مع الأسف الشديد، ساهم انتشار الرقمنة وأنماط التواصل الجديدة الوسائل الرقمية في غياب الحوار الأسري. إن الحوار يكتسي دورا جوهريا في نجاح الحياة الأسرية والتربية السليمة. كما أن الحوار يعد أساسا للتواصل السليم والجيد و وسيلة فعالة لتربية الأطفال تربية متوازنة، إذ يسمح للآباء بفهم سلوك أبنائهم مرافقتهم نفسيا واجتماعيا. كما يساهم الحوار في تقوية الروابط النفسية داخل الوسط الأسري وٱكتشاف المشكلات اليومية ومعالجتها بهدوء بعيدا عن النزاع والغضب.فالحوار المنتظم والمتبادل يعززسلطة الأسرة ومكانتها التربوية وتجعل منها قدوة حسنة للأبناء مما يرسخ قيم الاحترام والانضباط.. ويعتبر الحوار كذلك احد الدعائم الأساسية في عملية التربية.. فتربية الطفل لا تقتصر على تسجيله في المدرسة مع بداية كل موسم دراسي ،بل تتحمل الأسرة مسؤولية تربوية أخلاقية تبدأ بالحوار مع الأبناء سواء في المدرسة أو في البيت. فالتربية تنطلق أساسا من التواصل الجيد. فمن دون الحوارسواء في الفصل الدراسي أو البيت، لايمكن للحياة المشتركة ولا للحياة الإجتماعية ولا للتربية ان تسير بشكل سليم.فالحوار يعد عنصرا أساسيا لاغنى عنه لتحقيق تواصل جيد داخل الأسرة، و وسيلة لتبادل المعطيات والمعلومات وتقوية الروابط النفسية.
ان التواصل المنتظم بين الوالدين والأبناء يحقق توازنا نفسيا متبادلا، ويعزز التفاهم يساهم في خلق بيئة سليمة تسودها الثقة والطمأنينة.
إن غياب الحوار يؤدي إلى سوء الفهم والتوثر وٱنعزال بعض أفراد الأسرة خاصة الأطفال مما ينعكس سلبا على توازنهم النفسي وسلوكهم الاجتماعي. كما أن النجاح المدرسيىلايعتمد اساسا على جودة التعليم بل على جودة العلاقة بين مكونات الأسرة القائمة على الثقة و الإنصات والدعم.
إن العلاقة الجيدة بين الآباء والأبناء ضرورية لكنها تساهم في الدعم العاطفي الذي يمنح الطمأنينة للأطفال وتعزز الحوار ودافعية الطفل للتعلم، لأن ٱنخراط الآباء في المسار الدراسي لابنائهم وٱهتمامهم بأنشطتهم وتقديرهم لجهودهم، يطور حس المسؤولية لدى الأطفال تجاه واجباتهم.
ولكي نحافظ على علاقة إيجابية مع الأطفال، لابد من الإستماع إليهم بجدية وقضاء وقت نوعي معهم والتواصل المستمر مع الوسط المدرسي من أجل مرافقة أفضل المسار الدراسي للأطفال.
وصفوة القول، الانسجام الأسري لا يتحقق بالصدفة، بل هو ثمرة حوار قائم على الاحترام المتبادل. ورغم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بمل أشكالها، يظل الحوار داخل الوسط الأسري ضروريا داخل الأسرة لتحقيق الانسجام وبناء علاقات حقيقية مبنية على الإصغاء والتفاهم والرفاه العاطفي للأطفال.
خليل البخاري، باحث تربوي

