ككل سنة يخلد المجتمع الدولي يوم 10 دجنبر ، اليوم العالمي لحقوق الانسان ، الذي سبق أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من دجنبر 1948 ، عندما تبنت الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان .
روزنامة من الفعاليات و الأنشطة تنظم ببلادنا بمناسبة هذا اليوم ، لا فرق في ذلك بين الفاعل المؤسساتي و الفاعل المدني . من المؤكد بأن البيئة الحقوقية ببلادنا اليوم ليست في مستوى التضحيات الجسام التي قدمها المغاربة نساء ورجالا، لكنها في المقابل ليست سوداوية مقارنة بزمن الجمر والرصاص الذي وقع توافق تاريخي على طيه.
صيانة المكتسبات الحقوقية التي راكمتها بلادنا رغم كل العثرات، مسؤولية مشتركة . إنها جزء من معركة الجهاد الأكبر . ولأن بلادنا تواجهها حزمة من التحديات ، فإن النجاح في التغلب عليها له أكثر من مدخل ، لعل المدخل الحقوقي واحدا منها . لذلك ترى الأصوات الحقوقية والديمقراطية بأن اسْمنت التعبئة المجتمعية لمواجهة كل التحديات يستدعي تنقية البيئة والأجواء الحقوقية من الشوائب التي تلوثها، وهي كثيرة .
من بين الأوراش التي تنتظر بلادنا خلال سنة 2026 ، تمثل أمامنا الاستحقاقات الانتخابية . تحدي ضخم، ورقم في معادلة وطنية وسياسية كبرى. لكن هل من السهل تعبئة المغاربة من أجل مصالحتهم مع صناديق الاقتراع أمام بشاعة الصور التي رسمتها أمام أعينهم ممارسة فئة عريضة من المنتخبات والمنتخبين، انتهت بحفنة منهم بالاستقرار وراء القضبان حيث تسلب الحرية، أما ما خفي فأعظم ؟
من جميل الصدف هذه السنة ، تزامن تخليد المغرب لليوم العالمي لحقوق الانسان مع الاستعداد للاستحقاقات التشريعية . تزامن يذكرنا بأن التصويت/المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية هو حق من حقوق الانسان . و من باب التذكير فإن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة ، فهي جميعها متأصلة في كرامة كل كائن انساني . وتبعا لذلك فإن كل هذه الحقوق ( الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية) تتمتع بوضع متساو كحقوق ، وليس ثمة تراتبية في حقوق الانسان .
من جميل الصدف هذه السنة ، تزامن تخليد المغرب لليوم العالمي لحقوق الانسان مع الاستعداد للاستحقاقات التشريعية . تزامن يذكرنا بأن التصويت/المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية هو حق من حقوق الانسان . و من باب التذكير فإن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة ، فهي جميعها متأصلة في كرامة كل كائن انساني . وتبعا لذلك فإن كل هذه الحقوق ( الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية) تتمتع بوضع متساو كحقوق ، وليس ثمة تراتبية في حقوق الانسان .
الحق في التصويت يكفله الاعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 21) التي تنص على أن " لكل فرد الحق في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة لبلاده ، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يُختارون بحرية " . كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أكد في مادته 25 على حق كل مواطن في التصويت و الترشح في انتخابات "نزيهة تجري دوريا على أساس الاقتراع العام والمتساوي " . أما بالنسبة لدستور 2011 فإنه ينص في فصله 30 على أن " لكل مواطنة ومواطن ، بلغ سن الرشد القانونية الحق في التصويت والترشح للانتخابات ..."
لكن كيف للمواطن(ة) المغربي(ة) وخصوصا الشباب أن يمارسوا حقهم/ن في التصويت في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ( التشريعية في أول الترتيب) التي يؤطرها سياق يضج بالتحديات والرهانات ، وهو غير مسجل في اللوائح الانتخابية ! كيف للشباب بالدرجة الأولى أن يظل خارج رسم معالم مستقبله ، وهو غير مشارك(ة) في حقن الديمقراطية التمثيلية بجرعات من الأمل ، وتحصينها من كل افساد قد يلحقها ؟
من المؤكد بأن هناك حزمة من المبررات قد يتحصن بها الشباب وغيرهم من المواطنات والمواطنين الذين يرفضون التسجيل في اللوائح الانتخابية ، وبالتالي رفض أي مشاركة في الاستحقاقات الانتخابية ، لأنها لم تعد مجدية . وأكبر دليلهم/ن على ذلك ، المشهد الحزبي الذي يوجد تحت درجة الصفر من الجدية. ترافع سليم ومقنع ، ولا أدل على ذلك الغياب التام لهذه الأحزاب ومنظماتها الشبابية عن تعبئة الشباب للتسجيل في اللوائح الانتخابية التي حدد وزير الداخلية فترتها من فاتح دجنبر الجاري إلى 31 منه . فتور غريب بعد أن كانت هذه المحطة قبل أقل من عقدين ، تعيش جوا استثنائيا يتميز بالتعبئة الشاملة التي تخلقها المنظمات الشبابية الحزبية في صفوف الشباب ، وعيا منها بأن الأمر يتعلق بحلقة من حلقات استراتيجية النضال الديمقراطي .
لكن اليأس ومغادرة حلبة الصراع لا يصنعان المستقبل ، بل يكرسان الواقع المرير ، وهو الوضع الذي يجتهد المركب المصالحي الاداري الاستغلالي الحفاظ عليه ، لأنه أكبر مستفيد منه ، و عبره يتغول على البلاد والعباد .
إن تغيير أوضاع البلاد الصعبة التي يعتبر الشباب أول ضحية للسياسات العمومية الوطنية أو الترابية التي يتم تنزيلها من طرف المؤسسات المنتخبة على مختلف مستوياتها ، لا يمكن أن ينجزها التماسيح والعفاريت ، ولكن ذلك صناعة بشرية تمر عبر حلقات ، لعل أولها التسجيل في اللوائح الانتخابية التي تعتبر آلية للولوج لتفعيل الحق في المشاركة في صناعة القرار .
إذا كانت جمعيات المجتمع المدني مقتنعة بأن آليات الديمقراطية التشاركية كما حددها المشرع شبه مشلولة ، وذلك لعدة أسباب ، يتربع على عرشها الشلل الذي تعرفه الديمقراطية التمثيلية ، فهذا المعطى وحده كفيل بأن يحفز الشباب على التسجيل في اللوائح الانتخابية قبل نهاية هذا الشهر . خطوة لابد منها اليوم ، ولكل حادث حديث غدا ، وكل يوم عالمي لحقوق الانسان و التجزيئ بين مختلف الحقوق مرفوض. ليس هناك حق كبير وآخر صغير. حقوق الإنسان متساوية. إنه تذكير من الأبجديات .