الأربعاء 15 مايو 2024
سياسة

محمد خالد رئيس المجلس العلمي بسطات: السيرة المحمدية في غاياتها الإصلاحية ومقاصدها البانية هي أعظم مدرسة

محمد خالد رئيس المجلس العلمي بسطات: السيرة المحمدية في غاياتها الإصلاحية ومقاصدها البانية هي أعظم مدرسة

في تقديمه ل "كتاب  محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وحقيقتها من خلال كتاب الشفا للقاضي عياض، الذي ألفته زينب الذهبي، ذكر  الأستاذ محمد خالد "من أراد أن يرى رسول الله، فلينظر إلى القرآن، فإن نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه والنظر إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكأن القرآن انتشا صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد الله بن عبد المطلب".. وهكذا فالمنتشي بهذا الفيض الروحاني الباحث في السيرة النبوية ذ/ محمد خالد رئيس المجلس العلمي عبر عن امتنانه وخيره تبارك وتعالى، أن فيض التئام  الملتقى المبارك للسيرة النبوية العطرة بسطات يوم الثلاثاء 10 فبراير 2015 في موضوع "التأسي الهادي والتجلي الباني" انطلاقا من قوله تبارك وتعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله  واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". وألقى  بالمناسبة كلمة افتتاحية جاء فيها ما يلي:

"ينظم هذا اللقاء الفكري برعاية المجلس العلمي الأعلى – الأمانة العامة – في يوم محجل أغر. سيد ولد آدم وصفوة الأكوان والخلائق. خصه تبارك وتعالى بمزايا وشمائل وخصائص تجل عن العد والحصر، ومدحه بمناقب عديدة، وذكره في القرآن الكريم بأسمى الصفات وأنبلها "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" الأنبياء 106. ووصفه بأنه النور الهادي للحق "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا" الأحزاب 45- 46. لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم تطبيقا لمبادئ الإسلام وترجمانا لمعاني القرآن. وصفته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها " كان خلقه القرآن". وحض الله تعالى المسلمين على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه القويم.

قال سبحانه "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب"الحشر 07. وقوله عز وجل "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" آل عمران 31 .

وشرح أهمية دراسة الهدي النبوي وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم واعتبرها من  أعظم جلائل الأعمال ومعالي الأفعال، لأهميتها البالغة لكل مسلم لأنه يحقق غايات وأهدافا. من أهمها: اتخاذ المصطفى القدوة البانية، من خلال معرفة شخصيته العظيمة، بدقائقها وتفاصيلها وأقواله وأعماله وتقريراته، وتمحض المسلم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتقويها وتنميها "لا أحد يجهل أهمية دراسة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. فما من مصلح في دنيا الإسلام قام بإصلاحه إلا وهو يستحضر عمل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. كيف بدأ عمله الإصلاحي، وكيف أخرج الناس من ضائقة الجهل، وتخلف الفكر إلى الفضاء الأرحب الأوسع إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، هي  قصة ميلاد الإسلام ونمو هذا الإسلام وتطور هذا الإسلام إلى أن اكتمل. ففي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام إشارة إلى هذا الميلاد، العلامة الدكتور الأديب سيدي محمد يسف. كما يصف الدكتور أحمد التوفيق السيرة النبوية بقوله "وهي أكمل السير لارتباطها بوحي محفوظ وأعظمها أثرا في التاريخ لأنها شملت جوانب البناء العقدي والحضاري في جهاد سلمي دفاعي طالب بحرية التواصل والتبليغ، وتأسيس جماعة الإيمان... فالسيرة تستدعي المدارسة المستمرة لان أهميتها أو قل مركزيتها مستمدة من طابعها المؤسس من جهة، ومن استمراريتها في حياتنا نحن المسلمين". ويضيف ضمن إشراقاته الفكرية قوله: "موضوع السيرة النبوية، يقتضي العناية اللائقة المتواصلة، لما له من أهمية علمية وخطورة عملية".

إن التعمق في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم منهل عذب، سقيا صفاء النفس والوجدان. حيث يتعرف القارئ والمهتم على خلق الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة ورحمته الواصلة.

ووقف الدكتور محمد خالد على علم السيرة النبوية، فقال بأنه يعد بعد كتاب الله من أجل العلوم قدرا وأرفعها شأنا وأغزرها فائدة. قال الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله "في علم السيرة والمغازي علم الدنيا والآخرة". وفي سياق الإقبال على طلبه والحث على كسب مسائله. أنشدوا  "المصنفات المغربية في السيرة النبوية ومصنفوها، (الدكتور سيدي محمد يسف ص07).

ويستطرد في شرحه بأن السيرة المحمدية في غاياتها الإصلاحية ومقاصدها البانية هي أعظم مدرسة، بعد كتاب الله تعالى في صناعة الإنسان وبناء شخصيته، وهي مرتكز تشكيل وعيه وصياغته من جديد. من ثمة "كانت على الدوام مطمح أنفس المصلحين ومناط آمالهم ومنهل استمدادهم". فهي منظومة نسقية إجرائية مزكاة من الخالق سبحانه، الذي زكى حال نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم. قال تعالى "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا" الفتح الآية 29. وقال صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني تم الذين يلونهم تم الذين يلونهم. سيرة النبي صلى الله عليه وسلم النموذج الأمثل لتطبيق دين الله تعالى، لكن لن يفقه المرء السيرة حقا إلا إذا درس القرآن الكريم والسنة المطهرة، وبقدر ما ينال من ذلك ويدرك ويستوعب تكون صلته بنبي الإسلام.

وعرج رئيس المجلس العلمي لسطات، في الختام، على ما يزخر به التراث المغربي في حب الرسول  فأشار بأنه من نافلة القول "ما تغنى شعب بحب المصطفى مثل ما تغنى المغاربة، وما ضرب أحد مثالا أرقى وأمثل مثلما ضربه المغاربة في حب سيدنا محمد. والشعر المغربي بامتداده الأندلسي المعني بوصف الرحلة إلى الحج وإلى المشرق عموما. حافل بتباريح الوجد ولوعة الشوق إلى ديار الحبيب سيدنا محمد عليه السلام، بما لم يعرفه شعب من الشعوب". وذكر ما ورد في "كتاب الشفا" للقاضي عياض "اعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه، وكان مدعيا. فالصادق في حب النبي، من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه. وشاهد هذا قوله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" آل عمران الآية 31...

وأضاف بأنه تجدر الإشارة إلى إجماع الباحثين والدارسين والمهتمين بتيمات السيرة النبوية المطهرة على القول بأن المؤلفين: الرواية المغربية للسيرة النبوية والمصنفات المغربية في السيرة النبوية ومصنفوها، للعلامة الأديب الدكتور محمد يسف. قطب السيرة النبوية وعميدها، مصدران قيمان يستجليان مناحي مهمة  في شساعتها وامتداداتها التراثية والثقافية للمغاربة في السيرة النبوية، وتحيل من خلال الرجوع إليها، على مصادر إسنادية نفيسة، غاية في الأهمية والفرادة، وعلى ذخائر من أسفار"...