا ما قررته محكمة النقض في قضايا الشغب وفك الاعتصامات وزيادات وكالات الماء والكهرباء والطبيبات

كشف الأستاذ مصطفى فارس، رئيس محكمة النقض، عن عدد من القرارات التي أصدرتها المحكمة خلال سنة 2015، وأبرزها:لا حصانة لأي قرار إداري من الخضوع للرقابة القضائية مستندة في ذلك على دستور المملكة في مادته 118 ومؤكدة أن دعوى الإلغاء بطبيعتها دعوى قانون عام يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح يجيزها.

وأبرزت محكمة النقض، في قرار هام، أن مسؤولية الدولة عند الامتناع عن فك الاعتصامات وعن أخطاء الأجهزة المكلفة بحماية الأمن العام تتطلب أن تكون على درجة كبيرة من الجسامة بالنظر إلى دقة عملها والأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقها والإكراهات التي تشتغل في إطارها وتفرض عليها الملاءمة بين التدخل لحماية سلامة الأشخاص وأقربائهم وممتلكاتهم باعتبارها حقوقا دستورية، وبين أن يكون تدخلها غير ماس بالحريات والحقوق المكفولة قانونا لمن تم التدخل لمواجهتهم مع الأخذ بعين الاعتبار لظروف الزمان والمكان، لتخلص بعد ذلك محكمة النقض في قرارها إلى أن امتناع تلك الأجهزة عن التدخل أو تأخرها في ذلك بشكل غير مبرر أو تدخلها بشكل سيء، يرتب مسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة عن ذلك، معتبرة التأخر في التدخل يتحقق عندما تستنكف تلك الأجهزة لمدة غير معقولة عن القيام بواجبها لحماية الحقوق المذكورة دون مبرر مقبول.

وحماية لملكية الأفراد والجماعات، أكدت محكمة النقض، في قرار آخر، أن الأضرار التي يتعرض لها الخواص الناجمة عن أعمال الشغب التي تقوم بها جماعات تحركها قناعات مشتركة تنمحي معها شخصية كل واحد فيها وذلك بشكل علني مرفوق بمظاهر العنف والتي يكون الهدف منها ضرب استقرار الدولة وزرع القلاقل فيها والمس بأمنها، فإن الدولة تسأل عنها في إطار التضامن الوطني بصرف النظر عن قيام الخطأ في جانب مرفق الأمن من عدمه.

واعتبرت محكمة النقض، في أحد قراراتها، أن محكمة الموضوع لم تصادف الصواب، عندما اعتبرت الأجير قد غادر تلقائيا العمل. والحال أن الأجراء احتجوا على تشغيلهم فوق سطح المقاولة وتحت أشعة الشمس الحارقة أمام تعنت رب العمل في مواجهتهم. وهو ما اعتبرته هذه المحكمة طردا مقنعا وتملصا من المشغل من التزامه بالحفاظ على صحة وسلامة الأجراء، وهو مقتضى من النظام العام أكدته الاتفاقيات الدولية.

وحرصا من هذه المحكمة على ضمان الثقة العامة، وتكريسا لآليات جديدة في التنفيذ على أموال الدولة، فقد استقر قضاؤها على أن أموال أشخاص القانون العام يجوز الحجز عليها لدى الغير تنفيذا لأحكام القضاء متى كانت تلك الأموال غير مرصودة للسير العادي للشخص العام وكان حجزها لا يؤثر على استمرارية قيامه بالمهام المنوطة به.

وقررت محكمة النقض بأن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء قد تجاوزت في استعمال سلطتها عندما اتخذت قرارا انفراديا بتحديد مبلغ التعويض عن الأضرار الناجمة عن اختلاس التيار الكهربائي، في حين أن ذلك من صميم اختصاص القضاء الذي يرجع إليه في ظل ضمانات التقاضي المنصوص عليها قانونا.

واعتبرت المحكمة، الشركة المكلفة بالطريق السيار مسؤولة عن تسييج هذه الطرق لمنع الحيوانات من ولوجها والمس بسلامة المسافرين، ورتبت على ذلك خطأها المرفقي، مستبعدة أن يكون هذا الولوج حادثا فجائيا لا يمكن توقعه.

وفي مجال التأمين، أصدرت محكمة النقض قرارا، اعتبرت فيه سماح إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة لشاحنة بالدخول إلى التراب المغربي وهي لا تتوفر على تأمين دولي أو البطاقة الخضراء، خطأ مرفقيا تسأل عنه وتتحمل بسببه أداء التعويض عن الأضرار اللاحقة بالأشخاص الذين أصيبوا في حادث تسببت فيه الشاحنة المذكورة.

وفي مجال قواعد السلامة العامة، قررت محكمة النقض أن الوكالة الوطنية للموانئ مسؤولة عن الحوادث التي تقع بالحوض الجاف التابع لها باعتبارها مؤسسة عمومية، وجعلت ذلك من الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية بالبت فيها.

