Thursday 2 October 2025
كتاب الرأي

نور الدين الطويليع: في الحاجة إلى التربية على القيم النبيلة لمؤسسة الأسرة والمدرسة العمومية

نور الدين الطويليع: في الحاجة إلى التربية على القيم النبيلة لمؤسسة الأسرة والمدرسة العمومية نور الدين الطويليع
ما نشاهده من خرجات فيسبوكية مرئية ومسموعة لشباب متحمس، يضعنا في صورة واقعِ جيلٍ، تربى بعيدا عنا، وأخذ لنفسه مكانا قصيا، حَصَّنَهُ بمتاريس تلقيه الخاصة التي تستقي منابعها من عَالَمٍ افتراضي مبهم، لا يعترف بالحدود، ولا يقيم لها وزنا... يكفي أن يشاهد أحدهم حالة في بلد من البلدان، ليفكر في استنساخها وإعادة إنتاجها بسذاجة طفولية.

ما نلاحظه الآن من تمرد على قيم المجتمع الآمن، بدأت شراراته منذ سنوات، وكان مسرحه المدرسة التي ناءت كثيرا بحمل ثقيل، وظلت تصارع من أجل البقاء في مواجهة التيار الجارف، ولم يسلم البيت من هذا التمرد، فكثير من الآباء تجرعوا مرارة هذا المد، وعانوا من جنوح أبنائهم وانطمارهم في عالم المهلوسات والمخدرات بشتى أنواعها، ووصل الأمر بالأغلبية المطلقة منهم إلى تقديم استقالتهم الاجتماعية والاكتفاء بالمتابعة الساخطة والإحساس المتبرم.
هذه الجرأة امتداد لسابقاتها، فإحراق سيارات الأمن والمؤسسات سبقه إحراق مؤسسة الأسرة ومؤسسة المدرسة ومؤسسة الأعراف الاجتماعية، والمطلوب الآن هو انخراطنا جميعا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، انخراط الأفراد،  الجمعيات، الأحزاب، مؤسسات المجتمع المدني في التأطير والتوجيه، واستشعار الواجب الوطني الذي يحتم على الجميع إنكار الذات والتضحية من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل.

لا بد أن تأخذ المدرسة كذلك زمام المبادرة، وأن تطلق مشروعا تربويا شاملا لتأطير أبنائها وتوعيتهم بمسؤولياتهم القانونية والإنسانية والوطنية ...، صحيح هناك برامج الآن، هناك مبادرات حققت نجاحا ملموسا، لكن المطلوب هو التعميم، فكل متعلم يجب أن يوضع في بوتقة الأنشطة التربوية الهادفة إلى ترسيخ السلوك المدني وغرس القيم الوطنية والإنسانية.

لقد ابتعد عنا هذا الجيل كثيرا، وابتعدنا نحن كذلك عنه، وآن الأوان لنلتئم على مائدة القيم، ونأخذ بالأيدي نحو شاطئ الأمان، وكل تقاعس منا وإصرار على القطيعة لن يؤدي بنا جميعا إلا  إلى مزيد من الخيبات.