وفي مجال الصفقات العمومية، اعتبرت محكمة النقض أن الإدارة صاحبة المشروع يجب عليها الوفاء بالدين كلما تقدمت الأشغال بالنظر إلى الطابع الملزم للصفقة التي تربطها بالمتعامل.

وأكدت محكمة النقض، بشكل صريح، أن مبدأ تكافؤ الفرص يقتضي معاملة جميع الموظفين على قدم المساواة، وأيدت قرار المحكمة التي ألغت مقرر الإدارة بعلة أن تعيين بعض الطبيبات بالقرب من بيت الزوجية بدون تبرير ودون خضوعهن لإجراء القرعة، ورغم أن المطلوبة في النقض لها نفس ظروفهن يعتبر خرقا للفصل 12 من الدستور.

واعتبرت هذه المحكمة، في قضية تتعلق بالغش في الامتحان، أن حقوق الدفاع تكون قد خرقت بشكل جوهري عندما تم الاكتفاء بتحرير محضر ضبط الغش في الامتحان في حق إحدى الطالبات، وتم اتخاذ قرار في حقها على ضوئه دون عرضها على المجلس التأديبي كما يقتضي ذلك المرسوم.

أما في مجال حماية البيئة، فاعتبرت محكمة النقض، أن محكمة الموضوع كانت على صواب عندما استندت على خبرة فنية أثبتت وجود ضرر ناتج عن انبعاث غازات صادرة عن معامل المكتب الشريف للفوسفاط وأن هذه النفايات تنتهي بالتساقط على أوراق النباتات وعلى أراض الجوار، مرتبة بذلك مسؤولية هذه المؤسسة عن أداء التعويض للمتضررين.

وفي مجال العدالة الاقتصادية وحماية للمستهلك، لاحظت محكمة النقض استمرار بعض الأبناك في احتساب الفوائد بشكل تعسفي على الحسابات البنكية غير المتحركة، فأصدرت في سابقة هامة قرارا يوجب على البنك قفل الحساب الجاري الذي لم يعد يعرف حركيته العادية حتى لا يستمر في إنتاج فوائد بنكية، ومن ثم لم يعد بإمكان البنك أن يبقى هو المتحكم بإرادته المنفردة في تحديد تاريخ الإقفال، وإنما لوضعية الحساب الذي يسهل على البنكي معرفتها، وهي خاضعة في ذلك لمراقبة القضاء.

وتأكيدا منها لحجية الإثبات الإلكتروني، وتفاعلا مع التطورات المتسارعة التي فرضتها العولمة وتكنولوجيا الاتصال، أكدت محكمة النقض مرة أخرى توجهها السابق، حيث جاء في قرارها أن الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية تعد وسيلة إثبات مقبولة متى كان متوفرا بصفة قانونية التعرف على الشخص الذي صدرت عنه وتكون معدة ومفوضة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها.

ونصت محكمة النقض على أن الدستور المغربي، ولئن كان يضمن ممارسة حق الإضراب من أجل الدفاع عن الحقوق المشروعة للعمال، فإن قيام الأجراء بحجز الشاحنات والاحتفاظ بمفاتيحها قصد الضغط على المشغلة بإصلاحها يشكل عملا غير مشروع.

أما في مجال الأمن الأسري، فأقرت محكمة النقض، موقف محكمة الموضوع في توجهها حين اعتبرت بأن الزوجة لما بذلت مجهودا في اقتناء بيت الزوجية بتكليف من الزوج نفسه فإنها تستحق عنه التعويض في إطار اقتسام الأموال المكتسبة.

ولمواجهة بعض الظواهر السلبية الدخيلة على مؤسسة الزواج، قررت محكمة النقض في نازلة عرضت عليها، عدم وجود ما يسمى بالزواج الصوري في القانون المغربي ورتبت تبعا لذلك كافة آثار الزواج الصحيح مستبعدة الادعاء بالصورية.

وسيرا على نهجها في حماية حقوق الطفل ومصلحته الفضلى، فقد رفضت محكمة النقض طلب إسقاط الحضانة الذي تم تبريره بعلة أن استقرار المحضون مع والدته ببلدها الأصيل ومتابعته لدراسته الابتدائية معها، وهي التي لم يسبق أن أقامت بالمغرب، لا يمكن اعتباره انتقال مع المحضون للإقامة بالخارج وأن مصلحة المحضون تكمن في البقاء مع أمه إلى أن يبلغ سن الاختيار.

كما أسست محكمة النقض لموقف قضائي هام بخصوص قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال غير المميزين وانتهاك براءتهم، والتي تتسم بصعوبة إثباتها وإثبات ظروفها المشددة، حيث حسمت النقاش القضائي معتبرة هذا الفعل جناية وليس جنحة، لأن ظرف العنف يكون مفترضا وثابتا مهما كانت الظروف في جرائم هتك عرض القاصرين غير المميزين الذين لا يمكن أن ننسب إليهم أي رضى أو قبول.